الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٠٧ - الاثنين ١٢ مارس ٢٠١٢ م، الموافق ١٩ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

زاوية غائمة


نفسي في دورة مياه بلا مياه





من طبع ابن آدم ان يتوقع لنفسه الأمور الطيبة ويستبعد إصابته بمكروه، وهناك من يحسب نفسه مهيأ فقط للنجاح، فلا يقبل الإخفاق حتى لو كان ناتجا عن أفعاله او حساباته الخاطئة، وقد يحمل هذا الإفراط في التفاؤل، الذي هو ضرب من الثقة الزائدة بالنفس، البعض إلى الحسد لأن هذه النوعية من البشر تعتقد أنها أحق من غيرها بالترقية والثروة والسلطة والوجاهة والمكانة الاجتماعية، ورغم انني أحمد الله لأنه أعطاني اكثر مما كنت أحلم به في الدنيا: زوجة طيبة وعيال أولاد ناس ومال يلبي احتياجات عائلتي الضرورية، ورغم ان الرضا بما انا فيه عصمني من الحسد والغيرة المرضية فإنني اعترف بأنني «حسدت» السيدة الامريكية ليلى لوتورنو المقيمة في ولاية تكساس.. فقبل بضعة ايام دخلت هذه السيدة دورة المياه (لا مؤاخذة) في بيتها لتلبية نداء الطبيعة، وسحبت سلسلة الشفط الخاصة بنظام السايفون nohpis (وليس السيفون بكسر السين كما هو شائع بيننا، وهي بالمناسبة كلمة تعني في الإنجليزية «الشفط»).. وهنا حدث امر عجيب، فبدلا من ان يندفع الماء إلى اسفل لتصريف محتويات دورة المياه بدأ الحمام يمتلئ عبر كل فتحة فيه بسائل اسود لزج، فخافت السيدة ليلى واتصلت بسلطات الدفاع المدني، التي استكشفت الأمر وبشرت ليلى بأحلى الكلام: هذه المادة السوداء «نفط»؟ صاحت ليلى: واط؟ قالوا لها مجددا: نفط.. بترول.. بنزين.. نفتا..سولار.. ديزل.. كيروسين!! ألا تعذرني أيها القارئ اذا أحسست ببعض الحسد؟ ناس حماماتها تطلع بترول، وناس حتى غرف نومها لا ينصلح حالها بشد يد او سلسلة السايفون، طبعا الامريكان «يعجبونك» في شؤون المال والثروة، فقد صارت دورة المياه تلك مزارا لأصحاب شركات النفط في تكساس، وكل بضع دقائق يرن جرس التلفون في بيت ليلى لتجد امامها رجلا أنيقا على فمه سيجار سمكه خمس بوصات ينحني امامها في أدب ويسألها: ممكن اروح الحمام يا أبلتي؟ كل هذا وليلى لوتورنو المسكينة تلجأ كلما أحست أنها مزنوقة، إلى دورات المياه العامة، أو بيوت الجيران، بعد ان اصبح حمام بيتها عضوا في كارتيل النفط، بعد ان ثبت ان الحمام مشيد عند فوهة بئر تم استكشافه قبل نحو ستين سنة، وإغلاقه لعدم توافر اجهزة دقيقة لقياس كميات النفط الكامنة فيه، والمهم في الموضوع ان مدام ليلى هذه دخلت الحمام وهي تعاني من الإمساك وخرجت منه وهي تعاني من إسهال مالي لأنها صارت مليونيرة! دائما حظي زفت.. أقرأ كثيرا مثل هذه الحكايات وأدخل كل حمامات بيتي واسحب السايفون و... نفس الحكاية القديمة.. واقرأ عن شخص أراد سحب ألف ريال من صراف آلي فانهالت عليه عشرات الآلاف (سعودي تعيس استخدم الصراف الآلي في يناير المنصرم.. طلع له فأر)

ونبقى في عالم المراحيض، فنطير من أمريكا إلى الصين وبالتحديد إلى بلدة شنغدو حيث يقيم السيد «هي مينغ»، والذي ضاقت به الدنيا على اتساعها، ولم يجد سبيلا لزيادة دخله لإعالة أسرته، سوى التقدم بطلب إلى سلطات المجلس البلدي لتحويل بيته بأكمله إلى دورة مياه، لأنه اكتشف ان الجمهور الذي يتواجد في منطقته القريبة من الاسواق، يعاني من عدم وفرة دورات المياه، فأجرى دراسة جدوى اتضح له بعدها ان تأجير بيته كدورات مياه يعينه على استئجار بيت افضل وتوفير طعام وملابس افضل!! سبحان من قسم الحظوظ فلا عتاب ولا ملامة. اعمى وأعشى ثم ذو بصر وزرقاء اليمامة!! دورة مياه صغيرة في بيت امريكي تتحول إلى حقل بترول، وكنز، وعائلة صينية تكتشف أن من الخير لها ان تحول بيتها إلى دورة مياه! وتعيش في الرصيف المصنوع من الزفت الذي هو «بواقي» البترول.





jafabbas١٩@gmail.com



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة