فوائد القصص القرآني
 تاريخ النشر : الأربعاء ١ أغسطس ٢٠١٢
بقلم: د. علي أبوهاشم
تحمل القصة القرآنية معاني سامية، ومقاصد نبيلة، وتهدف إلى غاية عظيمة، وترتقي بالنفس إلى درجات السمو الاخلاقي، كما تغرس في القلب العظة والعبرة اللتين توصلان إلى الجسد الايمان الصحيح والعقيدة الثابتة، وللقصة فوائد جمة منها فوائد عامة لكل الناس، ومنها فوائد خاصة بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم). وذلك في تثبيت قلب النبي، وإذهاب همه وحزنه على إعراض قومه. يقول تعالى: "وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما تثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين" (هود: ١٢٠)، والأمة الاسلامية تابعة لرسولها في هذه الفائدة، فإن قصص القرآن الكريم يشد أزر الأمة، ويقوى عزيمتها، ويثبتها على الحق، فإن الأمة في أزماتها تحتاج إلى التذكير والتوجيه، فتجد ذلك في قصص القرآن، ومن الفوائد الخاصة للقصة في القرآن الكريم: إظهار صدق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في دعوته وفي رسالته، وذلك بما أخبر به من أحوال الأمم السابقة، وما آل إليه مصيرهم، وما كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بقارئ، وما جلس إلى معلم، حتى يعلم أخبار القرون الأولى، يقول تعالى: "وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون. بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون" (العنكبوت: ٤٨، ٤٩)، وفي نهاية قصة يوسف يقول الله تعالى: "ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون" (يوسف: ١٠٢)، وفي نهاية قصة نوح يقول تعالى: "تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين" (هود: ٤٩).
وللقصة في القرآن الكريم فوائد عامة لكل مسلم ومسلمة، وفوائد لكل الناس. ومن هذه الفوائد: إيضاح أسس الدعوة إلى الله تعالى، وبيان أصول الشرائع السابقة التي بعث بها الانبياء. يقول تعالى: "وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون" (الانبياء ٥). ويقول تعالى: "ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت" (النحل: ٣٦).
إن أساس الدعوة في رسالة الانبياء واحد، وهو توحيد الله وعبادته، وان اختلفت الشرائع والاحكام، وفي ذلك يقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): الانبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد، ومن فوائد القصص في القرآن: تصديق الانبياء السابقين واحياء ذكراهم، وتخليد مواقفهم، مع أخذ العبرة والعظة من مواقفهم، كما في قصة يوسف عليه السلام، وما فيها من العظات التي تنمي الفضيلة وترتقي بالنفس، وتبتعد بها عن الرذيلة والشر. يقول تعالى: "لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين" (يوسف: ٧)، وكذلك قصة نوح عليه السلام، وموقف قومه منه وصبره على تكذيبهم واعراضهم، حتى أيده الله بنصره، وكذا بقية الانبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، وفي القرآن الكريم سور بأسماء الانبياء، مثل سورة إبراهيم، نوح، هود يونس (عليهم السلام)، ومن فوائد قصص القرآن: مقارعة أهل الكتاب بالحجة فيما كتموه من البينات والهدى، وتحديه لهم ان يأتوا بدليل أو يقيموا الحجة على ما ابتدعوه، كما في قوله تعالى: "كل الطعام كان حلاً لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين" (آل عمران ٩٣).
أيها القارئ الكريم: ان القصة ضرب من ضروب الادب، يصغي إليها السامع وترسخ عبرها في النفس، ولأن القصة في القرآن أحسن القصص وأصدقه فلها أعظم التأثير.
.
مقالات أخرى...
- أخلاق منجية: الطمأنينة من أسباب السعادة ودليل صحة الدين - (1 أغسطس 2012)
- الصيام والتكامل الاجتماعي - (1 أغسطس 2012)
- الشباب والقدوة أبو بكر الرازي (١) - (1 أغسطس 2012)
- الصلاة في الشرائع القديمة - (1 أغسطس 2012)
- أخلاق منجية: الصفح يقوي الأخوة ويسعد الأمة - (31 يوليو 2012)
- فلسفة الصيام عند الأطفال - (31 يوليو 2012)
- دعاء الصائم مستجاب (٢) - (31 يوليو 2012)
- الشباب والقدوة محمد بن موسى الخوارزمي (٢) - (31 يوليو 2012)
- أخلاق منجية: الشرف جالب المحبة وحاجب القبيح - (30 يوليو 2012)