الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٢٣ - الجمعة ٦ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ١٦ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

المال و الاقتصاد


رئيس باركليز.. الرجل الذي فقد ظله





لندن ـ (د ب أ): يبدو أن الحفل قد انتهى بالنسبة الى العاملين في حي المال (سيتي) بالعاصمة البريطانية لندن، وأن الأنوار انطفأت بعدما صارت الأيام التي كان الوسطاء الماليون العاملون في البنوك يحتفلون بنجاحهم في التلاعب بأسعار الفائدة لتحقيق أرباح باهظة شيئا من الماضي.

ففي أعقاب أزمة الائتمان التي ضربت القطاع المصرفي البريطاني عام ٢٠٠٨ وتفجر الحديث عن المكافآت والأجور الباهظة التي يحصل عليها العاملون في البنوك، تلقى القطاع صفعة قوية جديدة بالكشف عن تورط بنك باركليز، أحد أكبر البنوك البريطانية، في فضيحة التلاعب بأسعار الفائدة بين البنوك في لندن (الليبور) لتحقيق أرباح غير قانونية.

ومن المنتظر أن يؤدي الكشف عن هذه الفضيحة إلى تحقيقات جنائية، وتهديد كبير لسمعة لندن كمركز مصرفي دولي مرموق.

ووفقا لعضو مجلس العموم البريطاني عن حزب المحافظين الحاكم كلير بيري، تعكس فضيحة التلاعب بأسعار الفائدة فشل القواعد المنظمة وفشل نظام المراجعة الداخلي وفشل الإطار الأخلاقي في القطاع المصرفي البريطاني.

ووفقا لإحدى الوثائق التي نشرتها هيئة الخدمات المالية المعنية بمراقبة القطاع المصرفي والمالي في البلاد، قال أحد الوسطاء من الخارج في رسالة بريد إلكتروني إلى زميل في بنك باركليز "أنا مدين لك بشدة. لتأت بعد انتهاء يوم العمل وسأفتح لك زجاجة شمبانيا فاخرة" احتفالا بنجاح عملية تلاعب في أسعار الفائدة وتحقيق أرباح كبيرة من ورائها.

بدوره، قال وزير الخزانة البريطاني جورج أوسبورن، "لقد تحطمت البنوك البريطانية.. لكن هناك فرصة لإصلاح ما فسد في الصناعة" المصرفية.

وفي غضون يومين فقط سقط ثلاثة ضحايا كبار نتيجة لفضيحة بنك باركليز حيث استقال رئيس مجلس إدارة البنك، تلاه الرئيس التنفيذي وأخيرا رئيس عمليات البنك في أعقاب الإعلان عن فرض غرامة قياسية على البنك بسبب تورطه في فضيحة التلاعب في أسعار الفائدة.

فبعد يوم واحد من إعلان رئيس مجلس إدارة البنك ماركوس أجيوس، يوم الاثنين، اعتزامه التقاعد في أعقاب فرض غرامة قياسية على البنك بسبب الفضيحة، أعلن الرئيس التنفيذي للبنك بوب دياموند استقالته الفورية، أعقبه في نفس اليوم إعلان البنك استقالة مدير العمليات جيري ديل ميسير.

ومن المقرر أن يغادر ديل ميسير، وهو كندي الجنسية، البنك على الفور، حيث عمل ديل ميسير بشكل وثيق مع بوب دياموند.

وكان البنك وافق على دفع غرامة قيمتها ٢٩٠ مليون جنيه إسترليني (٤٥١,٦ مليون دولار) للسلطات الأمريكية والبريطانية بتهمة محاولة التلاعب في أسعار الفائدة على القروض بين البنوك.

وتتعلق المخالفات بطريقة تحديد سعر الفائدة على القروض بين البنوك في لندن (الليبور) وما يعادلها في أوروبا (يوربور) خلال الفترة من عام ٢٠٠٥ وحتى عام ٢٠٠٩. يستخدم الليبور لتحديد سعر الفائدة اليومية.

في الوقت نفسه تجري السلطات البريطانية تحقيقات مماثلة مع بنوك أخرى لمعرفة ما إذا كانت هناك مخالفات أخرى خلال الفترة بين عامي ٢٠٠٤ و٢٠٠٩.

وعندما وقف دياموند أمام إحدى لجان مجلس العموم البريطاني للإدلاء بشهادته حول الفضيحة، قدم اعتذاره عن التصرفات السيئة التي ارتكبها موظفو البنك المتورطون في فضيحة التلاعب بأسعار الفائدة على القروض بين بنوك لندن (الليبور).

وقال دياموند الذي استقال من منصبه أمس بسبب الفضيحة أمام اللجنة "أعتذر.. أنا محبط وغاضب" مما حدث.

وأضاف "لا يوجد أي مبرر لمثل هذا السلوك إطلاقا.. إنه خطأ وأنا لست سعيدا به"، ولكنه أصر على أن قيام عدد صغير من الموظفين ١٤ موظفا بالتلاعب في أسعار الفائدة من أجل تحقيق مزيد من المكاسب لا "يمثل بنك باركليز الذي أحبه وأعرفه".

وأضاف انه لم يعلم بقصة التلاعب في أسعار الفائدة إلا في الشهر الماضي وساعتها أصيب بوعكة صحية عندما اكتشف ما يحدث.

من ناحيته، قال النائب العمالي في مجلس العموم البريطاني جون مان إنه أمر "يبعث على الدهشة" أن يكون دياموند الذي أصبح رئيسا تنفيذيا لبنك باركليز عام ٢٠١٠ بعد سنوات أمضاها رئيسا للذراع الاستثمارية عالية الربحية في البنك وهي باركليز كابيتال لا يعرف ما يجري في البنك.

وأضاف بعد شهادة دياموند أمام لجنة برلمانية "إذا لم يكن يعرف فهو مذنب وإذا كان يعرف فهو مذنب أيضا".

وكانت شهادة دياموند أثارت أسئلة خطرة حول ثقافة بنك باركليز والغياب الواضح للسيطرة والرقابة على أنشطة بعض الموظفين.

وتجرى حاليا تحقيقات مع حوالي ٢٠ بنكا دوليا لمعرفة ما إذا كان هناك بنوك أخرى متورطة في هذه الممارسات غير القانونية.

وقال دياموند إن هذه المخلفات "وإن كانت قد تمت في بنك باركليز، إلا أنها موجودة على امتداد الصناعة" المصرفية.

وسأل أعضاء اللجنة المصرفي الأمريكي الجنسية عما إذا كان بنك إنجلترا المركزي شجع التلاعب في أسعار الليبور في ذروة الأزمة المالية العالمية عام ٢٠٠٨.

وكانت التكهنات حول دور بنك إنجلترا المركزي في هذه الممارسات ازدادت عندما نشر دياموند تسجيل مكالمة له مع بول توكر نائب رئيس البنك المركزي عام ٢٠٠٨.

وقال دياموند إن توكر أبلغه في ذلك الوقت بقلق مسئولي الحكومة البريطانية من ارتفاع سعر الليبور وهو ما اعتبره البعض تشجيعا من توكر لبنك باركليز من أجل التدخل لخفض سعر الليبور بصورة مصطنعة.

ومهما كانت نتيجة التحقيقات الحالية فالمؤكد هو أن صناعة المال والبنوك البريطانية تعرضت لضربة مؤلمة في وقت عصيب لم يتعاف فيه القطاع تماما من تداعيات الأزمة المالية العالمية.



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة