الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٤٢ - الأربعاء ٢٥ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ٦ رمضان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

مصادر أكدت أنه طائرة استطلاع تابعة لـ«حزب الله»





تعددت الروايات حول سقوط طائرة استطلاع في بلدة يونين ف يقضاء بعلبك في شرق لبنان، فبين من جزم بأنها طائرة استطلاع ربما تكون تابعة لـ«حزب الله» اللبناني وخصوصا أنها على مقربة من الأراضي السورية، أو ربما طائرة إسرائيلية خرقت الأجواء اللبنانية كالعادة، كانت هناك نظرية ثالثة أطلقها مصدر أمني تؤكد أنها مجرد بالون ورقي تتوسطه شمعة صغيرة يطلق في المناسبات وقد صنع في الصين.

الرواية الأخيرة أثارت الاستغراب والسخرية وخصوصا أن الجسم الغريب قد انفجر في الهواء وسقط في حقل للقمح ما أدى إلى اشتعاله على الفور. فما هي القصة الحقيقية وراء هذه الطائرة؟ وهل الدولة اللبنانية منعت بالفعل من معاينة موقع الحادث كما ردد بعض المصادر؟ وهل «حزب الله» كان يختبر طائرة استطلاع حصل عليها من ايران؟

«أورينت برس» أعدت التقرير التالي:

اشتعل حقل القمح في بلدة يونين في قلب وادي البقاع جراء سقوط جسم مشتعل فأشعل معه سيناريوهات متعددة حول طبيعته راوحت بين اعتباره طائرة استطلاع لـ «حزب الله» أو إسرائيل، وتصنيفه على انه نوع من الطائرات الخاصة المزودة بأجهزة «تحكم عن بعد» قادرة على قصف أهداف محتملة بواسطة كمية من المتفجرات توضع على متنها أو على تفجير نفسها في حال كشفت، وصولا إلى ما نقل عن مصدر امني لبناني من ان ما سقط هو عبارة عن بالون ورقي غير عسكري صيني الصنع ومتوافر في الأسواق اللبنانية بوفرة بحيث يستخدم في الأعراس والمناسبات التي تكثر في الصيف.

الواقع أن عددا من المواطنين في المنطقة أفادوا انهم شاهدوا جسما مشتعلا سقط من الجو عند مفترق بلدة يونين في قضاء بعلبك، وتسبب باشتعال حريق في المنطقة. ولاحقا أفادت المعلومات الأولى التي تم استقصاؤها من الموقع أن الجسم المشتعل يعود لطائرة استطلاع لم تعرف هويتها، وان الأجهزة الأمنية التابعة لحزب الله قد ضربت طوقا أمنيا حول المكان، مانعة أيا كان من الاقتراب بما فيه قوات الجيش اللبناني، ثم تم نقل الطائرة وردم الحفرة التي أحدثتها في المكان. لكن فيما بعد أكد شهود عيان المعلومات التي أكدت ان قوى الأمن اللبنانية لم يسمح لها بالاقتراب من موقع تحطم الطائرة وان عناصر «حزب الله» هم من تولوا لملمة الموضوع وتطويق المنطقة وردم الحفرة التي أحدثها الانفجار.

تعدد الروايات

استغرب الكثير من مواطني يونين الحديث الذي صدر عن مصادر أمنية وعسكرية نفت سقوط طائرة في يونين، مشيرة إلى ان حريقا اندلع في المنطقة ولم تعرف أسبابه لتعود تقارير أخرى وتفيد أن ما سقط هو بالون ورقي له قاعدة دائرية وسلك معدني تتوسطهما شمعة صغيرة تشتعل بين خمس وعشر دقائق ويرتفع في الجو بفعل اشتعال الشمعة وتسخين الهواء الموجود داخل البالون وهو صيني الصنع ومتوافر في الأسواق اللبنانية بوفرة وبما ان القمح في مرحلة النضج ينتظر حصاده تم اشتعال الحقل على الفور.

والحقيقة أنه بعد ورود المعلومات عن سقوط الطائرة، أشار عدد من سكان المنطقة إلى ان عناصر من «حزب الله» قامت بتطويق المنطقة وان الجسم الذي وقع هو طائرة استطلاع كان الحزب بصدد تجربتها وفشلت التجربة، فسكان المنطقة شاهدوا جسما ملتهبا يهوي ويسقط من الجو، وقد طوقت المنطقة بطوق أمني ومنع الاقتراب من حطام الطائرة. وفيما لم تتبن أي جهة حزبية أو أمنية رسمية مسؤولية الطائرة، أفيد أن من كان يقودها هو شخص من آل يزبك لتعود معلومات اخرى وتؤكد ان الطائرة كانت بلا طيار. وتضاربت المعلومات حول ما إذا كانت الطائرة شراعية أم استطلاعية. وفي وقت لاحق أفادت مصادر أمنية رفيعة المستوى رفضت الكشف عن اسمها أنه «وبعد سقوط الطائرة عمد عناصر من «حزب الله» إلى ضرب طوق أمني في المكان على مسافة ٥٠٠ متر ومنعوا قوى الأمن من الاقتراب من مكان الحادثة»، ومن ثم طمرت الحفرة. وأضافوا أنها «طائرة بدون طيار تعود لـ«حزب الله» وهي تقوم بطلعة تجريبية». وبالتالي جاء كلامها مطابقا لشهادة الأهالي.

طائرة حزبية

وأفاد مصدر مطلع ان الجسم الغريب الذي سقط ليس طائرة استطلاع من النوع الذي تمتلكه أسلحة الجو في الجيوش النظامية، وقال إن «حزب الله» كان يجري اختبارا على نوع من الطائرات الخاصة المزودة بأجهزة «تحكم عن بعد» قادرة على قصف اهداف محتملة بواسطة كمية من المتفجرات توضع على متنها.

وأشار إلى ان منطقة يونين، حيث معسكر تدريب «القوة الجوية» التابعة لـ«حزب الله»، شهدت حركة لافتة منذ مدة ليست بعيدة، وان الاختبار الذي تم اليوم لم يكن سقوط طائرة استطلاع على ما أشيع، بل اختبارا على قصف هدف بطريقة غير تقليدية، وأوضح ان ما حصل في معسكر التدريب الجوي قد يكون بداية لسلسلة اختبارات مشابهة في المقبل من الأيام، وان الحزب أراد من إجراء التجربة بعث رسائل في غير اتجاه، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي، وربما أراد ان يلفت انتباه الثوار السوريين الذين يلجأون إلى مناطق لبنانية قريبة وتنبيههم إلى انه موجود على الأرض وفي الجو وقادر على كشف تحركاتهم ومخابئهم.

وذكر المصدر نفسه بخطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله العام المنصرم حول التقنيات العسكرية الحديثة التي يمتلكها الحزب، ومن بينها طائرات قادرة على حمل متفجرات وإصابة أهدافها بدقة في أي مكان، وهناك من تكهن بأن الطائرة قد تكون طائرة «أبابيل» وهي بطول ٢,٩ متر (أصغر من سيارة فولكسفاكن صغيرة)، وارتفاعها الأقصى ٤٢٠٠ متر. تطير بسرعة ٣٠٠ كلم/الساعة، ويمكنها نقل حمولة حربية (رأس حربي) بزنة ٤٥ كلغ.

وكانت مصادر قد اعلنت ان «حزب الله» تسلم ١٢ طائرة «أبابيل» قبل حرب تموز/يوليو من عام ٢٠٠٦، وأنه استخدم ٣ منها أثناء الحرب، ولايزال يملك العديد من هذه الطائرات رغم ان إسرائيل كانت قد أعلنت إسقاط عدد منها.

لكن في المقابل نفى مصدر من «حزب الله» كل ما نسب إلى الحزب من انها طائرة استطلاعية تعود إليه، مشددا على ان القوى الأمنية والدفاع المدني كانا في المكان.

كما اكتفى المكتب الاعلامي للحزب بالقول إنه «لا معلومات لديه حول الموضوع»، وهو امر ليس من السهولة تصديقه وخصوصا ان افراد الحزب منتشرون في تلك المنطقة وعلى اطلاع على كل المجريات فيها.

اتهامات لإسرائيل

وقد أفاد عدد من أتباع الحزب في المنطقة والجوار ان الطائرة ربما تكون إسرائيلية الصنع واخترقت الأجواء اللبنانية بهدف إثارة بلبلة كبيرة في لبنان بين الافرقاء المتخاصمين أصلا، وتوجيه اللوم إلى الحزب من قبل الفريق الآخر، معتبرين ان إسرائيل تمكنت من تحقيق ما تريده.

ولفت هؤلاء إلى ان اسرائيل اعتادت اختراق الأجواء اللبنانية بطائراتها الاستطلاعية من دون طيار المعروفة بالـ «ام كا» وان الأمر ليس بجديد على أهالي المنطقة وانه ربما أصاب الطائرة الأخيرة عطل تقني أدى إلى تفجيرها نفسها بنفسها كونها مبرمجة على فعل ذلك حتى لا تقع في يد الآخرين.

ورغم ان هذه النظرية غير مستبعدة، فان الغموض الذي أحاط بالقضية واختلاف الروايات حول «الجسم الغريب» الذي سقط، فضلا عن تعدد الروايات الامنية تحديدا عما جرى، ادى إلى طرح الكثير من علامات الاستفهام والاستغراب ولاسيما ان المسؤولين اللبنانيين بدوا كأنهم آخر من يعلم كما ان الجيش لم يوضح ماهية الانفجار والحفرة التي ردمت والطوق الأمني الذي فرض على المكان، فيما الجميع يدرك ان البالون الورقي لا «ينفجر» على الإطلاق بل انه يشتعل في الجو في أحسن الحالات.

















.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة