بعد فوز مرسي برئاسة الجمهورية الثانية
إخوان مصر.. كيف سيتعاملون مع خصومهم السياسيين بعد الرئاسة؟
 تاريخ النشر : الاثنين ٢ يوليو ٢٠١٢
القاهرة ـ محمد نوار:
حالة من الخوف والترقب تنتاب المصريين بعد فوز د.محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الاخوان المسلمين برئاسة مصر، وهو الأمر الذي استقبله مؤيدوه بالترحاب والاحتفال، في حين استقبله آخرون بالخوف؛ وخاصة ممن عارضوا ترشحه ووصوله إلى الرئاسة بل وصل الأمر لدرجة الهجوم المباشر من قبل مجموعة من الإعلاميين والقوى السياسية والمسئولين ورجال النظام السابق والمثقفين والفنانين، ويبقى الحذر موجودا من جميع المعارضين في انتظار ردة فعل الرئيس الإخواني معهم، وهل سيسعى إلى تصفية الحسابات والإقصاء والإبعاد؟ أم إلى المشاركة السياسية وإعادة بناء الجمهورية الثانية؟
قال السعيد كامل رئيس حزب الجبهة الديمقراطية ان صعود مرسى إلى الرئاسة دليل على أن المجلس العسكري خشي غضبة الإسلاميين، ولكنه في الوقت نفسه لن يستطيع أن يزور الانتخابات الرئاسية لصالح الفريق أحمد شفيق، لأن كل المؤشرات كانت تقول إن مرسيا هو الرئيس القادم للبلاد، مشيرا إلى أن جماعة الإخوان لن تستطيع أن تحكم مصر من خلال رئيسها محمد مرسي ومن يعتقد منهم بذلك فهو واهم، لأن الشعب لن يترك مكتب الإرشاد يتخذ القرارات ويكون دور الرئيس هو إعلانها للشعب بصفته ممثل الشرعية في البلاد، مؤكدا أن الرئيس لن يقبل بفكرة الإبعاد والإقصاء لبعض القوى السياسية والشخصيات التي عارضت ترشحه، بل سيفتح صدره للجميع لبدء الجمهورية الثانية بحرية وديمقراطية، موضحا أن الخطاب الذي ألقاه مرسي عقب النتيجة أوضح رغبته في التواصل والغفران مع القوى السياسية كافة سواء كان المؤيدين له أو المعارضين، مبديا تخوفه من الصدامات التي تؤدي إلى عدم نسيان ما ارتكب هؤلاء ضد الإخوان، ولأن من يحكم ويأخذ القرارات قد لا يكون الرئيس بسبب وجود قيادات اخوانية قوية ومؤثرة داخل الجماعة تستطيع التأثير فيه، وقد تسعى إلى السيطرة والكيد بمن عارضوهم واسقطوا شعبيتهم.
واعترض عبدالغفار شكر وكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، أن الرئيس محمد مرسي لن يكون "ديكورا" لمكتب الإرشاد خلال الفترة القادمة، بل سوف يسعى إلى تشكيل مؤسسة الرئاسة بطريقة ائتلافية حتى يستمع للرأي والرأي الآخر، ولن يستطيع مرشد الإخوان محمد بديع، أو نائبه خيرت الشاطر، أن يتدخلا في قرارات وأوامر الرئيس، متخوفا من كثرة الائتلافات في الفترة القادمة سواء في تشكيل الحكومة أو مؤسسة الرئاسة؛ لأنهم لن يتفقوا أبداً بسبب كثرة التوجهات وتبني المعتقدات والأفكار التي تختلف من اليسار إلى اليمين إلى الناصرية إلى الوفدية، وسيكون مصيرها الفشل المبكر وسيفقد مرسي والإخوان عامة كثيرا من شعبيتهم إذا لم يتحقق شيء من وعوده على الأقل خلال المائة اليوم الأولى، متوقعا أن يفي الرئيس بوعده ويكون رئيس الحكومة من خارج الاخوان وكذلك أغلب قيادات الوزارة، بالاضافة لاحتمالية تحكم المجلس العسكري بالوزارات السيادية، وبالتالي لا أعتقد أنه سوف يلجأ إلى إقصاء أو إبعاد المعارضين له، بل سيسعى للمصالحة ومد يده لكل القوى ولن يسمح للإخوان المسلمين بممارسة ذلك، على الأقل في المرحلة الاولى من فترة توليه رئاسة الجمهورية حتى يلتف الشعب وراءه ويثق بوعوده.
وأكد وحيد الأقصري رئيس حزب مصر العربي الاشتراكي، أن تبوء محمد مرسي الرئاسة، جعل القوى السياسية في وضع حرج أمام الشعب المصري لأن مصر لن يحكمها الإخوان سياسيا ولكن سوف يحكمونها من داخل الغرف المغلقة لأنهم تعودوا ذلك، وللأسف الشعب المصري لم يستمع إلى نداء التيار المدني باستمرار الحفاظ على مدنية الدولة في وجه الإسلاميين، مشيرا إلى أن الإخوان سوف يسعون وبكل قوة إلى أن ينعشوا الاقتصاد ويصعدوا بالبورصة المنهارة ولن يترك خيرت الشاطر أو حسن مالك رئيسهما بدون سند اقتصادي ومالي قوي، وطالما فاز مرشحهم بمنصب رئيس الجمهورية، لن يسعوا لفتح ملفات أعدائهم والقصاص منهم حاليا، لأن هذا سيؤدي للإضرار بمصالحهم وبما وصلوا إليه من مزايا وصلاحيات، ولعلهم تعلموا من تجربة مجلس الشعب، فالإقصاء والإبعاد يقللان من شعبيتهم وهم في حاجة إلى التواصل للاستمرار بالحكم، وحتى لو تعاملوا بشكل قاس مع بعض أعدائهم فسيكون من باب العبرة لمن تخول له نفسه معارضة الإخوان.
تخوفات وشكوك
ومن وجهة نظر أخرى يقول مايكل منير رئيس حزب الحياة، ان الإخوان سيدمرون الدولة المصرية بسبب تعاونهم المقدس مع حركة حماس وإيران خلال الفترة القادمة، ولن يفكروا في دول الخليج العربي وعلى رأسهم السعودية التي قدمت ومازالت كثيراً لمصر وللمصريين، محذراً من غضبة الاتحاد الأوروبى وأمريكا على مصر وعقابها اقتصاديا؛ لأن مصر خلال فترة حكم الإخوان سوف تكون على قائمة الدول الراعية للإرهاب في المنطقة، مشددا على ضرورة وضع مادة في الدستور الجديد تجعل من فترة الرئاسة سنة واحدة انتقالية، يتم خلالها وضع الدستور وإجراء الانتخابات البرلمانية، وبعدها يدعو الرئيس إلى انتخابات رئاسية جديدة، لأن وضع الرئيس بعد الدستور قد يُطعن على دستوريته، مؤكدا أن الإخوان لن يتركوا ثأرهم خلال الثمانين عاماً الماضية وسيسعون إلى أخذه بكل الطرائق بعد أشهر قليلة من حكم محمد مرسي، ويعلم أعداؤهم أن تصفية الحسابات مرحلة قادمة لا محالة سواء الاعلاميون أو القوى السياسية والثورية أو قادة الرأي والفكر أو رجال الاعمال ورجال النظام السابق، مؤكداً أن العديد من المصريين والأقباط بدأوا التفكير في الهجرة؛ لأنهم يخشون من غضبة الإسلاميين وتحويل مصر إلى أفغانستان، وللأسف الشعب المصري متعاطف مع التيار الإسلامي على أي وجه سواء كان ظالما أو مظلوما، ولن يتقدم المصريون طالما يفكرون بقلوبهم ويأخذون قرارهم بعواطفهم.
وأشار ممدوح قناوي رئيس الحزب الدستوري الاجتماعي الحر، إلى أن صعود الإخوان إلى قمة السلطة في مصر ليس مفاجئاً أو صادماً للقوى السياسية، لأنهم التيار الوحيد القوي في الشارع ويستطيع حشد المواطنين في الانتخابات ليصوتوا له ويدعموه بقوة، وهذا ما تحقق في الانتخابات البرلمانية ومن بعدها الانتخابات الرئاسية، موضحاً أن الأحزاب الليبرالية أو المدنية أصبحت "كارتونية" ولا ترقى إلى العمل السياسي حاليا لأن التيار الإسلامي قضى على الجميع، وأيضاً النظام السابق أعدم القوى المدنية سياسيا ولم يعد لها وجود في الشارع، حتى أصبحنا نتودد إلى القوى الإسلامية لتحقيق مكسب سياسي، مؤكداً أن الصعود الصاروخي للإخوان بعد الثورة دليل على أنهم القوة القادمة التي ستقود البلاد، ولكن في هذه اللحظة الحرجة كان عليهم الابتعاد قليلاً للحفاظ على مدنية الدولة، رافضاً أن يكون محمد مرسي رئيس الجمهورية هو مرشح الثورة، ولكنه مرشح الثورة الإسلامية والناخبون اختاروه عناداً في مرشح النظام السابق، حتى لا نعيد التجربة المريرة بنفس العقلية والأسلوب البوليسي والقمعي، محذراً من الانتقام وتصفية الحسابات مع بعض السياسيين الذين هاجموا الإخوان كثيراً، وأيضاً من تكرار نموذج الحزب الوطني المنحل ولكن بطريقة إخوانية، وعلى حزب الحرية والعدالة الحاكم في المستقبل القريب أن يبتعد عن القوى السياسية وعدم إضعافها ليظل القوة الوحيدة المسيطرة على الساحة لأعوام قادمة.
انفصال ضروري
وشدد د.عماد جاد رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي، على ضرورة انفصال محمد مرسي رئيس الجمهورية عن جماعة الإخوان المسلمين وحزبها السياسي الحرية والعدالة، حتى يبقى محايداً لجميع القوى والتيارات السياسية، ويطبق مقولة "انه رئيس كل المصريين"، وأيضاً لابد من مشاركة القوى القبطية في بناء مصر الجديدة مع القوى الإسلامية وأن نبتعد قليلا عن فكرة التخوين التي يرددها أصحاب الفكر الإسلامي المتشدد، باعتبار أن الأقباط اتجهوا للتصويت للمرشح المنافس الفريق أحمد شفيق، وما يبرر ذلك أن الأقباط اتجهوا للدولة المدنية وإلى من بعث إليهم برسائل تطمينية على مستقبلهم، مشدداً على ضرورة توضيح طريقة التعامل الإخوانية مع الهيكل الرئيسي لمصر خلال الفترة القادمة لأن الدولة سوف تتغير كليا إذا توغلت الجماعة في جميع مؤسسات الدولة، ولذلك نناشد مرسيا أن يحافظ على حياده السياسي ويبعد الجماعة والحزب عن كاهل الدولة المصرية، محذراً من لهجة الانتقام التي بدأت تسيطر على التيار الإسلامي عامة لأخذ ثأرهم من منتقديهم، وإبعادهم عن الساحة السياسية، أو من رموز النظام السابق، لأنهم ليسوا جميعاً فاسدين، وعلى الإخوان أن يبدأوا عصرا ديمقراطيا جديدا بمشاركة التيارات السياسية كافة.
ويرى أحمد الفضالي رئيس حزب السلام الديمقراطي، أن الإخوان حريصون على مستقبل البلاد وانتشالها من مرحلة الفوضى والانهيار التي أصابتها منذ تنحي الرئيس السابق حسني مبارك، حيث ترك إرثاً ثقيلاً ومؤسسات منهارة بسبب الفساد، ولن يستطيع ان يتعامل مع كل هذه الملفات الا الإخوان المسلمون لأنهم الأقدر والأجدر بقيادة مصر حاليا، مؤكداً أن القوى المدنية في حال فوز شفيق بالرئاسة كانت ستقف عاجزة أمام الشعب المصري لأن أي تعاون مع آخر رئيس وزراء في حكم مبارك ستقابله اتهامات بالتخوين ومتاجرة في دماء الشهداء، لذلك يرى الشعب والقوى الليبرالية والمدنية إعطاء فرصة للإخوان للإصلاح والتغيير، وإن لم يستطيعوا فلن يصعدوا مرة أخرى للحكم، والفترة القادمة لن يقول أحد ان هذا مرشح الفلول أو مرشح التيار الإسلامي، وسوف يلتف الشعب وراء من يراه مناسباً لقيادة البلاد، موضحاً أن الإخوان لن يقوموا بإقصاء أو إبعاد المعارضين، بل سيسعون إلى المشاركة السياسية مع جميع القوى السياسية المصرية.
خدمة (وكالة الصحافة العربية)
.
مقالات أخرى...
- سمات الدولة الفاشلة - (2 يوليو 2012)
- لماذا تفشل الدول؟ - (2 يوليو 2012)
- ما وراء الكشف عن لائحة مفصلة بأسماء علماء نوويين في إيران - (2 يوليو 2012)
- الحرب الأهلية تطل برأسها من عكار في لبنان - (19 يونيو 2012)
- نتنياهو كبل يد المعارضة الداخلية استعدادا لمواجهة أوباما - (15 يونيو 2012)
- زلزال الانتخابات الرئاسية يتصاعد في مصر ائتلاف المسلمين الجدد يحذر من التزوير في جولة الإعادة - (15 يونيو 2012)
- ماذا بعد نتائج الجولة الأولى لـ«الانتخابات الرئاسية»؟ - (13 يونيو 2012)
- «القاعدة» تؤجج الساحة اليمنية وأمريكا ترفض التدخل العسكري - (13 يونيو 2012)
- هل تقلب مجزرة «الحولة» الطاولة على رأس الأسد؟ - (8 يونيو 2012)