الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥١٦ - الجمعة ٢٩ يونيو ٢٠١٢ م، الموافق ٨ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

زاوية غائمة


الزواج بديلا للندن.. أمر الله





فشلت محاولة انقلابية في الإطاحة بحكم المشير (فيلد مارشال) جعفر نميري، ولأن إذاعة بي بي سي تحدثت عن مجازر تعرض لها الانقلابيون، فقد قطعت الحكومة علاقتها ببريطانيا، وعاقبتها بمنع رحلات الخطوط الجوية السودانية إلى لندن، وكان أبو الجعافر ضمن ضحايا المحاولة الانقلابية، لأن كل ذلك حدث قبل أيام قليلة من سفري المقرر الى لندن في بعثة دراسية، وأعترف بأن أكثر ما كان يهمني في الأمر، ليس البعثة او الدراسة، بل الوجود والعيش في لندن، التي يا ما سمعنا عنها، وحلمنا بها، بل إن العديد من أصدقائي أوصاني بعدم العودة ويدي «فاضية»، وكانوا يعنون بذلك أن أعود بزوجة او قيرل فريند حلوة كالقشطة.. اسمحوا لي أن أتوقف هنا لاعترف بأن الإخوة المصريين خدعوني وغيري بوصفهم للبنت الحلوة بأنها قشطة (ملهلطة ولا طائل في البحث عن معنى هذه الكلمة لأنها من فصيلة خرنق ودُهُل اللتين تعنيان البله والعبط)، ولو كان الأمر يتعلق بلون البشرة ففتاة كالقشطة تعاني من مرض جلدي خطير وربما من نقص حاد في فيتامين دي، وإذا كان الأمر يتعلق بالطعم، فإن هذا دليل على خلل في غدد التذوق، لأن طعم القشطة كطعم الخس بل هو «أخس»، وفوق هذا كله فإن القشطة مقرفة الشكل والملمس، كما أنها أكثر مشتقات الألبان إضرارا بالصحة، لاحتوائها على نسبة عالية من الكولسترول وثاني أوكسيد الفول (وقد نبهت مرارا إلى أن للفول خواص تنويمية)، وهناك البنت «اللي زي الفراولة»، وذقت الفراولة لأول مرة بعد ان تجاوزت الثلاثين، وعن تجربة طويلة اقول ان الفراولة مجرد شكل وأن واحدة من كل الف ثمرة منها «تستأهل» الأكل.. والنقطة الثانية هي حكاية فيلد مارشال (مشير) وهي رتبة لا ينالها الضابط في القوات المسلحة، ما لم يكن صاحب سجل استثنائي في حروب ضخمة، ومن هنا تأتي كلمة «فيلد» التي تسبق «مارشال» وتعني «الميدان».. ولا يوجد في بريطانيا حاليا ضابط واحد يحمل رتبة مارشال، بعد ان انقرض المارشالات الذين نالوا تلك الرتبة عن جدارة خلال الحرب العالمية الثالثة، وجعفر نميري كان برتبة عقيد عندما استولى على السلطة في انقلاب عسكري عام ١٩٦٩ وبعدها بأشهر قليلة كان قد صار «لواء» وكمان كم شهر صار «فريق»، ثم قام بتقييم أدائه العسكري ومنح نفسه رتبة مشير (فيلد مارشال).

المهم.. كانت الدراسة قد بدأت في إدارة وسائط الإعلام في المجلس الثقافي البريطاني في لندن، ومجموعتنا التي كان مقررا لها أن تكون هناك مع بداية الفصل الدراسي محتجزة إجباريا في الخرطوم، بلا شغل أو مشغلة، فقلت ما بدهاش، وقررت الزواج بالفتاة التي رمتها المقادير في طريقي طالبة في المرحلة الثانوية، وكانت البعثة اللندنية قد ملأتني حماسا للزواج بها بعد أن ظللت عاجزا عن إتمام مراسيم الزواج لقرابة عامين بسبب قلة الحيلة المالية، ففي بريطانيا سيعطونني راتبا شهريا أعتاش منه بل يفيض عن احتياجاتي اليومية، ويبقى راتبي في السودان كاملا سالما، فكان القرار أن أعود من لندن وأنا «ثري» وأكمل مشوار الزواج، وكانت تلك الفتاة قد لفتت انتباهي بحسن أدبها، والأهم من كل ذلك هدوئها، وكما ذكرت في مقالات صحفية عديدة فإن الوضع تغير بعد الزواج، فصرت انا التلميذ المطالب بالهدوء والانضباط، وهي «المشير» الآمر الناهي، وإنصافا لها فإنها في بعض الأحيان تسمح لي بالبحبحة وتعطيني «مصاريف جيب» معتبرة، فوق مخصصات البنزين للسيارة التي أقودها في معظم الأحيان لتوصيلها الى هذا المكان أو ذاك.. ولهذا أنبه المقدمين على الزواج الى ضرورة تفهم المثل المصري القائل: تحت السواهي دواهي.





jafabbas١٩@gmail.com



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة