الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥١٣ - الثلاثاء ٢٦ يونيو ٢٠١٢ م، الموافق ٦ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


علينا أن نسدّد الفراغات حتى لا يملؤها غيرنا





لا يختلف أحد على مكانة مصر بين مختلف دول العالم وما تحتلّه من منزلة عظيمة في محيط عالمها العربي والإسلامي جعلت منها بمثابة القلب النابض. بحياتها وقوتها يحيا العرب والمسلمون، وما من قطر عربي إلاّ وكان - ولا يزال - للمصريين أثرهم وفضلهم وإسهامهم في تعليمه وتطوّره ونهضته. بل حتى دماؤهم الزكية روت عدداً من الأراضي العربية دفاعاً عن وطنهم واستقلالهم، كفلسطين واليمن والجزائر. ويسجل التاريخ أن أي دولة عربية لاتستطيع اتخاذ قرار بالحرب والدفاع عن مقدساتها وحياضها إلاّ أن تكون مصر هي السباقة للبدء به.

شعب مصر العظيم سطّر ملاحم من الجهاد والتضحية، ليس في حماية مصر وحدودها فحسب، وإنما كان ملاذاً وحصناً وسداً منيعاً تحطمت على أعتابه أطماع وأحلام الغزاة والمحتلين لديار العروبة والإسلام، شعب مصر هو الذي حطّم أسطورة جيش المغول الذي لا يُقهر، ذلك الجيش الذي لم يدخل بلدا إلا أباد كل من فيها وأهلك الحرث والنسل ولم يرحم صغيراً ولا كبيراً، قتلوا في الشام والعراق مقتلة كبيرة حتى أنه يقال إن نهر دجلة والفرات تغير لونهما إلى اللون الأحمر من دماء المسلمين التي فاضت فيه، فتصدّى لهم جيش مصر بقيادة الملك المظفر سيف الدين قطز وهزم جموعهم وجندهم في المعركة الشهيرة «عين جالوت» وأنهى جبروتهم.

بالأمس الأول عندما أعلن فوز الدكتور محمد مرسي رئيساً لجمهورية مصر العربية؛ اختلطت كثرة من المشاعر، وتنوعت بين فرح وغضب وكذلك حذر. البعض؛ ربما حبّاً في مصر وخوفاً عليها وكرهاً في إيران - إذا استثنينا أغراضاً أخرى- أزعجته الأفراح الإيرانية (المبالغ فيها) بفوز مرسي، وهي أفراح تأتي على الطريقة الدعائية الإيرانية التي ترى في نفسها حاضنة للإسلام، ومصدّرة للثورة الإسلامية ومساندة للحركات الإسلامية بينما يعرف الجميع أنها حاضنة للمذهب الجعفري وناشرة للتشيّع ومساندة لحركاتها وألويتها وأذرعها التي تدعم توجّه تصدير مذهبها والتمكين له في ظل قصور وغياب فاضح من عموم الدول (الأنظمة) العربية والإسلامية لمن يقوم بذات الدور الإيراني بالنسبة إلى مذهب أهل السنة والجماعة. وقد نتج عن هذا الغياب أن إيران استغلّت الجوع والفقر والحاجة وكذلك الجهل واستفادت من حالة الغياب هذه فوصلت بمذهبها (التشيّع) أصقاعاً كثيرة، حتى مجاهل إفريقيا وأدغال آسيا. وصارت (سالفة) دعم الإسلام وحركاته حالة إعلامية ودعائية تستغلّها إيران أيّما استغلال لنشر مذهبها والترويج له. وذلك- كما أسلفت- في ظل جهود نادرة ومبتورة وربما محارَبَة لنشر الإسلام على مذهب أهل السنة والجماعة.

أحسب أنه على جميع من ساءه احتفالات إيران بفوز مرسي، وخاصة بعض الأنظمة العربية والإسلامية التي ربما يؤرقها الآن ما يُشاع ويُبث - سواء بحسن أو سوء نية- عن تقارب إيراني مصري محتمل؛ أن تنزع عنها هذه الهواجس وأن تُمسك هي بزمام مبادرة الاحتفاء والتعاون والترحيب بالرئيس المصري الجديد، بغض النظر عن انتماءاته أو اتفاقها واختلافها مع توجهاته لأنه بات الآن خيار شعبه، وأن تعمل جاهدة على سدّ أي ثغرة أو فجوة يمكن أن يدخل من خلالها النظام الإيراني الى مصر. علينا أن نكون أقرب منهم الى مصر، ومعها، علينا أن نسدّد الفراغات حتى لايملؤها غيرنا.

مصر؛ هي محلّ الريادة والقيادة للعرب والمسلمين، وقد أعجبني ما قاله الدكتور محمد مرسي أثناء حملته الانتخابية بأن السفير الإيراني بالقاهرة كان يطلب ليل نهار، مقابلة معه لكنه كان يرفض مقابلته حتى يغير النظام الإيراني موقفه الداعم للنظام السوري. وندعو المولى عز وجل أن يبقى هذا موقفاً ثابتاً وراسخاً ليس في مصر وحدها وإنما في عموم دولنا الخليجية والعربية والإسلامية، أن ترفض اللقاء بالمسؤولين الإيرانيين وبقية الجزارين والسفاحين الملطّخة أياديهم بدماء وأشلاء إخواننا وأهلنا في سوريا والعراق.

سانحة:

عبارات جميلة ذكرها الدكتور محمد مرسي في خطابه الرئاسي الأول، لم نعتد سماعها من الزعماء والملوك والرؤساء منذ عقود طويلة. مثل «أنا خادم للشعب وأجير عنده» و«وليت عليكم ولست بخيركم» و«ليس لي حقوق وإنما علي واجبات» و«أطيعوني ما أطعت الله فيكم، وإن عصيته ولم أف بتعهداتي معكم فلا طاعة لي عليكم».



.

نسخة للطباعة

خطاب مفتوح إلى الرئيس محمد مرسي

نقولها بكل اعتزاز: تحية لمصر.. مصر الحضارة، مصر الثقافة، مصر التاريخ.وتحية لأبناء مصر المعاصرين على اخ... [المزيد]

الأعداد السابقة