أسبوع البحرين فـي الإعلام الغربي
 تاريخ النشر : السبت ٢١ يناير ٢٠١٢
أنور عبدالرحمن
يبدو أن هذا الأسبوع كان أسبوع البحرين بالنسبة إلى المحطات الإذاعية والفضائية ووكالات الأنباء وكل المؤسسات الإعلامية شرقا وغربا، فهي كانت في سباق لتغطية أي شيء وكل شيء يحدث في البحرين عبر المقابلات الصحفية والإذاعية والتلفزيونية مع رجالات البحرين.
ولقد حاورني القسم الفارسي في محطة الـ«بي.بي.سي» البريطانية يوم الثلاثاء الماضي، ثم عاد إلى طلب الحوار معي يوم الخميس الماضي وأيضا يوم أمس الجمعة.
ولقد استغرق الحوار الأول حوالي ثلث ساعة، أما حوار يوم الخميس فكان في حدود ٣٥ دقيقة، أما حوار يوم الجمعة فكان في حوالي ١٠ دقائق.
ومع أني حاولت أن أقنع الـ«بي.بي.سي» بأن هناك أكثر من شخص يمكنهم التحاور معهم باللغة الفارسية، فإنهم كانوا يصرون على أنهم حتى الآن لا يجدون سبيلا الى الحديث باللغة الفارسية في البحرين إلا معي.
أما المقابلة الأولى يوم الثلاثاء الماضي فكانت بمناسبة صدور تقرير عن حقوق الإنسان في البحرين، ولذلك سارع المحاور الى التساؤل: متى ستطبقون مبادئ حقوق الإنسان والإصلاحات الجذرية التي وعد بها جلالة الملك..؟ إلى آخر هذا الحديث المكرر من الاسطوانة المشروخة التي ما انفكت عناصر المعارضة ترددها.
فقلت له: أولا يجب أن تعلم أنني لا أمثل الحكومة في أي شيء، فأنا لست موظفا أو مسئولا في الدولة، وبالتالي فإن ما ستسمعه مني هو تعبير عن رأيي الذاتي كشخص يعمل في الصحافة المستقلة.
فأجاب قائلا: هذا ما نريده.
فقلت له: إذا كنت تتمنى لنا تطبيق قواعد حقوق الإنسان والإصلاحات، فنحن نتمنى ذلك أيضا، ولكن ما نطالب به نحن شيء، وما تتحدثون عنه شيء آخر.
فنحن نطالب بإصلاح أوضاع رجال الأمن حتى يكون في مقدورهم الدفاع عن أنفسهم، ونحن نطالب بأن يكون المجتمع على وعي وإدراك كبيرين بأن رجل الأمن ليس عدوّا للشعب.
أقول هذا لأنكم دائما تطالبون بحقوق الفوضويين والخارجين على القانون والذين يحرقون رجال الأمن وهم أحياء، ولكنكم لا تتطرقون أبدا إلى حقوق الطرف الآخر.
لقد زعمتم أن رجال الأمن يطلقون الرصاص على بعض المتظاهرين، ولمعلوماتكم فإن رجال الأمن لا يحملون أي نوع من السلاح ما عدا عبوات الغاز المسيل للدموع.
وهنا زعمتم أيضا أن الغاز المسيل للدموع يسبب لبعض الناس أضرارا صحية قد تودي بحياتهم.
ولمعلوماتك فنحن في البحرين لا نقوم بتصنيع عبوات الغاز المسيل للدموع بل نستوردها من بريطانيا!
فحين تطالبوننا بتطبيق قواعد حقوق الإنسان، هل تظن أن المجتمع البحريني من المجتمعات غير المتحضرة التي يمكن أن تسكت عن أي نوع من المظالم ضد إخوانهم المختلفين معهم؟
هل يعقل أن قلوبكم ستحنو علينا أكثر مما تحنو قلوبنا على أنفسنا؟
وهنا حاول المحاور من جديد التهرب من الرد على هذه التساؤلات، وتطرق إلى موضوعات أخرى غير ذات أهمية.
أما في المقابلة الثانية، فقد حاول المحاور مجددا اجترار الكلام ذاته عن الموضوع الذي تحدثنا عنه سابقا، والعجيب أنه في هذه المرة جلب إلى الاستوديو في لندن شخصا إيرانيا يدعى السيد محمدي، كان يجلس بجانبه في الاستوديو، وكان ينتقد مع المحاور الأوضاع في البحرين بشأن تقرير حقوق الإنسان.
فقلت لهما بصورة موجزة: إننا في البحرين بحسب تجربتنا الواقعية لم نعد نثق مطلقا في مثل هذه التقارير التي يتم جمعها وتكتب عبر أياد خفية تمثل الدوائر الاستخباراتية بهدف تشويه صورة البحرين.
فاحتج المحاور على هذا، فقلت له: مهلا مهلا.
دعني أبرهن لك عما أقوله، فقبل أيام عندما وصل الإرهابيان إلى سطح سفارة البحرين في لندن، وقبل أن يقوما بتعليق اللافتة التي رفعاها كانت القناة التلفزيونية الإيرانية «العالم» تصور ما يقوم به الإرهابيان اللذان كانا على اتصال مباشر عبر «الموبايل» مع سعيد الشهابي، الذي كان واقفا أمام السفارة البحرينية في لندن، ثم قام بإرسال ٤ صور عن الحادث إلى وكالة الأنباء الفرنسية وصورتين إلى وكالة الأسيوشيتد برس الأمريكية.
أما بعد ٢٤ ساعة من هذا الحادث، حينما تم القبض على الإرهابيين، وكانا مكبلي الأيدي لم تتسلم الصحف ولو صورة واحدة من جميع وكالات الأنباء الغربية عن القبض على الإرهابيين، وكأنها جميعا كانت في حالة حداد وحزن واكتئاب لأن محاولة الاعتداء على السفارة البحرينية في لندن فشلت فشلا ذريعا.
وهنا أسألكم: أين حقوق الصحف التي نشرت في اليوم السابق صور الإرهابيين وهما يتسلقان السفارة ويشيران بأيديهما بعلامة النصر في تلقي صور لحظة إعتقال الإرهابيين من وكالتي الأنباء الفرنسية والأسيوشيتد برس الأمريكية، أليس من حق هذه الصحف أن تتابع الحادث حتى النهاية؟
السبب في ذلك يا سادة هو انحياز وسائل الإعلام الغربية، ومن هنا ترسخت لنا القناعة بعدم الثقة في المؤسسات الغربية وما تصدره من تقارير عن البحرين، ولعل ما قلته خير برهان على ذلك.
أما في حوار يوم أمس الجمعة في الـ«بي.بي.سي» فكان منطلقهم أن النجاح في تنظيم سباق الفورمولا في البحرين سوف يعزز الصورة الإيجابية عن البحرين، ويؤكد عودة الهدوء إلى المجتمع البحريني، بما يقلل من انتقادات وسائل الإعلام وقوى المعارضة.
فهل يمكن أن نعتبر ذلك كلاما منطقيا؟ أم ان واقع الأمر أنهم كانوا يتمنون الإخفاق في تنظيم سباق الفورمولا ليواصلوا حملة التشهير المغرضة، فكانت أمنية كيدية حرمهم الله منها؟!
وهنا قلت لهم معقبا على ما طرحوه: إنكم كنتم تقولون دائما يجب عدم خلط السياسة بالرياضة، فكيف لكم عندما يتم تنظيم سباق الفورمولا في البحرين تسعون بإلحاح إلى خلط السياسة بالرياضة؟!
وختاما فإن ما أردت إيضاحه للقراء الكرام عبر هذا الحديث هو أي منطق يقف وراء مزاعم هؤلاء؟ وكم من المكائد ومخططات الغدر التي يحيكونها ضد بلادنا ويستغلون وسائل الإعلام لترويجها؟
ومع الأسف الشديد فإن هناك من أبناء بلدنا من انساقوا وراء المخططات الإيرانية المشبوهة ضد مصلحة بلدهم.
.
مقالات أخرى...
- واعيباه.. هذا ليس من شيم العرب! - (10 أبريل 2012)
- رسالة مفتوحة إلى وزير خارجية الدنمارك - (9 أبريل 2012)
- ليس هذا وقته يا سادة!! - (5 أبريل 2012)
- «صحوة» روبرت فيسك - (29 مارس 2012)
- رحيل رمانة الميـزان - (19 مارس 2012)
- أين حق الأغلبية الصامتة؟ - (14 مارس 2012)
- جلالة الملك ورسالته إلى الإعلام الغربي - (1 مارس 2012)
- تحية وطنية لرجال الأمن - (25 فبراير 2012)
- في مواجهة الشر .. لا مجال للصمت - (14 فبراير 2012)