نتائج الانتخابات المصرية.. «السيناريو الكارثي»
 تاريخ النشر : الخميس ٣١ مايو ٢٠١٢
بقلم: ايا بلاك
يخشى أن تتسبب نتائج الانتخابات الرئاسية المصرية في أسابيع من التوتر في الساحة السياسية المصرية، فقد أعلنت نتائج الجولة الأولى وتأكد ترشح الإخواني محمد مرسي لمنافسة أحمد شفيق - آخر رئيس وزراء مصر قبل تنحي الرئيس السابق حسني مبارك - إلى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في النصف الثاني من شهر يونيو .٢٠١٢
يبدو أن مصر مقبلة بذلك على أسابيع من التوتر والغموض عقب هذه النتائج «المخيبة» التي أفرزتها صناديق الاقتراع والتي رأى فيها الكثيرون «السيناريو الكارثي».
هذا يعني أن مصر ستشهد في قادم الأيام حالة حادة من الاحتقان واحتدام التجاذبات السياسية مع اقتراب موعد الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، وفي الحقيقة فإن مصر غير متعودة مثل هذه الأجواء في ظل نظام الحزب الواحد الذي كان يحكم مصر في عهد الرئيس المصري السابق حسني مبارك.
أما الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى فقد حاول من دون جدوى استقطاب تيارات الوسط غير أنه فشل في نهاية المطاف في التأهل للجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية المصرية.
يقول مؤسس حركة كفاية المصرية وأحد الوجوه البارزة التي شاركت في الثورة المصرية جورج إسحاق: «أشعر كأن الثورة لم تحدث أبدا في مصر، فالإخوان المسلمون يميلون إلى الاستبداد والتطرف، أما أحمد شفيق فهو خيار مبارك بامتياز. إن الثورة لم تنعكس في هذا السباق الانتخابي الرئاسي».
ستشهد الأسابيع الثلاثة القادمة التي تفصل مصر عن رئيسها الجديد تنافسا مريرا إذ يتوقع أن تحشد حركة الإخوان المسلمين ماكينتها القوية من أجل استقطاب أغلب الأصوات لمرشحهم محمد مرسي، وبالمقابل فإنه ينتظر أن ينزل المجلس العسكري الأعلى للقوات المسلحة المصرية بكل ثقله من أجل دعم أحمد شفيق، فقد راح الإخوان المسلمون يوجهون انتقادات لاذعة إلى أحمد شفيق ويعتبرون أنه «يتسلق من أجل الوصول إلى السلطة على جثث شهداء الثورة المصرية».
يقول هشام قاسم وهو ناشر أيد عمرو موسى في الانتخابات الرئاسية الأخيرة: «هذه كارثة حقيقية، إنه أحمد شفيق سيسعى إلى إعادة إنتاج نظام مبارك البائد. إن ثقتي بالإخوان المسلمين منعدمة تماما».
أما الليبراليون فقد علقوا على نتائج الانتخابات الرئاسية قائلين: «لم يبق الآن إلا أن يتم الإفراج عن حسني مبارك وتعيينه نائبا للرئيس. إن هذه ليست بالجمهورية المصرية الثانية التي تطلعنا إليها. إنها مولود مسخ».
أما المدونة البارزة زنوبيا فقد شبهت هذه النتائج الانتخابية بالهزيمة المذلة التي تكبدتها مصر وبقية الدول العربية في الحرب ضد إسرائيل في يونيو .١٩٦٧ في هذه الأثناء بدأ الكثير من الساسة والمحللين يحذرون من أن مصر مقبلة على حالة من انعدام الأمن والاستقرار إذا ما تمت تبرئة حسني مبارك من تهم الفساد وقتل المتظاهرين علما أنه ينتظر أن تصدر المحكمة حكمها على الرئيس المخلوع في غضون شهر يونيو .٢٠١٢
بدأت التكهنات والتخمينات عن النتائج التي ستسفر عنها جولة الإعادة المزمع إجراؤها يومي ١٦ و١٧ يونيو .٢٠١٢ لا شك أن الأقباط المصريين سوف يتجندون لدعم أحمد شفيق، ذلك أنهم معروفون بتبرمهم من الإسلاميين. أما أنصار عمرو موسى فإنهم سيفعلون الشيء نفسه ويدعمون بالتالي أحمد شفيق.
أما محمد مرسي فإنه قد ينجح في استقطاب بعض أنصار المرشح الناصري المستقل حمدين صباحي وخاصة أن الكثيرين منهم يرفضون رفضا قاطعا دعم أحمد شفيق. ينتظر أن يحظى محمد مرسي بدعم الكثير من أنصار القيادي الإخواني ومرشح الانتخابات الرئاسية الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح الذي كان قد تصدر استطلاعات الرأي مع عمرو موسى.
أما الصحفي المخضرم في جريدة الأهرام هاني شكرالله فقد دعا إلى الوحدة. يتوقع أيضا أن تكون نسبة الامتناع عن التصويت مرتفعة في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية يومي ١٦ و١٧ يونيو .٢٠١٢
لقد نجحت حركة الإخوان المسلمين في السيطرة على البرلمان المصري عقب الانتخابات التشريعية التي أجريت في مطلع السنة الجارية غير أن انتقادات لاذعة قد وجهت إلى طبيعة أداء النواب الإخوانيين التي لم ترتق إلى تطلعات الشعب المصري. اتهم الإخوان أيضا بالهيمنة على مسار كتابة الدستور المصري الجديد كما أنهم لم يوفوا بتعهدهم بعدم الترشح إلى الانتخابات الرئاسية. لقد وعد محمد مرسي بتحقيق «نهضة» حقيقية تقطع مع دولة الفساد التي أقامها حسني مبارك وتطور البنى التحتية المتآكلة، إضافة إلى إعطاء دور أكبر لتعاليم الشريعة الإسلامية.
بعد أن ظلت تعاني الاضطهاد على مدى عقود كاملة وبعد أن ظلت تمارس لعبة القط والفأر مع الحكومة المصرية أصبحت حركة الإخوان المسلمين ؟ الحركة الأعرق في العالم ؟ تشعر بأن ساعتها قد حانت.
يقول عصام العريان، القيادي في حركة الإخوان المسلمين: «نحن على عتبة عهد جديد. نحن نثق بالله كما نثق بالشعب المصري وبقدرة حزبنا».
إن النجاح الذي قد تحققه حركة الإخوان المسلمين في مصر يمثل جزءا لا يتجزأ من تحولات إقليمية مكنت الأحزاب الإسلامية من الصعود على انقاض الأنظمة الدكتاتورية المنهارة في تونس وليبيا إضافة إلى مصر.
لا تخفي إسرائيل أيضا خشيتها من وصول الإسلاميين إلى سدة الرئاسة في مصر، الأمر الذي قد يهدد معاهدة كامب ديفيد المبرمة بين البلدين سنة ١٩٧٩، وهي المعاهدة التي تمثل ركيزة من ركائز السياسة الخارجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط. يدعو محمد مرسي إلى «مراجعة» المعاهدة من دون الوصول إلى إلغائها برمتها. أما أحمد شفيق فقد تعهد بالحفاظ على معاهدة كامب ديفيد.
لا شك أن النسبة المهمة التي حصل عليها أحمد شفيق في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية تعكس مخاوف لدى قطاعات واسعة من المصريين بخصوص الجريمة والانفلات الأمني، ورغبتهم في تحقيق الاستقرار وتحسن الوضع الاقتصادي المتدهور وتطوير الخدمات العامة.
.
مقالات أخرى...
- هذا ما ينتظره الشعب المصري من رئيسه القادم؟ - (31 مايو 2012)
- هل يضم «الإخوان» مؤسسة الرئاسة إلى البرلمان؟ - (31 مايو 2012)
- حرب يونيو ..١٩٦٧ عدوان إسرائيلي - (26 مايو 2012)
- مصر تنتخب رئيسا وتؤسس للمستقبل هل يحكم مصر إخواني أو إسلامي معتدل أو دبلوماسي مخضرم؟ - (20 مايو 2012)
- الربيع سيأتي إلى روسيا - (18 مايو 2012)
- هل يصبح رجب طيب أردوجان رئيسا؟ - (18 مايو 2012)
- إشكالية القيادة في العالم العربي - (14 مايو 2012)
- أمريكا تسرق الأدمغة العلمية - (14 مايو 2012)
- التضييق على الإنترنت في إيران - (12 مايو 2012)