الغرب لم يعد يخيف دكتاتور سوريا
 تاريخ النشر : الخميس ١٤ يونيو ٢٠١٢
بقلم: دوغلاس موراي
يدرك الدكتاتور السوري بشار الأسد أن هذه الجعجعة التي تسمع في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية لن تثمر أي عمل فعلي يستهدف نظام حكمه الذي يواجه اليوم تحديات جسيمة تؤذن بانهياره في ظل عزلته الداخلية والإقليمية والدولية الخانقة.
لقد عبر وزير الخارجية البريطاني وليام هيج عن «صدمته الكبيرة» عقب مجزرة بلدة الحولة التي هلك خلالها أكثر من ١٠٨ سوريين يوم ٢٥ مايو ٢٠١٢، أغلبهم من الأطفال والنساء. أعلنت الحكومة البريطانية قرارها طرد القائم بالأعمال السوري وكذلك فعلت فرنسا والعديد من الدول الغربية الأخرى.
في الحوار الذي أجري معه يوم ٢٧ مايو ٢٠١٢ قال نائب رئيس الوزراء البريطاني نيك كليج ان بلاده تمنع أي شخص متورط في مذابح المدنيين السوريين الأبرياء من حضور الألعاب الأولمبية التي ستحتضنها لندن هذا الصيف.
لقد بدأ بشار الاسد منذ أكثر من سنة استخدام قواته العسكرية ومليشياته المسلحة المرعبة في حملته الأمنية القمعية الواسعة ضد شعب بلاده الذي يعامله كأنه ملكية خاصة. في هذه الأثناء ما الذي يفعله الغرب؟ هل سياسة «الجزرة والعصا» لاتزال تنفع حقا وهي السياسة التي برع فيها الغرب أكثر من مرة؟
في العلاقات الدولية يقال إنه لابد دائما من استخدام أسلوب «الجزرة والعصا» أي المراوحة ما بين المرونة والشدة أو سياسة الإغراء تارة والتهديد تارة أخرى. المشكلة هي أن جميع البلدان الديمقراطية لم تعد تملك ما يكفي من الجزر المغري الذي يسيل اللعاب. إن ما حدث في لندن يمثل مسرحية ساخرة غير أنه يعكس توجها عالميا، ففي الوقت الذي تتفاقم فيه مأساة الشعب السوري بدأ واقع جديد يطفو على السطح: إن الدكتاتوريين أصبحوا يفهموننا أكثر حتى من قدرتنا على فهم أنفسنا.
إن ما يدركه نيك كليج ؟ لكنه يرفض الاعتراف به مثل كل الزعماء السياسيين الآخرين ؟ هو أن الغرب لن يفعل أي شيء رغم هذا الخطاب القوي والصارم، ذلك أن روسيا تمتلك مفتاح الحل والعقد في سوريا.
ما الذي يجعل الغرب لا يريد تكرار التجربة الليبية في سوريا؟ لقد أجمع الكثير من الخبراء الاستراتيجيين والمحللين السياسيين والعسكريين على أن سوريا ليست سوريا ؟ الدولة المحورية المهمة في منطقة الشرق الأوسط التي تبنى عليها الكثير من التوازنات الإقليمية.
لا ننسى أيضا الاعتبارات الانتخابية، فالهزيمة التي تكبدها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي فاز فيها الاشتراكي فرانسوا هولاند تظهر أن الأطراف التي شاركت في الحرب على ليبيا لم تجن أي فوائد سياسية، علما بأن العواقب كانت ستكون وخيمة في حالة الفشل.
أما العامل الاستراتيجي الآخر اللافت للنظر منذ وصول الرئيس باراك أوباما إلى البيت الأبيض عقب فوزه في انتخابات ٢٠٠٨ فهو يتمثل في انحسار الدور القيادي الأمريكي في العالم سياسيا وعسكريا.
في العادة تتجه كل أنظار العالم، بمن في ذلك الشعب السوري، إلى الولايات المتحدة الأمريكية طلبا للمساعدة، ذلك أن بلاد العم سام طالما سوقت نفسها على أنها نصيرة الشعوب. للأسف ظلت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون على مدى أكثر من أربعة عشر شهرا تعبر عن شجبها أعمال القتل في سوريا غير أنها ظلت تقول أيضا إنه «لا سبيل للتدخل العسكري في سوريا ما لم يتوافق المجتمع الدولي ويصدر مجلس الأمن الدولي قرارا في هذا الصدد».
.
مقالات أخرى...
- هل فتحت مصر صفحة ما بعد الثورة؟ - (14 يونيو 2012)
- ماذا بعد مفاوضات بغداد بين الغرب وإيران؟ - (14 يونيو 2012)
- الانتخابات الرئاسية المصرية بعيون أمريكية - (9 يونيو 2012)
- هذا ما ينتظره الشعب المصري من رئيسه القادم؟ - (31 مايو 2012)
- نتائج الانتخابات المصرية.. «السيناريو الكارثي» - (31 مايو 2012)
- هل يضم «الإخوان» مؤسسة الرئاسة إلى البرلمان؟ - (31 مايو 2012)
- حرب يونيو ..١٩٦٧ عدوان إسرائيلي - (26 مايو 2012)
- مصر تنتخب رئيسا وتؤسس للمستقبل هل يحكم مصر إخواني أو إسلامي معتدل أو دبلوماسي مخضرم؟ - (20 مايو 2012)
- الربيع سيأتي إلى روسيا - (18 مايو 2012)