الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٣٧ - الاثنين ٢ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٨ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

المال و الاقتصاد


٢,٥ مليار دولار استثمارات لفلسطينيين بإسرائيل





لا يمكن لعاقل أن يتصور أن عربياً يمكن أن يدعم اقتصاد اسرائيل، التي تقتل وتشرد وتسلب الأرض، وتمارس كل سياسات التعذيب والتنكيل بأبناء الشعب الفلسطيني، ويزداد الأمر غرابة حين تشير دراسات اقتصادية عربية إلى أن من يقومون بهذا هم من أبناء الشعب الفلسطيني ذاته.

ففي دراسة فلسطينية أكاديمية حديثة أعدها الباحث الفلسطيني عيسى سميرات، تشير إلى كبر حجم الاستثمارات التي قام بها رجال أعمال فلسطينيون داخل إسرائيل وفي المستوطنات المحتلة.

نتائج الدراسة أثارت جدلاً واسعاً بين من شكّك في صحتها، وبين من طالب بمحاسبة هؤلاء المستثمرين إذا ما تأكدت صحة هذه المعلومات التي أوردها الباحث في دراسته.

ونسبت وكالة الصحافة العربية للسيد سميرات قوله إن «الدراسة شملت ٥٤٠ من عينة رجال الأعمال الفلسطينيين الذين حصلوا على تصاريح دخول إلى إسرائيل بين عامي ٢٠٠٩ و٢٠١٠، وعددهم ١٦ ألف مستثمر، وبلغ إجمالي استثماراتهم في إسرائيل والمستوطنات ٢,٥ مليار دولار في ٢٠١٠، وأضاف سميرات أن البحث أنجز في إطار دراسته للحصول على درجة الماجستير».

كما يوضح الباحث أن هذه الاستثمارات لم تأت بدافع حكومي أو رسمي فلسطيني، وإنما هي استثمارات فردية لعمال وتجار وأصحاب رؤوس أموال من الضفة والقدس الشرقية والفلسطينيين الموجودين داخل الخط الأخضر، وقد استثمروا أموالهم في شركات لهم داخل إسرائيل أو مؤسسات فلسطينية إسرائيلية مشتركة.

وأكدت الدراسة أن السلطة ليس لها علاقة بهؤلاء المستثمرين، وإن هذه الاستثمارات ليست وليدة اللحظة، بل يزيد عمرها على أربعين سنة، وأن حجم الاقتصاد الإسرائيلي يناهز ٢٠٠ مليار دولار، فيما لا يتجاوز الاقتصاد الفلسطيني ٢,٥% من الاقتصاد الإسرائيلي، كما أن كُلفة الاستثمار بالأراضي الفلسطينية، أعلى من مثيلتها بإسرائيل ويأتي هذا في الوقت الذي يعاني خلاله اقتصاد فلسطين من ضعف بسبب القيود التي فرضتها الدولة الاسرائيلية والتي كان من أهمها إقامة الحواجز التجارية على التصدير والاستيراد، الأمر الذي فرض معه محاصرة الاقتصاد الفلسطيني، إضافة إلى فقدان المستثمر الفلسطيني الثقة باقتصاد بلاده وهو الأمر الذي انعكس من المشهد السياسي كما أوضحت الدراسة.

الجدير بالذكر أن السلطة الفلسطينية تعتمد في اقتصادها على الدعم الخارجي فضلا عن الضرائب والتي تبلغ نسبة النمو المتوقعة في أداء إيراداتها من خلال العام المالي الماضي ٢٠١٠ - ٢٠١١ هي ٨%، لتصل إلى ٥١٢ مليون دولار في عام ٢٠١١، وأما الإيرادات غير الضريبية فيتوقع أن تصل إلى ٣٠٠ مليون دولار في عام ٢٠١١، كما أشار إلى أن إيرادات المقاصة للسلطة الوطنية لعام ٢٠١١ من المتوقع أن تصل إلى مبلغ ١,٤٤ مليار دولار، أي بزيادة قدرها ١٤% عن عام ٢٠١٠، كما يتوقع أن ترتفع إيرادات السلطة الوطنية الإجمالية إلى ٢,٢٥ مليار دولار، أي بزيادة مقدارها ١٢% عن مستوى الإيرادات الذي تحقق في عام .٢٠١٠

استثمارات مقيدة

من جانبه، استبعد عبدالحفيظ نوفل وكيل وزارة الاقتصاد في رام الله أن تكون نتائج هذه الدراسة واقعية أو موضوعية حيث قال إنه لا توجد استثمارات بهذا الحجم مطلقا، لأن الفلسطينيين في الضفة وغزة مقيدو الحركة داخل إسرائيل، والحديث عن ١٦ ألف مواطن حصلوا على تصاريح دخول لإسرائيل وهذا لا يعني أنهم يستثمرون أموالا.

وقال نوفل «إننا نستورد من إسرائيل ما قيمته أربعة مليارات دولار من سلع وخدمات، ونصدر لها ٦٠٠ مليون دولار، وبالتالي فإن الجزء الأكبر من هؤلاء الفلسطينيين يتحركون لمتابعة وارداتهم وصادراتهم، وليسوا مستثمرين».

وأضاف أن «هناك نشاطا تجاريا وليس استثمارات مع فلسطينيين داخل الخط الأخضر والقدس الشرقية، مشيرا إلى أن هؤلاء جزء من المجتمع الفلسطيني، ونشجع وندعم التبادل التجاري معهم».

و أكد أن الاتفاقات الاقتصادية الموقعة بين الفلسطينيين وإسرائيل لا تلزم الفلسطينيين بتنفيذ أي استثمارات بإسرائيل. كما حذر نوفل من ان الانطباعات السيئة التي انطوت عليها الدراسة والتي اعتبرها خاطئة ولنم تنبني على أساس علمي دقيق وهو الأمر الذي من شـأنه أن يضع المؤسسات الدولية والعربية في موقف حرج مع شعوبها.

مقاطعة اقتصادية

وكان حقوقيون واقتصاديون قد دعوا إلى وقف الاستثمارات الفلسطينية في اسرائيل بالاستناد إلى المرسوم الرئاسي الفلسطيني الذي يجرم التعامل مع المستوطنات، حيث إن لها انعكاسات سلبية على مستوى الإخلال بمتطلبات النهوض بالاقتصاد الوطني الفلسطيني، وتحفيز دوره في العمل على توفير حلول لمعوقات التنمية ومشكلات الفقر والبطالة، والإسهام في التحرر النسبي من التبعية للاقتصاد والسوق الإسرائيلية، فضلا عن معالجة العوائق والحواجز، التي تضعها إسرائيل في وجه الاستثمار الفلسطيني في الاقتصاد الوطني الفلسطيني، والتي تحول دون توفير بيئة استثمارية مناسبة لرؤوس الأموال الفلسطينية تدقيق ومراجعة كل أوجه النشاط الاقتصادي التي تتعلق بالعلاقة مع الاقتصاد الإسرائيلي، حمايةً للاقتصاد الوطني من السيطرة والتبعية.

وردا على ما دعا إليه البعض من المقاطعة الفلسطينية للاقتصاد الإسرائيلي، يقول الخبير والمحلل الاقتصادي د. ماهر الطباع إن «فك الارتباط الاقتصادي مع الجانب الإسرائيلي كخطوة أحادية الجانب سوف تؤدي إلى تداعيات خطيرة على حياة سكان قطاع غزة البالغ عددهم ١,٧ مليون مواطن يحيون تحت ظروف قهرية نتيجة الحصار والأوضاع الاقتصادية المتردية، وهو الأمر الذي يعني إغلاق كل المعابر مع قطاع غزة، ووقف تزويد قطاع غزة بالاحتياجات المعيشية الأساسية كالكهرباء والمياه والوقود والغاز، كما سوف يؤدي إلى وقف كل المعاملات التجارية، وتحويل الأموال مما سوف يتسبب في كارثة إنسانية لقطاع غزة.

ويضيف إن «خطورة الأمر تكمن في عدم استغلال هذه الأموال داخل فلسطين لتعزيز اقتصاده، إلا أنه حذر من مغبة استمرار هذه الاستثمارات في ظل السعي الفلسطيني لإزالة المستوطنات».ئ



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة