ما وراء الكشف عن لائحة مفصلة بأسماء علماء نوويين في إيران
 تاريخ النشر : الاثنين ٢ يوليو ٢٠١٢
باريس ـ من: "أورينت برس"
في خطوة تحمل مخاطر عالية للبرنامج النووي الايراني وكبار العلماء الإيرانيين، أعلنت مصادر استخباراتية إسرائيلية وغربية انه تم الكشف عن الأسماء والعناوين الكاملة لإحدى عشرة وكالة إيرانية تنضوي تحت راية منظمة الأبحاث الجديدة التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية، فضلا عن الأسماء الكاملة لستين عالما إيرانيا ممن يعملون فيها على بناء القنابل النووية الإيرانية وذلك من قبل منظمة "مجاهدي خلق" المعارضة الإيرانية الرئيسية التي ترغب في الانتقام من النظام الايراني جراء الظلم الذي الحقه بها وبأفرادها.
وتعد هذه المعلومات في حال ثبتت صحتها صفعة قوية للجمهورية الإسلامية لأنها تثبت قدرة جهات خارجية على اختراق منظومتها الأمنية، فهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن منظمة رئيسية إيرانية معدة إعدادا جيدا وتستخدم بشكل مشترك من قبل وزارة الدفاع وحرس الثورة الإيراني والهدف المركزي لها هو بناء السلاح النووي.
"أورينت برس" أعدت التقرير التالي:
حتى الآن ادعى الامريكيون والدول الست والوكالة الدولية للطاقة النووية التي تجري مفاوضات نووية مع طهران بأنه ليست لديهم أي معلومات عن وجود هيئة واحدة في إيران تتولى جميع العمليات الخاصة ببناء السلاح النووي، لكن المصادر الاستخباراتية الغربية تشير إلى أنه من الواضح أن مجاهدي خلق أرادت الرد على إيران بقوة، اذ يتعامل معها الإيرانيون كتنظيم إرهابي ويتهمونها بالتعاون مع الهيئات الاستخباراتية الأمريكية والإسرائيلية لتصفية واغتيال علماء الذرة الإيرانيين داخل إيران، لذلك نشرت هذه المعلومات المثيرة قبل عشرة أيام فقط من الجولة الثانية من المحادثات النووية بين الدول الست وإيران التي اجريت في بغداد في ٢٣ مايو.
زاوية مختلفة
يمكن الإشارة إلى أن ما صدر عن مجاهدي خلق يضع البرنامج النووي الإيراني في مكانه وفي ضوء مختلف تماما عما تظهره الولايات المتحدة والدول الخمس الكبرى بما في ذلك ألمانيا حتى مصادر إسرائيلية.
وفيما تدعي هذه المستويات أن الزعامة الإيرانية لم تتخذ حتى الآن قرارا بالتوجه نحو السلاح النووي فإن المعلومات المنشورة تظهر أنه ليس فقط قد صدر هذا الأمر منذ وقت وإنما عمل بناء السلاح النووي يتم في إيران بكامل فاعليته.
ما نشر يدعي أن مركز المنظمة التي تتولى بناء القنابل النووية الإيرانية يقع في موقع يسمى "موجدة" هذا الموقع يقع في الجزء الغربي من جامعة مالك أشطار التي تقع في منطقة ويزان، هذه الجامعة التكنولوجية التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية لديها ثلاثة معسكرات في طهران وأصفهان وأوريميا، المعلومات حول هذه المواقع ليست جديدة فقد سبق نشرها عام ٢٠٠٩، الجديد هو النشر حول وجود منظمة تنقسم إلى ثلاثة أقسام تتولى بناء السلاح النووي وإجراء التجارب عليه.
القسم الأول يتولى بناء تحضير العناصر المختلفة المطلوبة لبناء القنبلة النووية مثل اليورانيوم المخصب والمواد المتفجرة النووية، فضلا عن تشكيل وبناء مواد بما في ذلك المعادن المطلوبة لبناء رؤوس متفجرة نووية، وإنتاج مواد قدح خاصة تستخدم في تفجير القنابل النووية. كما يضم قسما لإجراء الأبحاث والتجارب على المواد الكيماوية المتقدمة وقسما خاصا للأبحاث ولإعداد خطط تتضمن عمليات حسابية الكترونية المطلوبة لبناء رؤوس القنابل النووية، وقسما آخر يتولى تطبيقات عمليات الليزر في المجال النووي.
لكل واحد من هذه الأقسام يضاف رسم بياني منفصل يظهر التوزيع الداخلي للأقسام الفرعية لكل قسم وإلى جانب كل قسم تظهر الأسماء الكاملة لرؤساء الأقسام والباحثين والعاملين الذين يخضعون لهم وكذلك أيضا الإشارة إلى العلاقة بين الأقسام المختلفة والعاملين فيها.
حركة مجاهدي خلق تدعي أن هذه المعلومات صحيحة، وبعد هذين النشر والكشف مباشرة بدأت مصادر أمريكية في واشنطن تدعي أنه ليست هناك إمكانية للتأكد من هذه المعلومات وينبغي التعامل معها بشك كبير. لكن مصادر اسرائيلية تبنت هذه المعلومات وأكدت صحتها، وهنا يمكن السؤال عن إمكانية وجود تعاون ما بين مجاهدي خلق وإسرائيل.
رد ايراني محتمل
بناء على المعلومات الحساسة التي تم الكشف عنه، حذر محللون من أن إيران قد تحاول الرد عبر الاعتداء عبر شبكة الانترنت على البنى التحتية الإسرائيلية والغربية مثل شبكة الكهرباء والقطارات والخطوط الجوية والمصافي، في حال أدت الأزمة النووية الإيرانية إلى تسريع اندلاع الصراع المسلح. اي انها ستتعمد افتعال مشكلة الأمن الإلكتروني، والتحول إلى الفضاء الإلكتروني باعتباره مجالا جديدا لنشوء الصراعات. لكن عمليا، لايزال الانتباه الذي يلقاه هذا المجال غير متكافئ.
وفق الأفكار التقليدية الشائعة، لا يطرح النظام الإيراني، الذي يزداد عزلة نتيجة تصاعد العقوبات الدولية ضده وتزايد المشاكل الاجتماعية والاقتصادية المحلية، خطرا فوريا في المجال الإلكتروني. لكن تلك العوامل نفسها أدت إلى ارتفاع احتمال نشوب صراع في ذلك المجال الإلكتروني بين طهران وإسرائيل.
لكن توسع نطاق استعمالات إيران للفضاء الإلكتروني نتيجة استراتيجيتين أساسيتين: تتعلق الاستراتيجية الأولى بالقمع المحلي. والخطة تشمل الآن بناء شبكة إنترنت وطنية جديدة من شأنها أن تقطع علاقات إيران مع شبكة الإنترنت العالمية، وتركيب نظام مراقبة متطور مصنوع في الصين لمراقبة الهواتف العادية والخلوية واتصالات الإنترنت، وفرض معايير حكومية صارمة تجبر مقاهي الإنترنت على تسجيل المعلومات الشخصية عن الرواد ومنع الذين يستعملون الشبكة من الوصول إلى بعض الفيديوهات، والعمل على تشكيل وكالة حكومية جديدة مسؤولة عن "إجراء مراقبة دائمة وشاملة للفضاء الإلكتروني المحلي والدولي".
أما الاستراتيجية الثانية، فترتبط بالصراع الكامن مع الغرب بسبب طموحات إيران النووية. منذ خريف عام ٢٠٠٩، واجهت إيران سلسلة من الاعتداءات الإلكترونية المتواصلة ضد برنامجها النووي، أبرزها فيروس "ستاكس نت" الذي هاجم نظام التحكم الصناعي في منشآت نووية إيرانية عدة بين عامي ٢٠٠٩ و٢٠١٠، لكن كانت الجمهورية الإسلامية أيضاً ضحية عمليتين إلكترونيتين أخريين على الأقل بهدف وقف التطور النووي الإيراني، وها هي اليوم تفقد بيانات سرية جدا جراء اختراق منظومتها الالكترونية. صحيح أن أصل تلك التحركات لايزال محط جدل محتدم في الغرب، لكن يبدو أن السلطات الإيرانية مقتنعة بأن الصراع الالكتروني لايزال مستمرا وهي تستعد للرد عليه.
الفضاء الإلكتروني الإيراني
يذكر انه في الأشهر الأخيرة، أطلقت إيران برنامجا حكوميا طموحا بقيمة مليار دولار لتعزيز إمكاناتها الإلكترونية الوطنية. يقال إن تلك الجهود تشمل اقتناء تكنولوجيا جديدة، والقيام باستثمارات كبيرة في قطاع الدفاع الإلكتروني، وإنشاء فريق جديد من الخبراء في مجال الفضاء الإلكتروني. كذلك، فعل النظام الإيراني جيشا إلكترونيا من الناشطين المستقلين ظاهريا لتنفيذ سلسلة من الاعتداءات ضد مواقع وكيانات معادية للنظام الإيراني، بما في ذلك موقع التواصل الاجتماعي تويتر، ومواقع الحركة الإصلاحية الإيرانية ومجاهدي خلق. فضلاً عن ذلك، يبدو أن إيران بدأت تنتقل من موقع الدفاع إلى الهجوم بطريقتها الخاصة في مجال الفضاء الإلكتروني.في هذا الإطار، اعتبر تقييم صدر في عام ٢٠٠٨ عن معهد التكنولوجيا الدفاعية في الولايات المتحدة، أن الجمهورية الإسلامية هي واحدة من خمس دول لديها إمكانات حكومية مهمة لشن حرب إلكترونية. وفي الكتاب الصادر عام ٢٠١٠ بعنوان "الحرب الإلكترونية"، قام المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي الأمريكي والخبير في الأمن الإلكتروني ريتشارد كلارك بتصنيف إيران بعد جمهورية الصين الشعبية على لائحة الدول التي تملك الإمكانات لشن هجوم إلكتروني محتمل. لذلك هناك تخوف من ان تقوم إيران بشن سلسلة اعتداءات الكترونية ردا على الاعتداء الأخير ومصدره حركة مجاهدي خلق رغم انها ستقوم طبعاً بإنكار حقيقة اللائحة التي نشرت والطعن في صحتها.
.
مقالات أخرى...
- سمات الدولة الفاشلة - (2 يوليو 2012)
- لماذا تفشل الدول؟ - (2 يوليو 2012)
- بعد فوز مرسي برئاسة الجمهورية الثانيةإخوان مصر.. كيف سيتعاملون مع خصومهم السياسيين بعد الرئاسة؟ - (2 يوليو 2012)
- الحرب الأهلية تطل برأسها من عكار في لبنان - (19 يونيو 2012)
- نتنياهو كبل يد المعارضة الداخلية استعدادا لمواجهة أوباما - (15 يونيو 2012)
- زلزال الانتخابات الرئاسية يتصاعد في مصر ائتلاف المسلمين الجدد يحذر من التزوير في جولة الإعادة - (15 يونيو 2012)
- ماذا بعد نتائج الجولة الأولى لـ«الانتخابات الرئاسية»؟ - (13 يونيو 2012)
- «القاعدة» تؤجج الساحة اليمنية وأمريكا ترفض التدخل العسكري - (13 يونيو 2012)
- هل تقلب مجزرة «الحولة» الطاولة على رأس الأسد؟ - (8 يونيو 2012)