الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٣٢ - الجمعة ٦ أبريل ٢٠١٢ م، الموافق ١٤ جمادى الأولى ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

بالشمع الاحمر


المحاسبة من داخل البرلمان





لن أدخل فيما دار في جلسة مجلس النواب الأخيرة، إذ من الواضح أن وجهات النظر قد انقسمت إلى أربعة اتجاهات، الأول يرى أن وزيرة الثقافة على خطأ، والثاني يرى أن النواب على خطأ، والثالث يرى أن الوزيرة والنواب معاً على خطأ، والرابع ليست لديه وجهة نظر محددة ويكتفي بمراقبة الوضع.

لكن ما أود أن أركز عليه هنا هو آلية تعامل المؤسسة التشريعية مع الوزراء ومع المؤسسة التنفيذية بشكل عام. أحب أن أرى السادة النواب يرتقون بالعمل البرلماني ويشدون من أزره، ويخضعون الوزراء للمساءلة، ليس من خلال العرائض والرسائل والمناشدات، وإنما من خلال الآليات البرلمانية المتاحة، ومن خلال أدوات الرقابة النيابية الصحيحة. بمعنى آخر، أريد أن أرى وزيراً يخرج من التشكيلة الوزارية ليس من خلال عريضة يرفعها النواب إلى جلالة الملك، وإنما من خلال مساءلته واستجوابه ومن ثم طرح الثقة فيه واستجابة الحكومة لقرار المجلس. حينها يثبت البرلمان قدرته على المحاسبة والمعاقبة بشراسة، بغض النظر عمن يكون الوزير أو ماهية الخطأ الذي وقع فيه.

إن لجوء السادة النواب إلى عريضة موقعة، ترفع إلى جلالة الملك للمطالبة بإقالة الوزيرة، وإن كان البعض يرى أنهم لهم العذر في ذلك هذه المرة، فإنه إجمالاً يعني عجز البرلمان عن اتخاذ إجراء سريع وفوري للمحاسبة وإيقاع العقوبة، وهو يعني أيضاً أن النواب في كل مرة يقع فيها وزير في خطأ سيجدون أن اللجوء إلى العرائض الموقعة هو الطريق الأسهل، بما يشكل اعترافاً وإقراراً منهم باستحالة إقصاء أي وزير إلا من خلال قرار سياسي لا بقرار نيابي صادر عن البرلمان. وفي هذه الحالة، يصبح صاحب القرار السياسي هو صاحب الرغبة في إقصاء الوزير وليس صاحب القرار النيابي، فهل يرضى السادة النواب بذلك؟

النقطة الأخرى والمهمة أيضاً هي أنه ما لم يشعر الوزراء بأنه بإمكان النواب محاسبتهم عبر الوسائل التشريعية والآليات الرقابية النابعة من صلاحيات البرلمان نفسه، فإنه لن يكون هناك ولو رادع نفسي يجعل الوزير يعيد حساباته قبل أن يقع في الخطأ. وما أعنيه هنا، هو أن الوزراء يجب أن يشعروا بقدرة البرلمان على طرح الثقة فيهم وإقصائهم من المؤسسة التنفيذية، والنواب برفعهم للعرائض الموقعة إلى جلالة الملك كأنما يقولون للوزراء نحن غير قادرين على محاسبتكم وسنلجأ إلى الملك، وأعتقد أن من شأن هذا الأمر أن يبعث على الارتياح في أنفس الوزراء..!

بارود

شخصياًّ أنظر إلى ما حدث في جلسة مجلس النواب الأخيرة بشكل إيجابي لا بشكل سلبي، ورغم أن طبيعة ما قيل هو مؤسف بالفعل، فإن الوضع بشكل عام يدل على أن هناك عملا برلمانيا يرقى إلى مستوى التصدي لوزير ومنعه من مواصلة كلامه بعد أن استثار حفيظة النواب. هذا الأمر بحد ذاته جيد جداًّ، ولا بد أنه سينعكس إيجاباً في المستقبل على تعامل الوزراء مع النواب.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة