الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤١٠ - الخميس ١٥ مارس ٢٠١٢ م، الموافق ٢٢ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


استرجاع الحقوق
تحتاج إلى مواقف!





خلال فترة الانتخابات الكويتية الأخيرة، حيث كان الصّراع بين مشروع الفساد ومن يحميه، وبين مجموعة من نوّاب الشّعب السابق، على أشدّه، إذ ارتفعت الأصوات، وكانت المعركة تدار في كلّ مكان.

كانت تدار من قبل أنصار ذلك المشروع في بعض وسائل الإعلام، كما كانت تدار عبر دعم أطراف تأزيمية في المجلس وخارجه، بينما مجموعة من النوّاب الشرفاء اتجهوا إلى الشارع وصعّدوا، وكان الفارق معهم لسبب وجيه، وهو أنّ الناس وقفت معهم وأيّدتهم، بل أعادت انتخابهم بأغلبية ساحقة!

عندما وقف النائب «مسلّم البراك»، وبدأ معركته حول فضح المتلاعبين بالمال العام، عبر رشوة مجموعة من النوّاب وعبر تحويلات مليونية للخارج، لم يكن سوى الطّرف الذي أعلن الفضيحة!

بمعنى آخر؛ هناك أطراف أوصلت إليه تلك المعلومات والأرقام والأدلّة، وهناك نوّاب وجمهور شريف وقف بجانبه وسانده في ساحة الإرادة، لذلك لم يستطع مشروع الفساد أن يصمد، بل حتى أقرب المقربين إليه تخلّوا عنه لأنهم تيّقنوا سقوطه، وتذكّروا حكاية «الفاكهة الفاسدة» التي تحدّثنا عنها سابقا!

الأمر الأجمل هو أنّ رأس الدولة في الكويت وأمام هذا الإجماع، أزال مشروع الفساد، بل بدأ بمحاسبته لاسترجاع مليارات الشعب التي حوّلت إلى الخارج؟! قمت بعمل إسقاط للتجربة السابقة على حياتنا السياسية في البحرين فوجدت التالي:

الناس تخاف من إيصال المعلومات التي تثبت تورّط المسئولين في قضايا فساد مالي وإداري إلاّ ما ندر.

النوّاب ليست لديهم الجرأة على الوقوف في وجه قضايا الفساد إلى ما لا نهاية. لهم تجارب جميلة، لكنّها محدودة، وتنحصر في تعليقاتهم الحامية داخل المجلس.

البعض كان يعوّل على من يسمّون المعارضة، لنكتشف أنّهم كانوا يصمتون عن بعض قضايا الفساد لأنّها تتوافق مع أجنداتهم الطائفية، وأكبر مثال على ذلك هو صمتهم عن فساد طيران الخليج، وتواطئهم مع فساد أحد الوزراء السابقين، وآخرها صمتهم عن فساد معهد التدريب!

النوّاب مغلولو الأيدي، لأنّ وضع البحرين يختلف عن الكويت, حيث تستطيع فيها القبائل إيصال من تريد رغماً عن الحكومة!

في البحرين، وحدها الكتلة الإيمانية التي تستطيع إيصال من تريد وذلك بوجود القرار الديني. أمّا في الجهة المقابلة فإنّ أي نائب يرفع صوته ضدّ الفساد والمفسدين، فإنّ عليه أن يتأكّد من أنّه لن يشتمّ رائحة المجلس مرّة أخرى، لأسباب مختلفة.

أوّل تلك الأسباب هو أنّ هناك أطرافا متنفّذة ومتمصلحة ستقاتل للانتقام منه لإزاحته من المشهد السياسي، والنماذج يعرفها الجميع، حيث تكرّر المشهد في انتخابات ٢٠٠٦ و٢٠١٠، وثاني تلك الأسباب أنّ الجماهير للأسف الشديد، لا «ينشدّ» بها الظهر! حيث تطالب بمحاربة المفسدين، لكنّها أوّل من يتخلّى عن النائب بسبب أي حرب منظّمة تديرها جهات متنفّذة تريد إسقاطه!

محاربة الفساد تحتاج إلى نوّاب مستعدين للتضحية بكل شيء في سبيل استرجاع حقوق الناس، كما تحتاج إلى وعي شعبي يمكن الاعتماد عليه، وقبل ذلك إلى سلطة مستعدة لأن تزيح أي مسئول علا أو انخفض حجمه، إذا ثبتت عليه قضايا هدر أو فساد حتى تنفي تلك التهم عنها.

برودكاست: استرجاع الحقوق تحتاج إلى مواقف شرسة، ولا يمكن أن تنجح فقط بالأصوات العالية داخل قاعة البرلمان!



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة