الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٦٤ - الثلاثاء ٨ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ١٧ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

مصارحات


ما بين الإصلاح السياسي والقضائي





إقرار عاهل البلاد التعديلات الدستورية الأخيرة، يعتبر بلا شك خطوة متجددة في تطوير النّظام السياسي في البلد، تضعنا أمام عتبات جديدة من الإصلاح السياسي الذي كان ينشده الجميع، وكانت خطوة الحوار الوطني فرصة جيّدة لرفع ذلك التوافق لإقراره.

صعود مراتب الإصلاح السياسي، لا يجب أن يكون في غنىً عن إصلاح قضائي يوافق ذلك الارتقاء في الإصلاح السياسي، والسبب أنّ وجود فجوة بينهما سينعكس سلباً على جوهر ذلك الإصلاح السياسي على المستويين القريب والبعيد.

التأخير في تحقيق الإصلاح القضائي - ونعني به هنا سلطة قضائية مستقلة في أجهزتها وأدواتها وقراراتها - له تأثير كبير جداً على إيمان الناس بالإصلاح السياسي وثقتهم به.

مع غياب الإصلاح الحقيقي في السلطة القضائية يعتبر الإصلاح السياسي ترفاً ليس له معنى، لأنّ أي حريّة أو إصلاح في الجانب السياسي إذا لم تقابله سلطة قضائية مستقلة، لها القدرة على ضبط أي حراك في الوطن بسلطة القانون، يجعل الأمر أقرب إلى الفوضى منه إلى الاستقرار!

ما يدعونا إلى الحديث عن غياب الإصلاح وغياب تنفيذ الوعود بالنسبة الى السلطة القضائية، هو عدّة أمور نجملها في التالي:

الوعود التي أعطيت للقضاة بمنحهم الاستقلالية عن وزارة العدل، ومنها ما رُفع في حوار التوافق أيضا، لم ينفّذ منها شيء، وهو ما يعني أنّ هناك أزمة حقيقية في استشعار معنى تلك الاستقلالية، وأثرها الإيجابي على الوطن.

ما يجده المواطن من تهاون في أحكام القضاء بمختلف مواقعه تجاه قضايا خطيرة، يُفقد المواطن الثقة بذلك القضاء، كما يُفقد المواطن الثقة بأي إصلاح سياسي لا يجتهد في إصلاح السلطة القضائية ومنحها الاستقلالية التي يفترض أن تنالها.

بالأمس حُكم على شخصين فقط ممّن حاولوا قتل الطالب الجامعي خالد السردي بخمس سنوات فقط لا غير، والحكم قابل للاستئناف! قبل ذلك تمّ الحكم على مواطن اتهم بحرق سيارة مدة ١٥ سنة!

في الجانب المقابل، بدأ الناس يتساءلون، ماذا عمّن يحرق الوطن ونتابع يومياً ذهابه الى النيابة العامّة للنّزهة ومن ثمّ يخرج معزّزاً مكرّما!

من شاهد العصابة الإرهابية التي اعتدت على السردي يعلم أنّ العدد كان أكبر ممّن صدرت بحقّهم تلك الأحكام، ماذا عن البقيّة؟!

تأخير الأحكام وتأجيلها وإلغاؤها، حتى تيقّن الناس أنّ الدولة «مشتهية ومستحية»، تريد إخراجهم «براءة»، ولكنّها تخشى غضب النّاس! بماذا يمكن تفسيره؟!

نعود لنؤكّد، على الدولة أن تعي أنّ الإصلاح القضائي هو ما يدعم الإصلاح السياسي، وهو ما يثبّت الحُكم ويحفظ الحقوق، إذ يكفي دعوة مظلومٍ واحدة، تُرفع إلى السماء بصدق، لتتصدّع على إثرها جدران الدولة، ويهتزّ على إثرها نظام الحكم.

برودكاست: هل تحتاج دولنا الى ضغوط داخلية وخارجية لممارسة الإصلاح وإعطاء الناس حقوقهم في أوطانهم.

تطبيق أوامر الشرع وإقامة العدل بين الرعيّة والتوزيع العادل للثروة، تُعطي الحُكم مزيداً من الشرعية والثبات.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة