هل أضر «الربيع العربي» بالقضية الفلسطينية؟
 تاريخ النشر : الأحد ١٨ مارس ٢٠١٢
بقلم: داود أبولبدة
لقد مرت الآن أكثر من سنة على موجة الثورات التي أطاحت بحكام بكل من تونس ومصر وليبيا واليمن الذين هووا الواحد تلو الآخر. أما في سوريا فإن العشرات يموتون يوميا بالرصاص أو تحت التعذيب، على أمل تحقيق نفس الأهداف نفسها: الحرية والكرامة وإقامة نظام ديمقراطي. أما الفلسطينيون فإنهم يتساءلون عن تأثير التطورات الراهنة في العالم العربي في معركتهم من أجل إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة.
عقب الحرب بين العرب وإسرائيل في يونيو ١٩٦٧ التي مثلت بداية انهيار ايديولوجيا القومية العربية أصبح الفلسطينيون يعتبرون أن المعركة هي معركتهم بالدرجة الأولى.
لقد أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز الرأي العام الفلسطيني أن الفلسطينيين لم يغيروا انطباعاتهم المتعلقة بالكيفية التي ينظر بها العالم العربي إلى قضيتهم. لقد اعتبر أكثر من ٦٥% من الفلسطينيين الذين شملهم استطلاع الرأي أن «الربيع العربي» ستكون له تداعيات سلبية على القضية الفلسطينية. يقول الدكتور نبيل كوكلي، رئيس مركز الرأي العام الفلسطيني، إن أغلب الفلسطينيين يعتبرون أن «الربيع العربي» هو «السقوط الفلسطيني» ذلك أن الأنظمة العربية الجديدة وشعوبها باتت الآن منشغلة بقضاياها ومشاكلها الداخلية أكثر من اهتمامها بمستقبل الفلسطينيين وقضيتهم. بطبيعة الحال لاتزال دول «الربيع العربي» تعاني انعدام استقرار أوضاعها ومن الطبيعي أيضا أن كل دولة تركز في إعادة ترتيب بيتها الداخلي، وهو ما يعطي الأولوية للقضايا الداخلية مثل الاقتصاد والأمن والاستقرار الاجتماعي.
يعتبر أغلب الفلسطينيين أن هذا التوجه يعني أن الشارع العربي يتجاهل المساعي التي بذلها قادتهم في شهر سبتمبر الماضي للحصول على اعتراف منظمة الأمم المتحدة بدولتهم المستقلة. لو عبر الشارع العربي عن رأيه عاليا وطالب العالم بالاعتراف بعضوية فلسطينية كدولة عضو في منظمة الأمم المتحدة لكان قد أثر نسبيا في كبار اللاعبين مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا عسى أن يتخذوا موقفا إيجابيا من التطلعات الفلسطينية المشروعة، وخاصة أن هذه الدول المذكورة ترتبط بالعالم العربي بمصالح حيوية.
يجب أن ننتظر حتى تهدأ عاصفة الثورات وتصل دول «الربيع العربي» إلى مرحلة يصبح بإمكانها إعادة هيكلة السياسة الخارجية والعلاقات الدبلوماسية. يكفي أن ننظر إلى مصر ؟ أكبر دولة محورية في العالم العربي ؟ لنعرف مدى تأثير ثورتها في كامل المنطقة. قبل الثورة كانت مصر أكبر قوة عربية في منطقة الشرق الأوسط وقد لعبت دورا كبيرا في التوسط بين العالم العربي والغرب. لذلك فقد اختار الرئيس الأمريكي باراك أوباما القاهرة كي يلقي خطابه الأول الذي توجه به للعالم الإسلامي في يونيو .٢٠٠٩
أما اليوم فإن الدور الذي تلعبه مصر على الساحة السياسية قد أصبح هامشيا لأن أرض الكنانة لم تستعد استقرارها الداخلي، فعندما يموت العشرات في مباراة لكرة القدم فإنه لا يمكن أن ننتظر الكثير من سياسة مصر الخارجية في هذه الفترة الانتقالية. إن الزمن أكبر أعداء الفلسطينيين الذين لا يستطيعون البقاء بانتظار اهتمام الشارع العربي بقضيتهم بأكثر قوة من ذي قبل. يجب أن يعمل الفلسطينيون على تحقيق المصالحة الحقيقية وإرساء دعائم دولتهم المستقبلية.
بطبيعة الحال يظل الشعب الفلسطيني في حاجة كبيرة للدعم العربي من أجل تقوية مواقفه وتحسين موقعه في أي مفاوضات قد تجرى مستقبلا مع الحكومة الإسرائيلية. إن الضغوط الدبلوماسية من هذه الدول ؟ وخاصة الدول الخليجية والأردن ومصر ؟ من شأنها أن تسهم في تغيير بعض قواعد اللعبة بالنظر إلى ما يربطها بالقوى الكبرى في العالم من اتفاقيات ومصالح اقتصادية وعسكرية.
كوموند جراوند
.
مقالات أخرى...
- محمد حسنين هيكل.. ذاكرة مصر - (18 مارس 2012)
- مــــــن هــمش القضيـــــــة الفلــســطينية؟ - (17 مارس 2012)
- هل مازالت فلسطين«القضية المركزية»؟ - (17 مارس 2012)
- خيارات أوباما بين إسرائيل وإيران - (14 مارس 2012)
- أخطار التدخل في سوريا - (13 مارس 2012)
- هل تنجح العقوبات في شل الاقتصاد الإيراني؟ - (12 مارس 2012)
- هكذا يمكن التخلص من الرئيس السوري بشار الأسد - (11 مارس 2012)
- الأمــــــــــــم المتحدة والأزمة السورية - (10 مارس 2012)
- ما جدوى العقوبات المفروضة على إيران؟ - (8 مارس 2012)