مدام أم مدمرة؟
 تاريخ النشر : الأحد ١١ مارس ٢٠١٢
جعفر عباس
الدنيا مقلوبة في مصر لأن أمريكيين كانوا معتقلين بتهمة إنشاء جمعيات حقوقية بدون تراخيص، تم الإفراج عنهم وتسفيرهم إلى بلادهم، بينما زملاؤهم المصريون ما زالوا في الحبس، وذكرني هذا بما حدث قبل سنوات: اقتحم رجل مصري السفارة الأمريكية في القاهرة، مطالبا بمقابلة القنصل، وكما هو متوقع فقد أحاط به رجال أمن السفارة، وبإنجليزية مكسرة قال لهم الرجل انه يريد من الأمريكان حمايته من الإرهاب، وبدأ الجماعة في استجوابه، وقد انفتحت شهيتهم لأنهم حسبوا انه قد يزودهم بمعلومات تعود عليهم بترقيات وحوافز مالية، فسألوه عن اسم الجماعة التي يخشى منها على سلامته الشخصية، فقال لهم انه ليس مهددا من قبل اي جماعة اصولية او جماعة «لا تعرف الأصول»، وإنه فقط يريد اللجوء السياسي، هنا سأله كبير المحققين: هل تتعرض لأي مضايقات من نظام جمال عبد الناصر؟ عبد الناصر؟ تعيش انت يا بيه.. مش مات؟ هنا تدخل محقق مثقف وسأله: هل تعرضت لأي نوع من الاضطهاد من حكومة حسني مبارك؟ رد الرجل: انت نايم على ودانك.. حسني مش طار وراح في التخشيبة؟ صمت المحققون قليلا ثم سألوه: أكيد الفلسطينيين اللي مالين البلد هم اللي هددوك واضطهدوك؟ نفى الرجل ذلك ايضا، وقال: هم الفلسطينيين حواليهم حاجة عشان يهددوا وللا ينيِّلوا حاجة؟... يا جماعة انا حياتي معرضة للخطر لسبب أقوى من كل اللي بتقولوه ده!! لازم أروح أمريكا عشان أضمن سلامتي، لو حصل لي شي ذنبي في رقبتكم.. قال له كبير المحققين: رقبتي سدادة، بس قول لي مين الإرهابي المتوحش اللي خلاك تطلب اللجوء عندنا، عشان نساعدك ونساعد نفسنا؟ قال لهم طالب اللجوء: انتم مش أد (قد) الشخص اللي بيهددني، فخلوها مستورة وادوني اللجوء ويا دار ما دخلك شر!! هنا غضب المحققون: اللي يخوف أمريكا ما اتولدش.. إحنا أدَّها وأُدود (قدَّها وقدود)!! لو انتو خرمتو التعريفة.. إحنا اللي خرمنا الأوزون.. ولو انتو اللي بنيتو الهرم، إحنا اللي بنينا الامباير ستيت.. طابق ينطح طابق لحد ما يصل السحاب.. لو انتو عندكو ابو الهول إحنا عندنا الهول نفسه!! قول مين مخوِّفك وأحنا نجيب قراره! قال لهم الرجل وهو يكاد ان يبكي: يا جماعة ما حتقدروش.. ادوني اللجوء وريحوا بالي وبالكم!! هنا وقف كبير المحققين والشرر يتطاير من عينيه: ما تقولش على أمريكا انها ما بتقدرش على أيتها حاجة! شفت عملنا إيه في العراق وتورا بورا؟ شفت ازاي دوخنا تنظيم القاعدة؟.. قاطعه صاحبنا المصري وهو يوشك على البكاء: يا جماعة انا بتكلم عن شيء أخطر من القاعدة!! انفتحت شهية المحقق وايقن انه على وشك الحصول على كنز من المعلومات عن تنظيم سري خطير مما سيكفل له الجلوس في المكتب البيضاوي لنيل أرفع الأوسمة من السيد باراك «حسني» اوباما شخصيا، وتغيرت نبرته، وبصوت يقطر حنِّية ورقّة قال له: خد كباية اللمون (الليمون) دي روق بيها دمك، وقول لي على كل حاجة.. أهه، مين ده اللي أخطر م القاعدة؟ شفط الرجل كوب اللمون في جرعة واحدة وقال وهو يمسح العرق من جبهته: مراتي.. لا مؤاخذة (ولا أدري كيف قال لا مؤاخذة بالإنجليزي)!! صاح المحقق: إيه يا روح أمك؟ نعم يا دلعدي، مراتك أخطر م القاعدة؟ حقه بطلو ده واسمعو ده!! قال لهم الرجل بهدوء ان زوجته سودت عيشته وانه لم يعد يطيق العيش معها وكلما هرب إلى مدينة مصرية لحقت به وأعادته إلى البيت، فقرر الهجرة إلى أمريكا لتفاديها وليبدأ حياة جديدة! وطردوا المسكين من مبنى السفارة وقالوا له لو ان كل شخص يعاني من زوجته يطلب اللجوء في الخارج لكان نصف الامريكان لاجئين في الصو
jafabbas١٩@gmail.com
.
مقالات أخرى...
- نم كثيرا تكن رشيقا - (10 مارس 2012)
- مرحبا بطالبي الرشاقة في وادي النيل! - (9 مارس 2012)
- التخريف شرقي وغربي - (8 مارس 2012)
- ألف باء العولمة - (7 مارس 2012)
- عن شرور المرور - (6 مارس 2012)
- عن الوساخة والنظافة الدولية - (5 مارس 2012)
- عن ثقافة الهشك بشك! - (4 مارس 2012)
- عن الجهالة الأممية! - (3 مارس 2012)
- عمالة مترهلة وكمبيوترات متعطلة - (2 مارس 2012)