حماية المِلكية الخاصة مقياس للديمقراطية العربية
 تاريخ النشر : الثلاثاء ٢٢ مايو ٢٠١٢
أحمد عبدالله
منذ أمد بعيد يدور تساؤل لدى عديدين حول سبب استمرار المَلَكيات العربية، وتفوقها اقتصادياً وسياسياً على جمهوريات برزت بمناطق عربية عديدة. ولربما عاد سبب أساسي في ذلك لمحافظة تلك المَلَكيات على المِلْكية الخاصة للأفراد وسط تدهور ذلك الحق في أوساط جمهوريات عربية تأسست بعد استقلالها، وأخذت بمبادئ اشتراكية.
لم تخل الملكيات العربية شرقاً وغرباً من فساد في الحكم، وهيمنة في تسيير الأمور وعلاقات وثيقة مع دول غربية مرتبطة بعهود الاستعمار، ولكنها، وفيما عدا استثناءات محدودة، حافظت على مبادئ المَلكية الفردية، وجعلت من مبادئ الشرع الإسلامي مرجعاً أساساً لها في التملك وتنمية الثروات الفردية. وهكذا استفاد الأردن مثلاً من تراجع الحريات بدول الجوار وتأميمه المؤسسات للأفراد. وقصد دول الخليج أيضاً مالكو رؤوس أموال من دول عربية، استفادوا فيها من حماية لملكيتهم الخاصة ومن وجودهم بمناطق تتوافر بها عائدات نفط تنفق منها مقادير ليست بالقليلة، نشّطت الاقتصادات وأفادت في مراكمة ثروات للأفراد بها. وبينما أخذت اقتصادات الملكيات العربية تزدهر، شهدت جمهوريات عربية تدهور اقتصاداتها ترك آثاره السلبية عليها إلى يوم بزوغ الربيع العربي.
ورغم أن دولاً عربية عانت من ركود اقتصادي لم تخل من نفط إلا أن النظام السياسي الشمولي بها لم يوصلها الى حد أدنى من التنمية وزيادة ثروات الأفراد بها، فتراجعت مستويات الحياة بها، وفقد مواطنوها روح مبادرة ضرورية لمراكمة الثروات وتحقيق التنمية.
شكلت الحريات الاقتصادية واحترام الملكية الفردية مرتكزات رئيسية في الأنظمة الحرة، وكان غيابها أحد مميزات الأنظمة الشمولية.
ورغم نقائص الحكومات الخليجية الست، فإنها حافظت على ضخ نسب عالية من موارد النفط، لتأسيس بنية تحتية متينة كما حاز التعليم اهتماماً جيداً. وكان ذلك يحرك الاقتصاد، ويحافظ على قبول نسبي لشعوبها بها.
وأسطع أمثلة هذا التحليل هو الحالة الليبية قبل الربيع العربي، فرغم تمتعها بموارد طبيعية وافرة بحكم مناخها المتوسط وثرواتها البترولية الضخمة عانى اقتصادها من الركود، وتدهورت مستويات الحياة بها. وظلت مقارنة شعبها لها بالمثال الخليجي تصب لصالح الأخير. ورضت شعوب ومعارضات سياسية خليجية في أحيان عدة بسياسات التطوير الحكومي والتنمية ومستويات إنفاق الدولة على أن تتبنى أنظمة شمولية وتلقي بنفسها بنظم سياسية مجهولة. قبلت بتطوير الاقتصاد وإن لم يواكبه تطوير سياسي.
وبمرور السنين كانت الملكيات العربية والخليجية منها بنحو خاص تبلور اقتصادات مزدهرة بينما تدهورت اقتصادات عربية أخرى. وحين المقارنة وجدت التجربة الخليجية قبولاً حتى بمجتمعات عربية أخرى. وكانت الحريات الاقتصادية وبرامج التنمية تستحث رغبة شعوب الجوار في التغيير والإعداد له. ولأول مرة وبعد سنين من وضع الملكيات العربية في خانة الاتهام، تجد تلك الأنظمة نفسها إلى جانب الحريات والديمقراطية والتطور.
وتبقى المحافظة على الملكية الخاصة هي مفتاح فهم لتطور الخليجيين ولنجاح تنميتهم المحققة.
.
مقالات أخرى...
- الوليد بن طلال - (15 مايو 2012)
- نقابة المصرفيين والإنتاجية - (8 مايو 2012)
- كم من التنمية نحتاج؟ - (1 مايو 2012)
- اقتصاد ما بعد الربيع - (24 أبريل 2012)
- تكنولوجيا اليابان بين «الغرفة» و«الشورى» - (17 أبريل 2012)
- صناعة تجميل إسلامية بقيمة ٣١ بليون دولار - (10 أبريل 2012)
- آمال الناس في طيران الخليج - (3 أبريل 2012)