الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٣٧ - الاثنين ٢ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٨ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

المال و الاقتصاد

»latipaC BNQ« يؤكد في تقرير حديث:
الاقتصاد الأمريكي سيتعافى قريبا رغم التحديات الكبيرة





شهد النصف الثاني من ٢٠١١ حالة من التشاؤم بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي وتذبذبات حادة في أسواق المال. ورغم أن هذه الحالة من المتوقع أن تستمر في العام الجديد، فإن تحليل صادر عن خر كابيتال يرى أن عام ٢٠١١ انتهى بمؤشرات غير متوقعة لتعافي الاقتصاد الأمريكي.

وتُصدِر الولايات المتحدة كمية كبيرة من البيانات الاقتصادية التي يعكف على دراستها المحللون وخبراء الاقتصاد، وبخاصة البيانات التي تعطي مؤشرات حول الاتجاه في القطاعات الرئيسية من الاقتصاد، ومن بينها مؤشرات ثقة المستهلكين، وعدد الوظائف الجديدة، ومديري المشتريات، وبيانات عدد المنازل الجديدة وعمليات البيع في سوق العقارات.

وغالباً ما تعطي هذه البيانات رسائل متناقضة وقد تشهد تذبذبات حادة من شهر إلى آخر، الأمر الذي يؤدي إلى تفسيرات متباينة حول مستقبل الأداء الاقتصادي. لكن يستطيع خبراء الاقتصاد تقديم توقعات بثقة أكبر عندما يتحرك عدد من مؤشرات القطاعات المختلفة في نفس الاتجاه.

ويبدو أن هذا ما يحدث حالياً في الاقتصاد الأمريكي، حيث إن الكثير من البيانات، وليس كلها، التي صدرت خلال الأسابيع القليلة الماضية كانت تشير إلى مستوى معتدل من القوة في الاقتصاد الأمريكي، وهو ما كان بمثابة مفاجأة للكثيرين الذي كانوا يركزون على المشاكل الجمة في منطقة اليورو.

وجاء أهم هذه المؤشرات من بيانات مؤشر ثقة المستهلكين الذي ارتفع بقوة إلى مستوى ٦٤,٥ نقطة في ديسمبر ٢٠١١، متجاوزا بقوة متوسط توقعات الخبراء.

وقد شهد هذا المؤشر تراجعات متتالية خلال العام الماضي، مما يُبين عدم استعداد المستهلكين لزيادة إنفاقهم بسبب المخاوف حول الأمان الوظيفي. لكن المؤشر غيّر اتجاهه في نوفمبر وبلغ حالياً المستويات التي سجلها في إبريل الماضي. هذا التحول أدى إلى ارتفاع مبيعات التجزئة في نوفمبر بنسبة ٦,٧% مقارنة مع نفس الشهر من عام ٢٠١٠، فضلاً عن أن المبيعات خلال فترة الأعياد تبدو قوية.

ويعتبر التحسن في سوق العمل أحد أهم أسباب زيادة ثقة المستهلكين، رغم أن معدلات البطالة لا تزال مرتفعة عند ٨,٦%، لكن تظل أدنى من ذروتها. ويتم توفير فرص عمل جديدة باستمرار، حيث إن عدد الموظفين شهد ارتفاعات شهرية منذ أكتوبر ٢٠١٠ وبمتوسط ١٣٣ ألف موظف جديد شهرياً. وفي الواقع، قدم القطاع الخاص حوالي ثلاثة ملايين وظيفة خلال العامين الماضيين مما قلص من تداعيات فقدان الوظائف في القطاع العام بسبب محاولة الحكومة الأمريكية تقليص العجز في ميزانيتها.

من ناحية أخرى، تراجع عدد الأشخاص الجدد الذين يطلبون إعانات بطالة كل أسبوع ليصل إلى ٣٦٤ ألف شخص خلال الأسبوع الثاني من ديسمبر، وهو أدنى مستوى منذ شهر إبريل ٢٠٠٨، وتقريباً نصف الذروة التي بلغها في مارس .٢٠٠٩ وهناك اعتقاد سائد بأن وصول هذا العدد إلى ما دون ٤٠٠ ألف شخص يجعل الاقتصاد الأمريكي قادراً على توفير عدد من الوظائف الجديدة يكون كافياً لتعويض الوظائف التي يتم فقدانها وتغطية الطلب من الداخلين الجدد إلى سوق العمل.

كما أن مؤشر مديري المشتريات يعتبر مؤشرًا رئيسيًا لأنشطة المؤسسات، حيث تراجع المؤشر إلى ٣٣ نقطة عقب الأزمة المالية العالمية في نهاية ٢٠٠٨، لكنه شهد ارتفاعًا إلى مستوى ٦١ نقطة في فبراير .٢٠١١

غير أن المؤشر عاود التراجع مرة أخرى إلى ما دون المستوى الحرج عند ٥٠ نقطة، الأمر الذي أعطى مؤشرات على احتمال حدوث انكماش اقتصادي. لكن المؤشر ارتفع مرة أخرى إلى ٥٣ نقطة في نوفمبر ومن المتوقع أن يواصل الارتفاع خلال ديسمبر. ورغم أن هذه المعدلات لا تعتبر مؤشرًا على نمو قوي في الاقتصاد، إلا أنها تشير إلى أن الاقتصاد تجاوز المخاوف من حالة الانكماش.

لكن بيانات سوق العقارات تبدو متضاربة حيث إن عدد المنازل الجديدة التي تم الشروع في بنائها بلغ ٦٨٥ ألف منزل في نوفمبر، وهو ثاني أكبر معدل منذ أكتوبر .٢٠٠٨ كما أن مبيعات المنازل الجديدة والقائمة ارتفعت خلال نفس الشهر.

غير أن بيانات أسعار المنازل، التي تأتي متأخرة عدة أشهر، لم تكن مشجعة، حيث أظهرت بيانات صدرت في نهاية ديسمبر عن مؤشر كايس شيللر- ستاندردز آند بورز لأسعار المنازل أن متوسط الأسعار في أكبر المدن الأمريكية تراجع بنسبة ١,٢% خلال شهر أكتوبر الماضي، وهو مستوى أدنى من التوقعات.

وهذا يُشير إلى أن معدل التراجع السنوي بلغ ٣,٤%، مما يعني أن أسعار المنازل تراجعت إلى مستويات عام .٢٠٠٣ لكن نظراً إلى أن بيانات هذا المؤشر تأتي متأخرة شهرين فإنها لا تؤثر بالضرورة على البيانات الايجابية الأخرى.

كما أن الخلافات بين السياسيين حول القضايا الاقتصادية كانت من العناوين الرئيسية خلال العام الماضي ولعبت دوراً في قرار مؤسسة ستاندردز آند بورز في أغسطس بتخفيض التصنيف الائتماني لديون الولايات المتحدة السيادية. وأيضا هددت وكالة التصنيف الائتماني فيتش بتخفيض تصنيف الولايات المتحدة بعد أن فشلت لجنة عليا في الكونجرس الأمريكي وتضم أعضاء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في التوصل إلى اتفاق حول إجراءات تقليص العجز خلال شهر نوفمبر.

لكن قرار الكونجرس خلال ٢٠١١ بالموافقة على تمديد التخفيض المؤقت بنسبة ٢% في الضرائب على الدخل أدى إلى تخفيف المخاوف بين خبراء الاقتصاد، حيث إن انتهاء هذا التخفيض في الضرائب كان من المتوقع أن يقلص القوة الشرائية للمستهلكين ويمثل تهديداً للتعافي الاقتصادي.

ومع ذلك ستستمر حدة الخلافات السياسية في الارتفاع خلال ٢٠١٢ مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية لعدة أسباب. أولاً، تم تمديد العمل بالتخفيضات الضريبية مدة شهرين فقط وليس للعام بالكامل حسبما طلب الرئيس الأمريكي باراك أوباما. وثانياً، ستحتاج الإدارة الأمريكية إلى موافقة الكونجرس على زيادة سقف الدين العام، وهو القضية التي كانت ستؤدي إلى توقف الحكومة عن العمل خلال أغسطس الماضي.

في الوقت الحالي، تتجاوز المؤشرات الايجابية المؤشرات السلبية وهناك توقعات بأن يحقق الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة نمواً بنسبة ٢,٥% خلال .٢٠١٢ ورغم أن هذا المعدل لا يزال أدنى من مستويات النمو التي حققها الاقتصاد الأمريكي على المدى الطويل، فإنه يبدو نمواً قوياً مقارنة مع توقعات انكماش الاقتصاد الأوروبي.

وبعيداً عن الخلافات السياسية الداخلية واستمرار معدلات ديون الأفراد الأمريكيين عند مستويات مرتفعة، يرى تحليل خر كابيتال أن هناك ضغوطا خارجية يمكن أن تواجه الاقتصاد الأمريكي بما في ذلك زيادة تداعيات أزمة منطقة اليورو، واحتمالات ارتفاع أسعار النفط بشكل متواصل، وتباطؤ النمو في الاقتصاد الصيني بمعدلات أسرع مما هو متوقع.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة