الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٤٩ - الأربعاء ١ أغسطس ٢٠١٢ م، الموافق ١٣ رمضان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

مقال رئيس التحرير

شـــكرا للمحامي.. تمخضوا فولدوا فأرا!







في خطاب أرسلته السيدة أنديرا غاندي في عام ١٩٥٧ إلى دوروثي نورمن ـــ وهي صحفية وكاتبة ومصورة أمريكية ناصرت معركة النضال الهندي للاستقلال ــ كتبت فيه تقول: (إننا تعودنا أن نقول كلمة "شكرا" لأمور صغيرة عدة مثلما يفتح أحدهم باب السيارة لنا أو أية أمور تعكس رعاية واهتمام الآخرين العادية نحونا إلى درجة أننا عندما نريد أن نعكس شعورا أعمق أو أن نبدي امتنانا أكبر نكتشف محدودية اللغة، ولا يسعنا إلا أن نقول كلمة "شكرا").

فالشكر موصول إلى الأخ المحامي نبيل سعيد الذي استعرض معنا من خلال تحقيقاته وأعمدته خلال فترة أربعة أسابيع ومن خلال سبعة أعمدة، الفساد العارم الذي يعانيه قطاع التطوير العقاري، والذي تضرر من خلاله الكثير من أبناء البلد ومستثمريها سواء من داخل البحرين أو خارجها.

وكعادتنا في جريدة "أخبار الخليج"، فإننا لا ننشر أمورا حساسة مثل هذه ما لم يكن لدى كاتبها ما يثبت كلامه ويدعم ادعاءاته. والحق يقال فمع كل عمود كتبه الأخ الفاضل كان يرسل رزمة من الأوراق التي تسند مقالاته وتؤكد لنا صحة أقواله، وإن كان قد التزم وبكل أدب واحترام ألا يذكر أية أسماء أو يوجه أصابع الاتهام إلى أية جهة بصورة علنية، تاركا طريق الرجعة وان جاز القول التوبة، عما اقترفوه في حق كل من عانى من الفساد والنهب وسوء الادارة التي يعانيها هذا القطاع المهم في اقتصاد المملكة.

ولكن وبعد كل هذا ان نواجه بكتاب رسمي من جهة رسمية يقع على عاتقها أن تكون أول من يجب أن يكون مسئولا عن منع هذا الفساد وسوء الإدارة والرقابة على هذه الشركات، تنتقد فيه الأستاذ الفاضل فهذا أمر إن لم يكن عجيبا فهو مخزٍ لا محالة.

فبعد أن نشر الأستاذ الفاضل مقالته الرابعة من أصل سبعة مقالات حول هذا الموضوع تناول فيها خمس شخصيات وشركات مختلفة، تحركت هذه الجهة الرسمية من سباتها وبدأت تستفسر عن الجهة المعنية في العمود، وبموافقة مسبقة من جريدتنا ولمراعاة الأعراف الصحفية استأذن الأستاذ الفاضل وقدم للجهة المعنية نسخا من الرسائل التي وجهت إليهم ونسخا من تقرير مدقق الحسابات الداخلي والخارجي، التي بينت المخالفات القانونية التي يفترض أن تكون الجهة المعنية المستفسرة أول من يعلم عنها.

واستبشرنا خيرا، ولكن كم كانت مفاجأتنا عندما وردتنا رسالة الجهة الرسمية يوم أمس الأول، متضمنة سلسلة من الاتهامات للأستاذ الفاضل بدلا من أن تتضمن ولو كلمة شكر لنا أو له لحرصنا على سمعة بلادنا.

ولو قرأنا رسالة الجهة المعنية وحللنا ما بها من كلام، أضاع المسئولون وقتهم في كتابتها، لوجدنا أنها وإن احتوت على اسم الأستاذ الفاضل ست مرات في حين أننا لم نذكر اسمه في هذا التعليق إلا مرة واحدة، فإن رسالتهم تحتوي على أدلة دامغة ضدهم.

فاعتراف كاتب الرسالة بأن الاستاذ الفاضل أرسل إلى الجهة الحكومية نسخا من الأدلة، حيث يصرح "تبين بعد تسلّم نسخة منها مستندات بأنها مستندات أغلبها موجودة لدينا وتخص مساهمين آخرين ولا تؤكد الادعاءات التي أطلقها". فما رأيكم مثلا في تقرير المدقق الخارجي الذي يقول إن تقريره مبني على "أساس رأي متحفظ" و"في هذا الصدد لم نحصل على بيانات تدقيق كافية حتى يتسنى لنا التحقق من صحة وتمام وتقييم الاستثمارات والمبالغ المستحقة..."، و"لم نتمكن من التوصل إلى نتيجة مرضية لنا بشأن الأمور المذكورة أعلاه باستخدام إجراءات تدقيق أخرى" ولكن الجهة الرسمية ما زالت تؤكد أن ثمة مخالفة لم ترتكب.

ثم يفيد كاتب الرسالة بأن "هناك شكوى على الشركة من مساهمين آخرين تم التعامل معها والرد عليها في وقتها" وللعلم الكريم، فإن الشكاوى بلغت اثنتي عشرة رسالة لم يتسلم الشاكي إلا ردا واحدا عليها تضمن ان نسبة مساهمة الشاكي "ضئيلة جدا ولا تخولكم التقدم بمثل هذا الطلب..." و"إن رئيس مجلس الادارة غير ملزم بالرد كتابيا على استفسار لأي مساهم..." ثم إن تقرير المدقق الداخلي المكون من تسع صفحات يحتوي تشكيلة من المخالفات بلغ عددها سبع عشرة مخالفة ورأت الجهة المعنية أن تتجاهلها كلها في حين أنها تعترف أعلاه "بأنها موجودة لديها".

وبعد هذا كله تأتي الطامة الكبرى حين ينصحنا كاتب الرسالة ويقول: "فإننا نهيب بكم التحقق والتيقن من المعلومات قبل نشرها في صحيفتكم الموقرة" وذلك لأن الجهة المعنية استغرقت ثلاثة أسابيع لا لتجيب على المخالفات أو لتحقق فيها، لأنها مخالفات بالفعل ارتكبت، بل لتجد وسيلة للطعن في الأستاذ الفاضل، فكما يقول المثل: "تمخض الجبل فولد فأرا".

وبالتالي وان كان أسلوب الجهة الرقابية لدينا هو التقوقع والسلبية بدلا من قبول النقد كما أشارت قيادات البلد فما لنا إلا أن ننصح الأستاذ الفاضل بأن يتوقف عن الأذان في الخرابة.















.

نسخة للطباعة

شـــكرا للمحامي.. تمخضوا فولدوا فأرا!

في خطاب أرسلته السيدة أنديرا غاندي في عام 1957 إلى دوروثي نورمن ـــ وهي صحفية وكاتبة ومصورة أمري... [المزيد]

الأعداد السابقة