الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥١٤ - الأربعاء ٢٧ يونيو ٢٠١٢ م، الموافق ٧ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

مصارحات


أصلحوا الميزان أوّلا!





في الصفّ المدرسي، عندما يُقدم أي طالب على خطأ ما، ولنفترض أنّه سبّ المدرس، لا يمكن للمعلّم أن يعاقب جميع الطلبة، ولا يمكن له أن يهدّدهم جميعاً بالفصل من الدراسة مثلا!

في المنزل كذلك، لا يمكن للأب أن يضرب جميع الأبناء لأنّ أحدهم قام بكسر النافذة مثلا!

في كلتا الحالتين، لو تكرّرت الأخطاء من نفس الطالب أو من نفس الابن أكثر من مرّة، وتكرّر التهديد من قبل المعلّم أو الأب، من دون أي محاسبة أو عقاب جدّي، فإنّ ذلك مدعاة ليس للاستهانة بهما من ذلك الطالب أو الابن فقط، وإنّما سيكونان نموذجاً للسذاجة من قبل جميع طلاب الفصل، وربّما جميع طلاب المدرسة، ما سيقودهم الى تمرّدات متكرّرة، وقس على ذلك بالنسبة الى الأبناء!

في حالة أخرى، ارتكب الابن في المنزل خطأً شنيعا، حيث قام بركل الأم وشتمها، في الوقت ذاته قام شقيقه الآخر بسكب الماء بالخطأ على أثاث المنزل.

عاد الأب وعلم بما حدث من الطرفين، ذهب إلى الخزانة وأحضر الخيزرانة، وقام بضرب الابن الذي سكب الماء ضرباً مبرّحا، ثمّ قام بطرده من المنزل! بعدها توجّه الى الابن الآخر الذي ركل أمّه وشتمها، وهدّده وتوّعده وحذّره بصراخٍ شديد، ثم تركه ورحل!

تذكّرت تلك النماذج، وأنا أقرأ خلال الأيّام الماضية الحديث عن ضبط المنابر الدينية، ذلك التهديد والوعيد الذي حفظناه كما نحفظ أسماءنا، ولكن للأسف لم يعد يكترث له أحد من المواطنين مع احترامنا للجميع، بسبب أنّه أصبح مستهلكاً بعيداً عن الجديّة!

ضبط المنابر الدينية أصبح يطبّق بشراسة واستبسال وتحدّ وتهديد ووعيد في شِقّ الأوقاف السنيّة، بينما خطاب السّحق والقتل والتخوين والشتم في جهة مقابلة، يتواصل في خط تصاعدي لم يتوقف!

الجميع يعلم أنّ تلك التحذيرات المقصود بها خطباء محدّدون يعرفهم الجميع، وصل بهم التجاوز إلى الفتوى بسحق البشر، ومع ذلك يصرّ الأب والمدرس على تهديد جميع الطلبة والأبناء!

نتيجة لذلك الفهم العقيم في تحديد المشكلة وتحديد المتسبّب فيها، وجدنا جيلا من خطباء الأوقاف السنيّة بعيدين جداً عن الواقع في خطبهم، والسبب أنّهم يعتبرون خطبة الجمعة وظيفة تزيد الراتب، وليس أبعد من ذلك!

خطباء الأوقاف السنيّة وأئمتها تتسلّط عليهم الأوقاف السنية وتلاحقهم بسبب فتح المايكروفون الخارجي لصلاة العشاء مثلا! بينما الأوقاف الجعفرية لا تحاسب من يقوم بتشغيل المايكروفون الخارجي في بعض المناسبات الخاصّة بالطائفة حتى منتصف الليل!

لا يعقل أن تعاقب أحد الأبناء بعنف وتشفّ بسبب خطأ بسيط، بينما غيره يعيث في البيت الخراب وينتهك حقوق الجميع، فتكتفي بتهديده عبر ورقة تعلّقها في المطبخ!

برودكاست: المصالحة الوطنية والحوار الوطني، كلّها مصطلحات جميلة، لكن بالتأكيد لا يمكن أن تنتقل على أرض الواقع، إذا كانت هناك دولة داخل دولة!

العقاب لا يتجزّأ، والواجبات لا تتمايز، ولا يمكن علاج الجرح الغائر في الجسم بحبّات البندول!

آخر السّطر: مقتدى الصّدر، يداه ملطّختان بدماء عشرات الآلاف من أبناء الأمّة في العراق والآن في سوريا، ولم يتوقّف منذ أكثر من عام عن مهاجمة البحرين وتهديدها.

ذلك المسخ الطائفي، يُستقبل استقبال الزعماء في قطر والكويت!!

سؤال بريء: من يستطيع تفسير مصطلح «المصير المشترك» بين دول مجلس التعاون الخليجي؟!



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة