دولة مدنية.. يعني ماذا؟
 تاريخ النشر : الاثنين ٣٠ أبريل ٢٠١٢
محمد مبارك جمعة
البعض يعتقد أن قصة البحرين لها «حلقة أخيرة» في يوم من الأيام. وهناك من يعتقد إنه سوف ينتصر على الآخر. هذه اللغة سائدة في مواقع التواصل الاجتماعي، وإن كانت حدتها قد خفت عن السابق قليلاً، إلا أنها لا تزال مستمرة. في البحرين لا يوجد طرف منتصر وطرف خاسر، فالخسارة والنصر هما للبحرين بأكملها. إذا تجاوزت البحرين أزمتها باتفاق تام على ما ينبغي فعله في المرحلة المقبلة فسوف يكون ذلك هو الانتصار، وعدا ذلك فإن الخسارة من نصيب الجميع.
البحرين من دون شك هي من أفضل ديمقراطيات الوطن العربي، وهذا ليس كلامي، بل كلام إخواننا وأشقائنا في الخليج العربي وفي الوطن العربي. وهي كلمة حق لابد أن تقال عن البحرين، التي بدأت الإصلاح منذ أكثر من عشر سنوات.
هل يعني هذا ألا يطالب البحرينيون بمزيد من الإصلاح؟ بالطبع لا، فمن حقهم المطالبة بذلك، بكل سلمية وتحضر. لكن السؤال: ما هو تعريف الإصلاح؟ إذا كنا نرمي إلى دولة ديمقراطية مدنية بالمعنى الواسع الشامل، فإن الدولة المدنية قبل كل شيء لا تحكمها أحزاب وجماعات دينية، ولا تسيرها فتاوى، ولا تتشكل القوى السياسية فيها على أساس مذهبي. وهنا نضع نقطة على السطر وننظر إلى الواقع في البحرين. البحرين بوضعها الحالي هي دولة مدنية - رغم الحاجة إلى المزيد من الإصلاح- إلا أن التسليم بما تريد فعله الجماعات التي تعتبر نفسها «معارضة»، بغض النظر عن توجهها الفكري، هو ما سيؤدي بالبحرين إلى الانتقال من دولة مدنية إلى دولة ثيوقراطية تحكمها العصبيات الدينية أو المذهبية الأيديولوجية، وهذا ما لا تقبل به الغالبية الساحقة من أهل البحرين، بحسب اعتقادي على الأقل. أما من يريد في قراره نفسه أو في خطابه أن تتحول البحرين من دولة منفتحة متحررة إلى دولة منغلقة تحكمها القيادات المتطرفة أو الفتاوى والمرجعيات، فهذا يستدعي من الدولة نفسها أن تتصدى له وتمنع وجوده.
إن ما يجهله الكثيرون، هو أن تطبيق أبسط مبادئ الدولة المدنية سوف يستوجب حل معظم الجمعيات السياسية في البلاد بالقانون، ومن ثم تفرض رقابة صارمة على إعادة تشكيلها بما يجعلها مساءلة بحزم أمام الأنظمة والقوانين التي تحدد أطر وأسس العمل السياسي المدني. ومن هذا المنطلق، فإن من يتحدثون عن «الدولة المدنية» بمفهومها الغائب والمغيب تماماً عن عقولهم اليوم، هم أول من يعارضون وسيعارضون أن تمنع الدولة أي مظهر من مظاهر التحزب الديني داخل العمل السياسي. وبالتالي فإنهم للأسف يقولون ما لا يفعلون وما لا يفقهون..!
.
مقالات أخرى...
- سمو الرئيس.. و«دير شبيجل» - (29 أبريل 2012)
- خطاب الخارجية - (28 أبريل 2012)
- أكثر من ٤٠٠ عنصر..! - (27 أبريل 2012)
- «رجب» والباحثون عن العجب..! - (26 أبريل 2012)
- سيادة البحرين على أرض البحرين - (24 أبريل 2012)
- دعاية مجانية.. شكراً..! - (23 أبريل 2012)
- فعالياتنا على المحك..! - (22 أبريل 2012)
- الآن فقط.. ظهر «المولوتوف»..! - (21 يناير 2012)
- بعد الفورميلا.. إعادة النظر - (20 أبريل 2012)