الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٣٤ - الثلاثاء ١٧ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ٢٧ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

عالم يتغير


المسيرات والمساحة الجغرافية والبيئية للبحرين





} خيرا فعل "وزير الداخلية" بتحديد أماكن وأوقات المسيرات واستثناء العاصمة من فوضاها وتخريبها وتعطيلها لمصالح الناس والمصلحة الاقتصادية الوطنية ومصالح التجار، واعاقة الحياة بشكل عام بحجة حرية التعبير، والادعاء بالسلمية التي اختبر المواطنون تفاصيلها جيدا، وخاصة أهالي القرى الذين أصابهم الابتلاء بحرية التعبير وسلمية التحركات المزعومة أكثر من غيرهم، ورغم ان قرار وزير الداخلية جاء متأخرا من حيث الاستجابة لمطالب الناس المتضررين من هذا الحراك، الذي فشل في أجندته الاساسية، فحول المسيرات والتخريب والعنف (الى غايات في حد ذاتها)، فإن المجتمع بحاجة إلى قرارات أخرى تفرضها (المساحة الجغرافية للبحرين)، التي هي ليست فقط أصغر البلدان العربية من حيث المساحة، ولكنها من بين أصغر بلدان العالم قاطبة، فماذا نعني بذلك؟

} الذي نعنيه ان بلدان العالم الاخرى المساحات فيها كبيرة، والفواصل بين المدن حتى داخل العواصم بدورها كبيرة قد تبلغ مئات وأحيانا آلاف الكيلومترات، أما حين تكون مساحة البلد الكلية بأكملها تقل كثيرا حتى عن (الف كيلومتر مربع) وحيث تتداخل الاحياء والمدن والقرى والعاصمة، فإن الذين يتغنون بأن كل دول العالم تفسح المجال للمسيرات ولحرية التعبير إلى غير ذلك من المقولات فانهم في الواقع يتجاهلون عدة أمور أساسية:

١- المساحة الكلية للبحرين وقرب المسافات الجغرافية.

٢- التداخل بين العاصمة وضواحيها والقرى بشكل كبير.

٣- كثرة المسيرات التي تحولت في حد ذاتها إلى غاية وليست وسيلة تعبير، فالذي نعرفه في كل دول العالم ان هناك مناسبات محددة تخرج فيها المسيرات، الا البحرين التي يراد لها ان تكون مساحة مفتوحة للعبة اللامنتهية وطول أيام السنة، مما يعطل المصالح الحيوية في البلد، ومما يجعل الناس يصلون إلى حد الملل والقهر الجماعي جراء اصرار احدى الجمعيات وتوابعها على الاستمرار فيما تسميه حرية التعبير كأنها حرية محتكرة عليها وحدها والآخرون فليذهبوا إلى الجحيم برفضهم وقهرهم ورأيهم وموقفهم المضاد.

٤- ما يتبع أغلب تلك المسيرات من مخالفات قانونية حين تصر الوفاق وأتباعها على الخروج بها رغم اشعار الداخلية لها بعدم قانونيتها، وهذا كسر مجحف لا مبرر له للقانون الذي يجب ان يحكم الجميع بسواسية.

٥- استمرار التخريب والعنف والارهاب من حرق الاطارات وسد الشوارع والمولوتوفات والقنابل اليدوية وغيرها التي ليست فقط تؤثر في المصالح اليومية للناس، وانما في صحتهم بحكم صغر المساحة الجغرافية، مثلما تؤثر في البيئة، وتستدعي التعامل معها أمنيا وبالغازات المسيلة للدموع، التي بدورها ومع عوامل التسميم اليومي للبيئة التي يصر عليها الارهابيون، تؤثر في البيئة الكلية لجميع المواطنين وليس فقط أهالي القرى الصامتين، مما يجعل من البحرين في هذا الشأن (ذات ظروف جغرافية استثنائية في العالم كله)، وبالتالي يجب سن قوانين استثنائية بدورها للتعامل المضر للمساحات المفتوحة لحرية التعبير بحسب حجم تأثيرها الكلي في البيئة وفي صحة الناس ومصالحهم، وخاصة انها اصبحت ممارسات يومية يصر اصحابها على الباسها قسريا لباس الثورة والثورة بريئة منهم ومن كل سلوكاتهم.

} ان مجلس النواب مطالب اليوم بأن يشرع لقوانين خاصة استثنائية تضع كل تلك الاعتبارات، من حيث المساحة الجغرافية وحجم التأثير في صحة وأعصاب الناس وتعطيل مصالحهم موضع الاعتبار، وهي الظروف غير الموجودة بذات الحيثيات في غالبية بلدان العالم إن لم تكن كلها، بحيث لا يقال أو تتم الشكوى من ان المسيرات حرية تعبير فقط، أو من حيث الممارسات الارهابية وتقطيع الشوارع والحرق وغيرها هي مظاهر سلمية للتعبير الخ، فكل ذلك الكلام مأكول خيره تماما، وحيث كل عواصم الدنيا تصبح البحرين بأكملها مجرد ضاحية فيها لا أكثر، فعن أي عاصمة هنا هم يتحدثون ويقارنون بينها وبين عواصم العالم؟ وتحت أي حجة أو منطق؟ وما مدى حجم تشابه التأثير بين ما يحصل في البحرين وفي دول العالم الاخرى؟

} ان وزير الداخلية بل كل مؤسسات الدولة الرسمية والمدنية والاهلية وعلى رأسها "البرلمان" مطالبون جميعا بوضع حد لهذا الاستهتار اليومي تحت مسمى السياسة أو المعارضة أو حرية التعبير، فما هكذا تورد الإبل، وهناك خلط كبير بين الاوراق، لا تتم من خلاله حتى مراعاة الظروف الاستثنائية الجغرافية من حيث صغر المساحة، والتأثيرات البيئية الخطرة في حياة الناس، والتأثيرات المتعددة والمختلفة في مصالحهم ومصالح الوطن، بحيث تستدعي اليوم موقفا وطنيا جماعيا تنفذه الداخلية، بعد وضع التشريعات الخاصة، وكفانا ضحكا على الذقون تحت المسميات المخادعة مثل السلمية وحرية التعبير المكفولة في الدستور أو في قوانين العالم وفيها نقول أعطونا جغرافيا مشابهة لبقية دول العالم وخذوا حرية مسيرات وتخريب، كما يأخذونها هناك بعيدا عن المناطق الحيوية وبعيدا عن تخريب صحة الناس وبيئة البلد وتعطيل الاقتصاد الوطني، وتهميش حريات الآخرين، وحيث هناك مسيراتهم واحتجاجاتهم محصورة بالمناسبات وليست طوال أيام السنة كما تريد الجمعيات السياسية الانقلابية في البحرين، التي تستثني نفسها في كل شيء حتى بين معارضات العالم، وكفى استهتارا بحقوق وحريات الناس.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة