الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٦٦ - الثلاثاء ٣١ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٨ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

يوميات سياسية


«تصدير الثورة» بين إيران وأمريكا





الفريق ضاحي خلفان القائد العام لشرطة دبي معروف بآرائه ومواقفه التي يعتبرها البعض جريئة أو صريحة وغير دبلوماسية، وما شابه ذلك من توصيفات.

وسواء اتفقت او اختلفت معه في آرائه ومواقفه، فإن ما يحسب له ان هذه الاراء والمواقف في كل الأحوال اما انها صائبة وتعبر عن الحقيقة فعلا، واما انها على الأقل تلفت الانظار الى قضايا وجوانب مهمة مسكوت عنها أو لا تحظى بالاهتمام الواجب.

وفي الحوار الذي اجرته معه قبل ايام الاستاذة سوسن الشاعر، اثار الفريق ضاحي خلفان عددا من القضايا المهمة التي تستحق ان تكون موضعا للنقاش حول الأوضاع الراهنة في الخليج العربي بصفة عامة.

الكثير مما اثاره يستحق التوقف عنده.

لكن اكثر ما اعجبني شخصيا فيما اثاره ملاحظته الذكية حين لفت النظر الى اوجه اللقاء بين امريكا وايران فيما يتعلق بمسألة «تصدير الثورة» الى دول الخليج العربية بالذات.

قال هنا ان «تصدير الثورة الى المنطقة كان حلما ايرانيا.. اليوم امريكا تسعى الى تصدير هذه الثورات التي سموها الربيع العربي.. وهذا قالوه في شكل آخر هو فوضى خلاقة.. وكأن امريكا او العقلية الأمريكية تفكر بعقلية الخميني في الثمانينيات».

بالطبع، نحن نختلف معه في اعتبار ان ما سمي بـ «ثورات الربيع العربي» ما هي الا صناعة امريكية. هذا ليس صحيحا على الاطلاق . ولسنا هنا بصدد مناقشة ذلك.

لكن يبقى ان جوهر فكرته صحيح تماما.

صحيح تماما، مع الفوارق بالطبع، أنه ما بين «تصدير الثورة» على الطريقة الايرانية، والمشروع الامريكي لما يسمونه التغيير في الدول العربية، هناك أوجه لقاء وشبه كثيرة.

المبدأ في الحالتين واحد.. والنتائج واحدة.. والهدف النهائي ايضا واحد.

المبدأ في الحالتين الايرانية والامريكية هو العمل على اسقاط نظم حكم وفرض اوضاع في دولة والمنطقة عموما لحساب المشروع الخاص.. لحساب المشروع الايراني او الامريكي في المنطقة.

بالطبع الفارق هنا ان مبدأ تصدير الثورة على الطريقة الايرانية ينطلق من اعتبارات طائفية بحتة وصريحة، أي مقصود به ثورات شيعية على وجه التحديد. اما بالنسبة لأمريكا، فهي من حيث المبدأ لا يعنيها أمر الشيعة ولا السنة في حد ذاته. هي تروج لمشروعها تحت شعارات كاذبة من قبيل نشر الديمقراطية، واقامة نظم ديمقراطية وما شابه ذلك.

لكن لو قدر لأي من المشروعين ان ينجح ويتحقق، فان النتائج ستكون واحدة في كل الأحوال.

والنتائج هي باختصار شديد ستكون:

١- سقوط نظم حكم وطنية لحساب مشروع اجنبي غير عربي ولا علاقة له بأي اهداف أو غايات وطنية لشعوب المنطقة. هي اما اهداف عنصرية فارسية ايرانية، واما اهداف امبريالية امريكية.

وبالطبع، سوف يرتبط بهذا تنصيب قوى تابعة تخدم الاجندة الاجنبية بالأساس.

٢- تقسيم المجتمع وشق صفوفه، واثارة الفوضى والصراعات فيه بين مكوناته على اسس طائفية او غير طائفية.

٣- وايضا، تقسيم الدول العربية الخليجية فعليا بحيث تتحول المنطقة الى فسيفساء من الدويلات. والهدف النهائي من وراء المشروعين الإيراني والأمريكي هو ايضا في الحالتين واحد.

الهدف النهائي ببساطة في الحالتين كما هو مفهوم هو اضعاف الدول الخليجية العربية وتمزيقها بحيث تصبح الظروف مواتية لفرض المشروع الاجنبي، الايراني او الامريكي في المنطقة، والذي يقوم في جوهره على وضع مقدرات المنطقة برمتها تحت السيطرة الاجنبية.

وفي الحالتين ايضا من شأن المشروعين الايراني أو الامريكي خدمة المشروع الصهيوني في المنطقة استراتيجيا. واي خدمة اكبر من ان تغرق دول المنطقة في الفوضى او تتمزق المنطقة وتتحول الى دويلات على اسس طائفية بالأساس؟

هذه اذن بشكل عام اهم اوجه اللقاء والشبه بين المشروعين الايراني والأمريكي في المنطقة.

غير ان اهم واخطر اوجه اللقاء بين امريكا وايران ليس هذا الذي ذكرناه فقط. اخطرها هي أوجه اللقاء الطائفي.

وهذا حديث آخر باذن الله.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة