الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٦٠ - الأربعاء ٢٥ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٢ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


من يلومنا في الجامعة العربية؟!





لن يلوم أحد العرب إذا ما اعتقدوا أن تحرك الجامعة العربية في الملف الليبي يبدو أنه جاء بإملاءات خارجية..! السبب بسيط جداٌّ، إذ إنّ مَن يقارن موقف الجامعة العربية وطريقة تعاملها مع الملف السوري، الذي وصل إلى حد إرسال زعيم مليشيات وجنرال عسكري، يصنف كأسوأ مراقب لحقوق الإنسان في العالم، ليكون على رأس بعثة لمراقبة ما يجري على الأراضي السورية، وليقدم بعد ذلك تقريراً هدفه تقديم الذرائع لنظام الأسد كي ينفذ المزيد من المجازر في مواطنيه، أقول لا شك أن من يقارن هذا بطريقة تعامل الجامعة مع الملف الليبي لن يلومه أحد إذا ما اقتنع بأن الجامعة العربية كانت مسيرة وليست مخيرة..!

لقد جاء موقف دول مجلس التعاون الخليجي، بسحب مراقبيهم من بعثة المراقبين في سوريا، والبالغ عددهم أكثر من ٥٠ مراقباً، بمثابة الخطوة المتأخرة جداٌّ، والتي يبدو -مع ذلك- أنها حفظت لدول الخليج العربي على أقل تقدير ماء الوجه الذي كاد يجف في أروقة الجامعة العربية.

لكن السؤال: هل أدركت دول مجلس التعاون أن في الجامعة العربية ثمة من يحاول اللعب بالملف السوري ويدفع لشراء المزيد من الوقت لآلة القتل السورية؟ بشكل عام يبدو أن دول الخليج أدركت ذلك، وتجسد هذا الإدراك في كلمة الأمير سعود الفيصل في اجتماع المجلس الوزاري للجامعة حينما رفض أن تكون المملكة العربية السعودية شاهد زور على ما يحدث في سوريا. ومن بعد السعودية انضمت بقية دول الخليج إليها وأعلنت سحب مراقبيها من سوريا، ووجه مجلس التعاون الخليجي نداءً إلى مجلس الأمن كي يمارس دوره في الضغط على الحكومة السورية لتنفيذ المبادرة العربية بتفاصيلها. وفي الوقت نفسه، تناقلت بعض المصادر الإعلامية أنباءً عن وفد خليجي يعد لزيارة موسكو من أجل إقناع الروس بتغيير موقفهم الداعم للنظام السوري. جميع هذه المعطيات التي جاءت بشكل متسارع، تؤشر على أن دول مجلس التعاون اكتشفت أمراً ما يحدث في الخفاء داخل الجامعة العربية، وهذا الأمر هو في جميع الأحوال لا يصب في صالح الشعب السوري. لذلك جاءت ردة الفعل الخليجية كمن استيقظ فجأة من سبات عميق، وأدرك أنه ما لم يتم التحرك الجدي خارج نطاق الجامعة العربية المتآمرة على الشعب السوري، فإن الوقت سيكون متأخراً جداٌّ لتقديم أي شيء في المستقبل.

المعطيات على الأرض تشير الآن إلى نقلة نوعية وتغير دراماتيكي في التعاطي مع الملف السوري، والأوضاع على الأرض هناك بدأت هي الأخرى تتغير، والأيام القادمة لا تحتاج إلى جهد ذهني لنقول إنها ستكون حبلى بالمفاجآت، ونأمل ألا تكون مفاجآت سيئة..



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة