الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٠٠ - الأربعاء ١٣ يونيو ٢٠١٢ م، الموافق ٢٣ رجب ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين

مؤتمر أمن الخليج يبدأ أعماله بمشاركة شخصيات مهمة ومفكرين دوليين
مناقشات حول تعزيز التعاون الخليجي والسياسات المشتركة.. والعلاقات مع إيران





أكد الدكتور محمد عبدالغفار مستشار جلالة الملك للشئون الدبلوماسية ورئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة ضرورة التعامل مع التحولات التي يشهدها العالم العربي ومناطق أخرى من العالم باستراتيجيات مستحدثة تتواءم وحجم تلك التحولات، وخاصة أن بعض تفاعلاتها أصبحت تؤثر على الأمن الداخلي والأمن الإقليمي لدول مجلس التعاون.

ورأى الدكتور عبدالغفار أن دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لدول مجلس التعاون للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد قد جاءت لتعكس تحولاً في الفكر الاستراتيجي لدول المجلس بما يتناسب مع متطلبات الأمن الوطني والأمن الإقليمي لهذه المنظمة الإقليمية المهمة قائلاً إن انتقال دول مجلس التعاون الخليجي من مرحلة التعاون إلى الاتحاد يمثل توجهاً إستراتيجياً لدى قيادات من دول مجلس التعاون بدعم من شعوبها التي تطمح إلى تحقيق التلاحم في مواجهة تحديات مشتركة جديدة لم تألفها المنطقة من قبل، فضلاً عن أن تلك الدعوة تعد إدراكاً واعياً بعمق التحولات الراهنة لهذه الدول التي يجمعها هدف ومصير واحد.

وأضاف الدكتور عبدالغفار إن المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المنطقة لا تقل أهمية عن التطورات السياسية؛ مما يحتم على دول المجلس أن تبادر إلى تطوير برامج التنمية البشرية وتبني الإصلاح الاقتصادي الشامل، والاهتمام بقطاعات الثقافة والتعليم؛ إذ إن دولنا أحوج ما تكون إلى نهضة فكرية تسهم في وضع أسس جديدة لحراك مجتمعي قادر على الانعتاق من الموروثات السلبية المؤثرة على تماسك المجتمع، وطرح معطيات جديدة تتناسب مع مستوى التحولات التي تمر بها المنطقة.

جاء ذلك في كلمة افتتح بها الدكتور عبدالغفار فعاليات مؤتمر «أمن الخليج العربي: الحقائق الإقليمية والاهتمامات الدولية عبر الأقاليم» والذي ينظمه مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة TASARED بالتعاون مع المعهد الملكي للدراسات الدفاعية والأمنية بالعاصمة البريطانة لندن ISUR» يومي ١٢-١٣ يونيو ٢٠١٢ بفندق سوفتيل بمملكة البحرين، بحضور الفريق ركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية بمملكة البحرين، والدكتور عبداللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، والأدميرال جون ميلر قائد الأسطول الأمريكي الخامس، والأستاذة سميرة رجب وزيرة الدولة لشئون الإعلام، والدكتور جوناثن آيال مدير دراسات الأمن الدولية بالمعهد الملكي البريطاني للدراسات الدفاعية والأمنية، والعديد من الشخصيات المدنية والأمنية والسفراء والإعلاميين.

وأشار الدكتور جوناثن إيال مدير دراسات الأمن الدولية بالمعهد الملكي للدراسات الدفاعية والأمنية ببريطانيا إلى الأهمية الاستراتيجية لمملكة البحرين في الأمن الإقليمي وعلاقات الصداقة البحرينية البريطانية التي تمتد عقودا من العمل المشترك من أجل استقرار الأمن في المنطقة متمنياً أن يخرج المؤتمر بنتائج مثمرة وأفكار بناءة تسهم وتخدم الاستقرار المنشود في المنطقة.

وقال الفريق ركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية بمملكة البحرين في كلمته أن الأوضاع الإقليمية التي نشهدها وعدم الاستقرار في بعض الأنظمة وصعود تيارات وتراجع تيارات أخرى شجّع بعض الدول ذات المطامع التوسعية على التمدد إقليميا وإعلاميا وعسكريا مستغلة الاضطرابات والتوترات.

واعتبرَ الشيخ راشد بن عبدالله التطرف المذهبي من أبرز مهددات أمن الخليج في ظل وجود أطراف دولية تغذي هذا التطرف وتدعو للتفرقة وتعمل على تسييس الدين واستغلال المذاهب لمبتغيات سياسية متطرفة خلقت حالة من الإرهاب تتبناه بعض الأطراف وهو ما يشكل تحدياً أمام إقامة الدولة العصرية المتسمة بالتعايش السلمي بين مختلف مكوناتها.

وأشار وزير الداخلية إلى استهداف دول الخليج العربي إعلامياً بتقارير منافية للحقيقة من مصادر لها رؤى بعيدة كل البعد عن الموضوعية والحياد، وهو ما يتطلب تبني مواقف خليجية جماعية لا تقتصر فقط على رد الاتهامات من وسائل الإعلام بل الإسهام الفعال في إظهار الحقائق والتأكيد على ضرورة أن يعكس الإعلام العربي الانتماء القومي للمنطقة ومراجعته لما يقدمه من مواد إعلامية تضر بالاستقرار.

وتطرق وزير الداخلية إلى تدريب بعض الجهات الخارجية لأبناء المنطقة على السعي إلى تغيير الانظمة ومقاومة الدولة ولعب أدوار سياسية تحت غطاء حقوق الإنسان، لافتاً إلى منظمات تعمل تحت شعار حقوق الإنسان لكنها تتبنى أجندات سياسية تستهدف دول الخليج العربي وتتغاضى في الوقت ذاته عن حقوق الإنسان في دول ومناطق أخرى مثل حقوق الفلسطينيين.

وتحدث وزير الداخلية عن الفترة العصيبة التي مرت بها مملكة البحرين والأحداث التي تكمن خطورتها في تأجيج المشاعر الطائفية وهو ما أنذر بدخول البلاد في دوامة صراعات أهلية لافتاً إلى الطبيعة الديمغرافية للبحرين التي ينذر فيها التأزيم الأهلي والطائفي بخسائر وطنية كبرى كان لا بد معه للدولة من التماسك وامتصاص حجم الفوضى ووضع حد مؤكدا التزام الدولة بحفظ أمنها واستقرارها ومؤكداً ضرورة التضحية بالتطرف لصالح الوطنية.

وتحدث الدكتور عبداللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عن دور منظومة التعاون الخليجي في حفظ أمن واستقرار الدول الأعضاء وكذلك الانتقال إلى مرحلة الإسهام الفاعل في الأمن العربي والإقليمي.

وأكد الدكتور الزياني أن مجلس التعاون لدول الخليج العربية بات بعد مرور ثلاثة عقود على تأسيسه أكثر قوة ويتحدث بلغة واحدة في معظم القضايا الإقليمية والدولية ويقوم بدور مؤثر وفعال إقليميا ودوليا، وأضاف أن دول التعاون تؤمن بأن أي اعتداء على أية دولة من دول المجلس يعتبر اعتداء على منظومة واحدة ويتم التعامل مع الاعتداءات بالتنسيق والتكامل والتشاور.

وعدَّد الدكتور الزياني أبرز المهددات والتحديات التي تواجه دول الخليج العربي من بعض دول الجوار مشيراً إلى أنه في الوقت الذي كان يجب أن تربط دول الخليج علاقات صداقة وحسن جوار بدولة مثل إيران إلاّ أن التصريحات الإيرانية الرسمية تشكل استفزازا مستمرا وتهديدا لدول الخليج العربية ولا تخدم مساعي الأمن والاستقرار، ثم لفت إلى الحركات المذهبية الطائفية التي تغذيها وتدعمها قوى إقليمية وأحزاب متطرفة والتي تهدد الاستقرار الداخلي لدول الخليج العربي، هذا إلى جانب سياسات بعض الدول الكبرى والدول الإقليمية الطامعة في إيجاد مركز جيواستراتيجي لها ولا تأبه بإذكاء النزاع الطائفي والمذهبي للوصول لمبتغياتها.

وقال الزياني إن احتلال اسرائيل لأراضٍ عربية بالقوة يمثل تحديا أمام المنظمات الدولية ومدى مصداقيتها وحياديتها كما يمثل تهديدا صريحا للمنظومة العربية بأكملها بما فيها دول الخليج العربي.

وتناول الأدميرال جون ميلر قائد الأسطول الأمريكي الخامس موضوع التعاون بين مملكة البحرين ودول الخليج والقوات الأمريكية للحفاظ على أمن المياه وضمان تدفق الملاحة وحركة السفن في بيئة آمنة لاسيما مع تنامي ظاهرة القرصنة والإرهاب ويرى الأدميرال ميلر أن العمل المشترك كفيل بالسيطرة على تلك الظواهر.

وتناولت الأستاذة سميرة رجب وزيرة الدولة لشئون الإعلام دور وسائل الإعلام الجديدة التي تخلق جوا من الفوضى بلا أية قيود في أطر غير قانونية واستغلال هذه الوسائل سياسيا للإطاحة بمكتسبات الدولة بالنشر المنظم لسيل من الأخبار غير المراعية للدقة والمصداقية، كما عرجت على استغلال منظمات حقوق الإنسان المسيسة الفوضى الإعلامية في صالحها متسائلة عن حق الدولة في حماية نفسها من المعلومات المغلوطة والحرب الإعلامية الموجهة ضدها، لافتةً إلى الوسائل التي تحمي بها الدول الديمقراطية الكبرى نفسها من انتهاك أمنها وسيادتها على حساب «حرية التعبير» التي اختلطت - حسب وصفها - مع الفوضى بلا قيود وحدود.

بعدها بدأت جلسات المؤتمر لمناقشة محاور مختلفة بدءا بجلسة حول السياسات الأمنية الغربية في منطقة الخليج العربي التي ناقشت تعزيز آليات التعاون بين هذه الدول في ظل بروز المستجدات التي تشهدها المنطقة العربية، وتناولت العلاقات المستقبلية بين الولايات المتحدة وبريطانيا والخليج ودور الغرب ومشاركته في استقرار منطقة الخليج ومدى تأثلار العلاقات التاريخية بالتطورات والأحداث الأخيرة في المنطقة العربية، وما إذا كان الغرب لا يزال يملك المقومات لأن يكون الضامن الأمني للمنطقة.

وركزت إحدى جلسات المؤتمر على قضية الإسلام السياسي في ضوء المستجدات والأحداث الأخيرة في المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط، وبروز بعض تيارات الإسلام السياسي مع أحداث ما يسمى بالربيع العربي، إضافة إلى مسألة الهوية الدينية والوطنية ونقاط الالتقاء والتقاطع، ومفهوم الإسلام كأيدلوجية ومدى إمكانية اندماجها مع مفاهيم الدولة المدنية الحديثة، وانعكاسات نمو التيارات الإسلامية في العلاقات مع الغرب.

وناقش المؤتمر في محور آخر التطورات السياسية بالمنطقة وتأثيراتها على التعاون بين دول الخليج العربية خاصة في المجال الدفاعي، وطُرحت في هذا المحور تساؤلات عن إمكانية الاستفادة من العمل مع الاتحاد الأوروبي، وعن تعزيز آليات التعاون العسكري مع دول حلف شمال الأطلسي وغيرها من الدول.

وسيناقش المؤتمر في يومه الثاني مجموعة من المحاور الأمنية المهمة منها علاقات إيران بدول مجلس التعاون الخليجي باعتبارها دولة مهمة في المنطقة، والحاجة لإيجاد أرضيات مشتركة وآليات تفاهم تسهم في تحقيق الاستقرار والسلام الدائم في الخليج العربي ومنطقة الشرق الأوسط، والذي يصعب تحقيقه إذا لم تكن إيران راغبة في التعاون مع الأسرة الدولية لحل مشكلة ملفها النووي، وتغيير سياساتها الخارجية تجاه جيرانها، بعيداً عن استخدام أدوات تقع ضمن دائرة التدخل في الشؤون الداخلية لتلك الدول، وتوظيف الخلافات الإيديولوجية، ومد الشبكات التابعة لها في نطاق دول أخرى ذات سيادة مما يهدد أمن هذه الدول واستقرارها.



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة