الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٤٠ - الاثنين ٢٣ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ٤ رمضان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

الإخوان هل يسيرون على نهج ناصر؟
أهداف ثورة يوليو الضائعة.. هل تحققها ثورة يناير؟





سؤالٌ يطرح نفسه كثيراً، هل تحققت أهداف ثورة الثالث والعشرين من يوليو الستة التي قامت عليها؟ وهي القضاء على الاستعمار وأعوانه، والقضاء على الإقطاع، ومنع سيطرة رأس المال على الحكم، وإقامة جيش وطني قوي، وإقامة حياة ديمقراطية سليمة، وإقامة العدالة الاجتماعية تحقق بعضها، لكن البقية تعطلت، ولم يعد لها وجود طوال ستين عاماً، حتى جاءت ثورة الخامس والعشرين من يناير التي نادت بالحرية والعدالة الاجتماعية واتخاذ خطوات لبداية حياة ديمقراطية، يكون أساسها الحرية والعدالة الاجتماعية للمواطن، حتى يتمكن من الحصول والمطالبة بحقوقه السياسية، ولابد أن يستمر الشعب في ثورته ليتمكن من استرداد حقه المهدر منذ ثورة يوليو ٥٢ والحصول عليه من ثورة يناير ٢٠١١، وبرغم أن الرئيس أنور السادات استمد مشروعيته من ثورة يوليو ومن بعده الرئيس حسنى مبارك، لكن كلا الرجلين تهاونا فى إقامة حياة ديمقراطية سليمة، وتاهت العدالة الاجتماعية، وأصبحت المناصب تورث، وتردت أحوال العلاج والتعليم، أيضاً توغل أصحاب المال في الحكم بعد رحيل عبد الناصر؛ فعصفوا بمبدأ «القضاء على الإقطاع» وأصبح رجال الأعمال يتحكمون فى مصير الملايين، حيث غابت العدالة وسيطر رأس المال على السلطة حتى وصل الأمر إلى شراء السلطة للوصول إلى كرسي مجلس الشعب (البرلمان)، وغابت الديمقراطية وضاع الكثير من أهدف ثورة يوليو.

د.جمال زهران أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس قال: إن كل إنجازات ثورة يوليو لم يتحقق منها إلا القليل واكتفى رؤساء مصر بالمضي على نفس السياسات القديمة منذ عهد الملك فاروق من حيث مشاركة رجال المال السلطة، واحتكار المناصب وتوريثها بعدم تحقيق العدالة الاجتماعية، وإذا كان عبد الناصر قام بتحرير الوطن من الفساد ؛ فإننا بحاجة إلى تحرير المواطن من القهر والظلم ونتمنى أن يكون ذلك من نصيب ثورة الخامس والعشرين من يناير.. مشيراً إلى أن الثورة الوحيدة الشعبية التي قامت فى مصر لابد أن تكون جميع قراراتها ثورية وتخالف الأحكام والقوانين، لأن الشرعية الثورية تعلو على القوانين والدساتير الساقطة، ومما لا شك فيه أن ثورة يوليو وثورة يناير وجهان لعملة واحدة فى المبادىء وقاما على تزايد الظلم والقهر والاستبداد على الملك فاروق والرئيس مبارك، ولكنهما يختلفان فى رياح التغيير، فالأولى غيرت النظام الملكي بقوة السلاح، أما الثانية فبقوة الشعب الذي هو مصدر السلطات، إن العدالة الاجتماعية والديمقراطية يمثلان تحديا حقيقيا أمام ثورة يناير، حيث إن المواطن لم يشعر بأي رياح للتغير منذ الإطاحة بالنظام المباركي، وبالعكس تزايدت المطالب الفئوية التي ربما لن يستطيع النظام الإخواني الحاكم في البلاد أن يحتويها.

الإقطاع ورأس المال.

وأوضح أبوالعز الحريري عضو الهيئة العليا لحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، أن ثورة يوليو كانت سبباً مباشراً في القضاء على الإقطاع وسيطرة رأس المال، ولكنها غابت عن تحقيق العدالة الاجتماعية وإقامة حياه ديمقراطية التي لم تعرفها الدول العربية جميعها، وللأسف تاهت الديمقراطية بين عبدالناصر والسادات ومبارك، حيث كانوا يشعرون بأن الظروف غير مواتية للديمقراطية التي ينادي بها المثقفون والنخبة، ولكنهم فتحوا أبواب السجون والمعتقلات لمعارضيهم وكل من تسول له نفسه التلفظ على القيادة السياسية، وكانت المساحة الهامشية للديمقراطية ضئيلة جداً فى عهد حسني مبارك إلا أنه كان نظاما قمعيا، اختبأ ثلاثين عاماً وراء قبضته البوليسية، موضحاً بأن ناصر أنشأ المصانع والشركات والبنوك حتى أحدث حالة صناعية اقتصادية سرعان ما تآكلت ووقعت تحت وطأة الفساد والمفسدين، وانحرفت سياسات الأمن بسبب تدخله في كل شيء حتى تحول وأصبح المحرك الرئيسي للبلاد فى عهد الرئيس السادات ومبارك، مشيراً إلى أن ثورة يوليو ذهبت بعد النكسة إلى الرأسماليين لإعادة بناء الجيش والبلاد، وتمكن السادات من الانقلاب على مبادىء الثورة رغم أنه خرج من رحمها، وسار عكس اتجاهاتها فقد كان من المؤيدين لإلغاء الأحزاب، حتى جاء مبارك وقضى على مكتسباتها نهائياً، إلى أن قامت ثورة يناير لتعيد إلينا نفس المبادىء الثورية التي لن يتنازل عنها الشعب هذه المرة.

انجازات وطنية

ويرى وحيد الأقصري رئيس حزب مصر العربي الإشتراكي أن ثورة يوليو برغم أنها لم تحقق أهدافها التي قامت من أجلها إلا أنها تبقى علامة فارقة فى التاريخ بفضل قائدها الذي أصدر قانون الإصلاح الزراعي وجعل الفلاح المصري صاحب أملاك بعد أن كان أجيرا عند الطبقة الأرستقراطية، كما استطاع تأميم قناة السويس ولم يردعه العدوان الثلاثي والتف الشعب وراء زعيمه، وأدخل مجانية التعليم حتى أصبح أولاد الفلاحين في مناصب عليا بالبلاد فى القضاء والجيش والشرطة، مشيراً إلى أن بعض أهداف الثورة لم تتحقق في عهد عبد الناصر؛ لأن العدوان الاسرائيلي والنكسة لم يتركوه يعمل على استكمال أهداف الثورة التي بدأها، ولم تسنح له الفرص الكافية ليقوم بدوره العظيم في بناء الدولة المصرية، وللأسف من جاء بعده لم يسمح لنفسه أن يفكر ولو قليلاً في كيفية استكمال ما بدأه الزعيم الراحل، حيث ضل الطريق كل من أنور السادات وحسني مبارك، حتى قامت ثورة يناير فصحا الشعب من غفوته التي طالت كثيراً، ويريد الآن استكمال ما بدأه ناصر والمطالبة بالعدالة الاجتماعية وإقامة الديمقراطية والقضاء على الاحتكار وسيطرة رأس المال على الحكم، والسؤال الذي يفرض نفسه الآن، هل بعد صعود الإخوان لسدة الحكم سوف تتلاقى مبادئهم مع مبادىء عبد الناصر ويسيرون على دربه ليستكملوا ما انتهى منه عبد الناصر، رغم الخلاف السياسي الذي لن يمحوه التاريخ؟

لننتظر ثم نرى ما الذي سيقدمه الإخوان لشعب مصر؟

وأشار عبدالغفار شكر وكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إلى أن المعاناة السياسية المصرية لن تختفي طالما استمر الحاكم الأوحد فى السلطة، وهكذا كانت تدار مصر منذ الملكية حتى الجمهورية، وللأسف قامت ثورة يوليو للقضاء على الحاكم الفردي فتحولت دون أن تدري إلى نفس السياسات الخاطئة، وأصبح ناصر الحاكم الفرد ومن بعده السادات ومبارك، ولم يقدما جديداً على الساحة الإقليمية والدولية لمصر باستثناء ما قدمه ناصر في تجربته الرائعة في إقامة المصانع وتأميم قناة السويس وإعادة بناء القطاع العام، وللأسف اتجه سلفه إلى بيع ما بناه ناصر وانتهجوا سياسة الخصخصة التي بمقتضاها تم بيع البلد، واتجهنا إلى رجال الأعمال وأهدرنا مبدأ القضاء على سيطرة رأس المال، وهكذا لم يعد متبقيا من ثورة يوليو الإ مبادئها التي قامت عليها ولم تحقق منها إلا القضاء على الاستعمار، وإقامة جيش وطني قوى، بينما تطالب ثورة يناير بما لم يتحقق في ثورة يوليو، ولذلك جاءت ثورة يناير لتؤكد مشروعية ثورة يوليو وأنها الامتداد الطبيعي لمتطلبات الشعب من ستين عاماً، معتقداً أن الرئيس مرسي قد يحقق العدالة الاجتماعية، ولكنه سوف يفشل فى تحقيق حياه ديمقراطية، لأن جماعته لا تؤمن بالتعددية أو المشاركة، ولكنها تؤمن بالمغالبة.

هل أهدافها ماتت؟

ويرى رفعت السعيد رئيس حزب التجمع، أن ثورة يوليو وأهدافها ماتت بموت ناصر، والزعيم الراحل عمل على بناء مصر بعد استلامه مهمة رئاسة الجمهورية لكونه كان يطمح إلى بناء وحدة ورؤية عربية مشتركة، مشيراً إلى أن ما تم إنجازه في ثورة يوليو لم يستمر طويلاً بعد تولي السادات ومبارك مسئولية الحكم، وعملا على إهدار ما تم إنجازه، كما أن مبادىء وأهداف ثورة يناير لم تتحقق بسبب تنافس تيارات من القوى السياسية الإسلامية والليبرالية، وصعد الجميع على أكتاف الثوار والشهداء وأخذوا أغلبية البرلمان حتى وصلوا إلى كرسي الرئاسة، ليضحكوا على الشعب ويوهموا الجميع بأنهم أقدر الناس على تحقيق تطلعات الشعب من الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية، ولكن بمنظور إخواني.

















.

نسخة للطباعة

«ربيع عربي».. أم «نهب العرب»؟

في هذا الأسبوع, أتيح لي أن أحضر جلسة رمضانية، كان الحضور فيها محدودا في مجلس سمو الشيخ علي بن خليفة آل ... [المزيد]

الأعداد السابقة