الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٤٧ - السبت ٢١ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٢٩ جمادى الأولى ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

يوميات سياسية


أصدقاء إيران .. أي أصدقاء؟!





يوميا، نقرأ في التصريحات والبيانات الرسمية الايرانية تعبيرات من قبيل «الإخوة الإسلامية» «وحسن الجوار» و«الدول والشعوب الصديقة» وما شابه ذلك.

لكن في كل وأي مناسبة نكتشف ان مثل هذه التعبيرات ليس لها أي معنى ولا قيمة في عرف النظام الإيراني، وإنها مجرد شعارات لا يؤمن بها النظام يوما ولا محل لها على الإطلاق في قناعاته وفي مواقفه وسياساته العملية.

كل يوم نكتشف ان النظام الإيراني لا يراعي الإخوة الإسلامية في شيء، ولا يراعي للجوار حقا ولا حرمة، ولا هو له أصدقاء حقيقيون في الواقع العملي.

سبق لي في هذا السياق ان كتبت أكثر من مقال عن تحولات الموقف الإيراني من تركيا وكيف أصبحت فجأة في مصاف الخصوم بل وتكاد تصل الى مصاف الأعداء بعد ان كانت قبل أشهر قليلة من اعز الأصدقاء لإيران. كل هذا فقط لان تركيا اتخذت موقفا لا يعجب إيران مما يجري في سوريا.

وبالمناسبة، آخر التطورات هنا فيما يتعلق بهذا العداء المعلن لتركيا ما حدث أثناء اجتماع اسطنبول الأخير بين إيران ومجموعة ٥+١، حين رفضت إيران عقد اجتماع ثنائي مع الوفد الأمريكي. الإيرانيون صوروا هذا الموقف كما لو كان موقفا مبدئيا. لكن الحقيقة، كما أكد كثير من المحللين ان المسألة لم تكن هكذا، فإيران متشوقة في حقيقة لأمر الى عقد مثل هذا الاجتماع. كل ما في الأمر ان الذي توسط من اجل عقد اللقاء كان احمد داود اوغلو وزير الخارجية التركي. والإيرانيون لم يريدوا ان يعطوا اوغلو ولا الأتراك أي فضل على الإطلاق ولا إلى دورهم أي اعتبار. الى هذا الحد، وصل جحود الإيرانيين وتنكرهم لتركيا ودورها ومواقفها بجوار إيران في أزمتها في السنوات الماضية.

نقول هذا لأن نفس ما فعلته ايران مع تركيا يتكرر هذه الأيام مع قطر.

على امتداد السنوات الماضية، دأبت إيران على الإشادة بقطر وبمواقفها وسياساتها، وعل كيل المديح للمسئولين القطريين. وفي كل أجهزة الإعلام الإيرانية، كانت قطر تعتبر نموذجا للاعتدال في المنطقة بالمعنى الذي يفهموه هم بالطبع للاعتدال.

لكن في الفترة الماضية، تشن أجهزة الإعلام الإيرانية حملة ضارية على قطر على كل المستويات، وتتهمها بشتى الاتهامات.

وكما هي عادة أجهزة الإعلام الإيرانية، فإنها في غمرة حرصها على كيل الانتقادات والاتهامات الى قطر، لا يعنيها في شيء ان كانت المعلومات التي تسوقها صحيحة أم لا. المهم هو تشويه صورة قطر بكل السبل وفي كل المجالات.

وهكذا لا يكاد يمضي يوم واحد إلا ونقرأ تقريرا أو أكثر في أجهزة الإعلام الإيرانية يهاجم قطر ويحاول ان يشوه صورتها.

ماذا حدث كي تنقلب إيران على قطر هكذا؟

الإجابة معروفة. كما في حال تركيا، السبب هو موقف قطر من الأزمة السورية الذي يتناقض مع موقف إيران، ويعتبره الإيرانيون تهديدا لمصالحهم ومخططاتهم.

لهذا السبب فقط، بدلا من اعتبار قطر نموذجا للاعتدال ودولة صديقة في المنطقة، انقلب الحال بين عشية وضحاها لتصبح خصما لإيران، ولتصبح مجرد أداة لخدمة الأجندات الاستعمارية.

مرة أخرى، يأتي هذا الموقف الإيراني من قطر ليؤكد ما كتبناه سابقا من إيران في تعاملها مع دول المنطقة والقوى المختلفة، ليس لها صديق.. لا تريد أصدقاء أو حلفاء، تريد عملاء وتابعين.

نثير هذه القضية مجددا ليس دفاعا عن قطر ومواقفها، وليس حتى مجرد انتقاد لإيران ومواقفها ، لكن لسبب مهم آخر.

القوى والجماعات الطائفية التابعة لإيران في كل دول المنطقة، التي تأتمر بأوامرها وتخدم أجندتها، عليها ان تتأمل هذه الحقيقة جيدا. عليها ان تدرك أنها بالنسبة الى إيران ليست إلا أدوات تستخدمها لتحقيق أجندتها وأطماعها في المنطقة. وإيران مستعدة لأن تتخلى عن هذه القوى وتبيعها في أي لحظة ترى فيها ان في ذلك مصلحة لها.

بعبارة أخرى، كما كتبنا مرارا من قبل، إيران لا يهمها في شيء مصالح الشيعة في دول المنطقة، ولا يعنيها في شيء حال القوى التابعة لهم، إلا بقدر خدمتهم لمصالحها ومشروعها في المنطقة. وفي أي لحظة تتغير حسابات إيران أو تفكر في عقد صفقات مع الغرب أو أي قوى أخرى، فإنها لا تتردد لحظة واحدة في التضحية بكل اتباعها وحلفائها.

القوى التابعة لإيران في دول المنطقة ان أدركت هذه الحقيقة، فسوف تدرك انه ليس لها إلا أوطانها لتحرص عليها وتدافع عنها وتحرص على استقرارها وأمنها الوطني.

بعبارة أخرى، يجب ان تدرك هذه القوى إنها هي أول من سيدفع ثمن انسياقها وراء المخططات الإيرانية بإثارة الفتن ومحاولة تقويض الأمن والاستقرار في دولها.



.

نسخة للطباعة

أسبوع البحرين فـي الإعلام الغربي

يبدو أن هذا الأسبوع كان أسبوع البحرين بالنسبة إلى المحطات الإذاعية والفضائية ووكالات الأنباء وكل المؤسسات ا... [المزيد]

الأعداد السابقة