الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٤٩ - الأربعاء ١ أغسطس ٢٠١٢ م، الموافق ١٣ رمضان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

الاسلامي

أخلاق منجية:
الطمأنينة من أسباب السعادة ودليل صحة الدين





الطمأنينة خلق عظيم ونعمة كبرى ينعم الله بها على العبد الصحيح الإيمان فتكون من أسباب سعادته في الدنيا والآخرة.

قال الراغب الأصفهاني في مفردات ألفاظ القرآن:

الطمأنينة والاطمئنان: السكون بعد الانزعاج قال تعالى: "يا أيتها النفس المطمئنة" (الفجر ٢٧). وهي الا تصير أمارة بالسوء، وقال الحرالي: هي الهدوء والسكون على سواء الخِلقة واعتدال الخلق وقال الهروى: الطمأنينة سكون يقويه أمن صحيح شبيه بالعيان.

وقال الفيروزآبادي: الطمأنينة والسكينة كل منهما تستلزم الاخرى، لكن استلزام الطمأنينة السكينة أقوى من العكس والطمأنينة أعم من السكينة، وهي على درجات طمأنينة القلب بذكر الله، وهي طمأنينة الخائف إلى الرجاء، والطمأنينة سكون أمن فيه استراحة أُنس، والسكينة تكون حينا بعد حين، والطمأنينة لا تفارق صاحبها وكأنها نهاية السكينة. وذكر ابن القيم عن صاحب المنازل رحمهما الله ان بين الطمأنينة والسكينة فرقين: أحدهما: ان السكينة صولة تورث خمود الهيبة أحيانا والطمأنينة: سكون أمن في استراحة أنس. والثاني: أن السكينة تكون نعتاً، وتكون حينا بعد حين، والطمأنينة لا تفارق صاحبها، ومن ثم تكون الطمأنينة موجب السكينة وأثراً من آثارها وكأنها نهاية السكينة.

وقد حوى القرآن الكريم العديد من الآيات في الطمأنينة قال تعالى: "وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى، قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي" (البقرة ٢٦٠).

وقال تعالى: "وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم" (آل عمران ١٢٦).

وقال تعالى: "إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين× وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم" (الانفال ٩ـ ١٠).

وقال تعالى: "الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب" (الرعد ٢٨) وقال تعالى: "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية× فادخلي في عبادي وادخلي جنتي" (الفجر ٢٧ـ ٣٠).

وحوت السنة النبوية المطهرة العديد من الاحاديث والمواقف ذات العلاقة بالطمأنينة: فعن صفية بنت شيبة ـ رضي الله عنها ـ قالت: لما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عام الفتح طاف على بعير يستلم الركن بمحجن في يده. قالت: وأنا أنظر إليه. رواه أبو داود وحسنه الألباني.

ـ وعن أبي الحوراء السعدي ـ رضي الله عنه ـ قال: قلت للحسن بن علي ـ رضي الله عنهما ـ ما حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة) رواه الترمذي وقال حسن صحيح.

ـ وعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يكون عليكم أمراء تطمئن إليهم القلوب، وتلين لهم الجلود، ثم يكون عليكم أمراء تشمئز منهم القلوب، وتقشعر منهم الجلود، فقال رجل أنقاتلهم يارسول الله؟ قال: لا ما أقاموا الصلاة) رواه أحمد.

ـ عن البراء ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاحزاب ينقل التراب وقد وارى التراب بياض بطنه وهو يقول:

لولا أنت ما اهتدينا

ولا تصدقنا ولا صلينا

فأنزل السكينة علينا

وثبت الأقدام إن لاقينا

إن الألى قد بغوا علينا

إذا ارادوا فتنة أبينا

ـ وعن البراء ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رجل يقرأ سورة الكهف، وعنده فرس مربوط بشطنين، (أي حبلين طويلين" فتغشته سحابة، فجعلت تدور وتدنو. جعل فرسه ينفر منها. فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال: (تلك السكينة نزلت للقرآن) رواه مسلم.

قال صلى الله عليه وسلم: (وما أجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه) رواه مسلم.

وقال صلى الله عليه وسلم: (يسروا ولا تُعسروا وَسكِّنوا ولا تنفروا). متفق عليه. وللعلماء آثار وأقوال عديدة في الطمأنينة منها: قال مالك بن أنس ـ رحمه الله ـ حق على من طلب العلم أن يكون له وقاراً وسكينة وخشية والعلم حسن لمن رُزق خيره.

وعن مجاهد في قوله تعالى: "يا أيتها النفس المطمئنة" (الفجر ٢٧) قال: التي أيقنت بأن الله ربها). وقال قتادة: هذا المؤمن اطمأن إلى وعد الله.

وللطمأنينة العديد من الفوائد منها:

ثناء الله تعالى على النفوس المطمئنة ورضاه عنها وهي سبب من أسبب سعادة الإنسان ودليل فلاحه، وهي طريق موصل إلى الجنة ودليل اليقين وصحة الدين والوقار، والطمأنينة عند الموت دليل رضا الله ـ عز وجل ـ وبشرى لصاحبها بدخول الجنة.

فعلينا بتعلم الطمأنينة والعمل بمقتضاها لنفوز في الدنيا والآخرة.



المصدر: موسوعة نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم (مرجع سابق) (ج ٧) (ص ٢٧٠٢).















.

نسخة للطباعة

شـــكرا للمحامي.. تمخضوا فولدوا فأرا!

في خطاب أرسلته السيدة أنديرا غاندي في عام 1957 إلى دوروثي نورمن ـــ وهي صحفية وكاتبة ومصورة أمري... [المزيد]

الأعداد السابقة