الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٢٧ - الثلاثاء ١٠ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ٢٠ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

في الصميم


حكاية الشروط التعجيزية!





خلال جلسة مجلس الوزراء أمس الأول وجه سمو رئيس الوزراء هيئة تنظيم سوق العمل إلى «سرعة البت في إجراءات استقدام العمالة الأجنبية، وإبداء قدر أكبر من المرونة مع أصحاب العمل في توفير التسهيلات اللازمة لتيسير أعمالهم بالسرعة الممكنة».

هذا التوجيه، على وجه الخصوص، يحرص عليه سمو رئيس الوزراء على الدوام.. وتحرص عليه الحكومة بأكملها اهتماما بأصحاب العمل لأنهم - أي أصحاب العمل - هم سدنة الاقتصاد الوطني ومن أهم روافده.. ويكفيهم ما جرى لهم بسبب الأحداث المؤسفة منذ فبراير من العام الماضي وحتى الآن.. ويتضح ذلك جليا مما دار في مجلس وزير العمل يوم الخميس الماضي.. فعندما اشتكى بعض أصحاب العمل من أنهم يعانون ضغوطا نفسية ومالية بسبب ما يجدونه من تعنت في الإجراءات بهيئة تنظيم سوق العمل أو غيرها قالوا إن أبسط أوجه هذه المعاناة أن الهيئة والوزارة معا تفرضان عليهم توظيف بحرينيين لا يوجدون على الأرض!. وإن وجدوا فإنهم لا يقبلون العمل إلا بشروط أو مطالب مبالغ فيها لا تراعي الأوضاع والظروف التي يعيشونها.. ثم إن شروط وأساليب البحرنة غير واضحة.. فمرة تقاس بالعدد.. وأخرى ستقاس بحجم رواتب البحرينيين.. ومرة ثالثة تعامل الشركات الكبيرة بقواعد والشركات الصغيرة والمتوسطة بقواعد وشروط مغايرة.. الخ.

وهذه الشكاوى يرددها أصحاب العمل في كل وقت وحين، وقد قالوا بعضها خلال اجتماع مجلس وزير العمل.. وكانت المفاجأة أن قال لهم الوزير.. وردد ما قال أكثر من مرة: نحن لن نفرض عليكم أي شروط تعجيزية.. ومن يشعر بأن هناك شيئا يواجهه من هذا القبيل فليسارع إلى مكتبي فورا.. وأضاف: إن توجيهات سمو رئيس الوزراء تقضي بإزالة أي عقبة تقف في طريق التدفق الاقتصادي على أرض المملكة.

وقال لهم الوزير أيضا: ليس في قاموسنا على الإطلاق عرقلة مسيرة الاستثمارات على أرض المملكة.

كل ما قيل خلال جلسة مجلس الوزراء، وخلال المجلس الشهري لوزير العمل طيب.. حتى عندما حاول بعض أصحاب العمل، الذين حضروا مجلس الوزير، إظهار حسن النوايا كان طيبا أيضا.. إلا أن هناك من يسيء إلى هذه النوايا الطيبة من بين أصحاب العمل أنفسهم عندما يطلقون لأنفسهم العنان لاستغلال العمالة الأجنبية المصرح لهم بها، وعندما يستمرئون رخص الأيدي العاملة الأجنبية، واستمتاع البعض باستغلال العامل الأجنبي ومص دمه، في الوقت الذي يؤكد فيه قادة البلاد أن المعاملة الإنسانية ومراعاة حقوق الإنسان كل لا يتجزأ.. ولا يجوز الكيل إزاءها بمكيالين فيتسببون في الإساءة إلى سمعة الوطن.. هذا إلى الدرجة التي جعلت وزير العمل يقول لهم: إن استرخاص الأيدي العاملة الأجنبية يؤدي إلى السقوط!!

وينسى البعض أيضا أنه يقع على الدولة واجب أساسي، وهو توظيف البحرينيين، وتوفير سبل العيش الكريم للجميع، ولا يتردد البعض في أن يقاتل من أجل توظيف الأجانب استرخاصا للأجر، ثم يعاير الدولة في الوقت ذاته بأن هناك على الأرض بطالة!!

لذا فإن التوازن مطلوب في هذه القضية كما هو مطلوب في العديد من القضايا الأخرى، ويجب ألا ننسى، كما قال سمو رئيس الوزراء -لمصلحة الوطن والمواطن الاعتبار الأول- وتوفير الوظائف اللائقة للمواطنين مصلحة وطنية كبرى.

}}}

حاول البعض إلباس قرار الدكتور محمد مرسي إلغاء قرار المجلس العسكري بحل مجلس الشعب المصري ثوب المشروعية والبراءة عندما قالوا: إن هذا القرار يلغي قرار المجلس العسكري ولا يلغي حكم المحكمة الدستورية العليا أو الافتئات عليه.. وقالوا: إن هذا القرار يعد من صلب اختصاصات رئيس الجمهورية.. ثم إن هدف قرار دعوة مجلس الشعب إلى الانعقاد فوق أنه لا يلغي حكم المحكمة، تبرره المصلحة الوطنية.. حيث إن هذه الدعوة مؤقتة لتمكين المجلس من تصريف الأمور، وقد لا تمتد هذه الدعوة إلى أكثر من أربعة أو ستة شهور على الأكثر، حيث لا بد أن يحل المجلس وكل المجالس الأخرى من أجل إجراء انتخابات جديدة بعد صدور الدستور الجديد.

هذا التفسير الذي سمعته من بعض أساتذة القانون الدستوري وعلى عكس ما قاله البعض الآخر تماما.. ومن أساتذة القانون الدستوري أيضا.. قد أحدث عندي وعند الكثيرين بعضا من الراحة، وقلل من حدة الخوف على استئناف الصدامات وحالة الفوضى على الساحة من جديد بعد أن شهدت هدوءا تمنينا من كل قلوبنا أن يسود.. إلا أنني أرى أنه كان الأجدر بالدكتور مرسي في بداية مشواره الصعب أن يعبر عن الاحترام الكامل لكلمة القضاء مهما كانت الأمور.. لأن كسر كلمة القضاء مرة قد يؤدي إلى كسرها مرات.. وإذا ضاعت هيبة القضاء فلا أمان!!



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة