الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٣٥ - الأربعاء ١٨ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ٢٨ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


نبيل سعيد فجرها فمن يطفئها؟





بحسب المعلومات المؤكدة التي وصلت إليّ حتى الآن فإن جهة حكومية واحدة هي التي بادرت للاستفسار عن تفاصيل وملابسات قضية الفساد الاستثماري الكبير الذي كشف عنه الأستاذ نبيل سعيد في مقاله بصحيفة "أخبار الخليج" يوم الأحد الموافق ١٥ من شهر يوليو الجاري، مع أن المعلومات التي أوردها الأستاذ نبيل في مقاله مثلت صدمة من العيار الثقيل لمختلف الجهات الحكومية ذات العلاقة بمكافحة أشكال الفساد والجرائم المالية والاقتصادية كافة، وفوق ذلك كله فإن تجاوزات استثمارية وتلاعبا في أموال ومدخرات المواطنين تمثل في حد ذاتها جريمة يعاقب عليها القانون.

وسواء تقدم المغدور بهم في هذه القضية بشكوى إلى الجهات المختصة للنظر في قضية الخسائر التي تكبدوها والتحقيق في أسبابها أو أم لم يتقدموا، فإنه طالما كشفت الصحافة المحلية عن وجود تصاعد لدخان كثيف مزكم للأنوف من أي موقع من مواقع العمل، عقارية كانت أم تجارية أم اقتصادية أم غيرها من مواقع العمل فإن على الجهات المسئولة عن المكافحة تقع مسئولية تحري مكمنه والعمل على معالجته وإخماده والتحقيق في أسباب وقوعه ومن ثم معاقبة المتسبب فيه.

هل توجد شبهات جنائية وتلاعب استثماري في القضية التي كشف عن تفاصيلها الأستاذ نبيل سعيد؟ هذا سؤال مشروع يقفز إلى الذهن بمجرد أن يطلع القارئ على التفاصيل التي ذكرها الكاتب، وبغض النظر عما إذا كان ما حدث هو تلاعب مقصود ومدبر له مسبقا، أم أنه نتيجة قصور وسوء في الإدارة، فإن نتيجة ذلك أوجدت متضررين هم الذين دفعوا أموالا لقاء وعود بتسلم مشترياتهم، وهي عبارة عن فلل في المشروع الاستثماري الذي تنفذه الشركة العقارية التي تعتبر من الناحية القانونية مسئولة عن الوفاء بالتزاماتها تجاه المشترين الذين هم بطبيعة الحال لا يتحملون تبعات هذا الإخفاق أو الفشل في إدارة واستثمار أموالهم.

نقول: في كلتا الحالتين، سواء كان ما حدث هو نتيجة عمل مقصود أم سوء إدارة، فإن السمعة الاقتصادية والاستثمارية للبلاد سوف تتضرر لدى المستثمرين البحرينيين والخليجيين والأجانب أيضا، إذا ما ذهبت أصوات القنبلة التي فجرها الأستاذ نبيل سعيد ادراج الرياح، لأن قضية بهذا الحجم يفترض أن تحظى باهتمام سريع من مختلف الجهات الحكومية المسئولة، ذلك لا يعني أن هذه الجهات تتدخل في السياسات الإدارية لمؤسسات القطاع الخاص الاستثمارية أو العقارية أو التجارية، وإنما هي (الجهات الحكومية) معنية بمراقبة أداء هذه الجهات للتأكد من مصداقيتها لأن الأمر يتعلق بمصالح الناس من جهة، وبسمعة البلد الاستثمارية والاقتصادية من جهة أخرى.

في مثل هذه الحالات وخاصة إذا كانت القنبلة التي فجرتها الصحافة من عيار تلك التي فجرها الأستاذ نبيل سعيد، فإن الأمر لا يستحمل اللامبالاة وعدم الاهتمام من جانب الجهات الحكومية ذات العلاقة بمكافحة أشكال الفساد المالي كافة أو التلاعب بمصالح الآخرين، فمثل هذه الإجراءات ليست من مسئولية الصحافة القيام بها، فهي سلطة مهامها الكشف عن مكامن الخلل والتنبيه إليها وإلى حجم مخاطرها وحجم الأضرار التي يمكن أن تلحقها بالمصالح العامة ومصالح المواطنين أو غيرهم ممن لهم علاقة بمثل هذه المشاريع الاستثمارية أو التجارية.

فنحن نعيش في دولة تسعى إلى أن تكون رائدة في استقطاب الاستثمارات من مختلف المصادر المحلية أو الخليجية أو الدولية، وما لم تكن هناك محاربة حقيقية لجميع أشكال الفساد ومتابعة دقيقة لعمل مختلف المؤسسات الاستثمارية ومراقبة مدى التزامها بتعهداتها تجاه المتعاملين معها من المواطنين وغيرهم، فإن هذا الهدف سيكون بعيد المنال، فرؤوس الأموال يهمها بالدرجة الأولى المناخ الذي يؤمن لها عملها ويوفر لها الحماية من أي مساس أو تلاعب، ومن دون هذه العوامل فإن رأس المال لن تطأ أقدامه في بلادنا، بل ان رؤوس الأموال الوطنية ستبحث لها عن أماكن أكثر أمنا.

فالقضية التي كشف تفاصيلها مقال الأستاذ نبيل سعيد، يجب أن ينظر إليها على أنها تمس الأمن الاقتصادي البحريني، لا أن تعتبر بمثابة إخفاق استثماري يمكن أن يحدث لأي شركة من الشركات العاملة في السوق، فمثل هذه النظرة وهذه النتيجة تقالان فقط بعد أن يتم التحري عن حقيقة ما حدث لأموال الناس التي سلموها لهذه الشركة العقارية، لأن التحري والتحقيق هما الكفيلان بكشف الملابسات والظروف كافة التي أدت إلى هذه النتيجة الكارثية التي أصابت عملاء الشركة العقارية وبخرت أموالهم بين ليلة وضحاها، فحقوق الناس، أفرادا كانوا أم جماعات يجب حمايتها وعلى الجهات الحكومية المسئولة أن تأخذ على عاتقها هذه المهمة من تلقاء نفسها في مثل هذه الظروف التي تحدث عنها الأستاذ نبيل.



.

نسخة للطباعة

.. لا سامحكم الله!!

هذه الحادثة البشعة, وهذه الجريمة الشنعاء التي زلزلت الأرض من تحتها, وهزت معها مشاعر المواطنين, ولوثت أجواء ... [المزيد]

الأعداد السابقة