مشروع حضاري نتمناه
 تاريخ النشر : الاثنين ١٦ يناير ٢٠١٢
صلاح فؤاد عبيد
تحت عنوان: («الأشغال» تقيّم المباني الحكومية بهدف تحسين استهلاكها للطاقة)، نشرت «أخبار الخليج» في عددها الصادر يوم أمس خبرا عن المعرض العربي للآليات الهندسية الذي أقيم مؤخرا في مركز البحرين الدولي للمعارض والمؤتمرات، وجاء في الخبر أن مديرة إدارة مشاريع البناء في وزارة الأشغال تقدمت إلى المعرض المذكور بورقة عمل أكدت فيها «أن الوزارة بادرت بتطبيق عناصر المباني الخضراء على تصاميم المدارس الجديدة بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم وذلك انطلاقا من الأهداف الاستراتيجية الهامة التي تدعمها وزارة الأشغال ضمن خطتها الاستراتيجية وتأكيدا لتوجهاتها للحفاظ على البيئة وعلى الموارد والثروات الطبيعية في المملكة». وتحدثت ورقة العمل عن (مبادرة المباني الخضراء المستدامة) التي تتبناها وزارة الأشغال والتي من خلالها قامت الوزارة «بتقييم الطاقة للمبنى الجديد التابع لها وذلك بهدف الارتقاء به للوصول إلى اعتماده كمبنى أخضر.. وأن الوزارة تتطلع إلى إعادة تقييم أداء المباني الحكومية التي تقوم بصيانتها، وتحديد الجوانب التي من الممكن تأهيلها بهدف تحسين أدائها وترشيد استهلاك الطاقة فيها، وتكثيف حملات التوعية وبرامج نشر المعرفة الخاصة بترشيد استهلاك الطاقة في المباني وذلك على مستوى الموظفين كافة، وتأكيد أهمية السلوك والممارسات الصحيحة في توفير استهلاك الطاقة، وتقليل التأثير السلبي على البيئة» انتهى.
حين قرأت هذا الخبر بحثت فيه من أوله إلى آخره عن كلمة واحدة حول استخدام الطاقة المتجددة في المباني الحكومية أو حتى مجرد التفكير في هذا الأمر فلم أجد، ما يعني أن مفهوم وزارة الأشغال عن الأبنية الخضراء هو مجرد كونها أقل استهلاكا للطاقة من المباني التقليدية، على الرغم من أن أول شيء يجب أن نفكر فيه نحن البحرينيين هو كيفية استغلال الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء في تلك المباني لتحويلها إلى وحدات مكتفية ذاتيا من الطاقة، عبر تغطيتها بألواح زجاجية تحتوي على خلايا شمسية تمتص حرارة الشمس وتحولها إلى طاقة تشغــّــل أجهزة الإنارة والتكييف فيها لتستغني عن شبكة الكهرباء الحكومية تماما، وخصوصا أن الصين نجحت منذ عدة سنوات في تطبيق هذه الفكرة في فندق قامت بكسوة ثلاث من واجهاته بخلايا شمسية تمتص الطاقة الحرارية وتخزنها في بطاريات موصولة بمحولات للتيار تجعل من الطاقة المخزنة قادرة على تشغيل جميع الأجهزة الكهربائية والإلكترونية في الفندق بكل مرافقه على مدار الساعة، بحيث استغنى تماما عن شبكة الكهرباء الحكومية، بل صار ينتج أكثر من حاجته من الطاقة ويبيع الفائض على الحكومة، على الرغم من أن ذلك المبنى تم تشييده في المنطقة الباردة شمال تلك الدولة حيث ينخفض معدل الإشعاع الشمسي هناك عشرات المرات عن مستواه في البحرين ودول الخليج.
تخيلوا معي لو أن جميع المباني الحكومية في البحرين تمت تغطيتها بخلايا شمسية، كم من الطاقة سنوفر سنويا؟ وتخيلوا معي لو أن جميع الأبراج السكنية والتجارية بل والبيوت في البحرين تمت تغطيتها بتلك الخلايا وتحولت بذلك إلى وحدات مستقلة تنتج طاقتها بنفسها، كم سنقلل من استهلاك الطاقة الأحفورية وكم سنخفض من الانبعاثات الكربونية الضارة بالبيئة والإنسان؟ وكم سنوفر من الملايين التي يتم إنفاقها على تشييد محطات توليد الكهرباء التقليدية وتمديد شبكات توزيعها في طول البلاد وعرضها؟!
لسنا نريد من الحكومة سوى السماح للقطاع الخاص بإنشاء شركة تعنى بتنفيذ وإدارة هذا المشروع الحضاري الحيوي الذي يجعل من البحرين أول دولة في العالم تعتمد على الطاقة الشمسية اعتمادا شبه كامل في توفير احتياجاتها من الكهرباء الدائمة بأسعار زهيدة، ولو تحقق هذا فإن بلادنا ستجني فوائد تفوق الحصر.
salah_fouad@hotmail.com
.