الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٢٣ - الجمعة ٦ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ١٦ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

مصارحات


الانتماء والاستقلالية





أبارك لجميع الإخوة والزملاء الذين جرى انتخابهم في مطلع هذا الأسبوع لاستكمال الهيئة المركزية لجمعية تجمع الوحدة الوطنية ونتمنى لهم التوفيق والسداد في تسيير دفّة هذه الجمعية التي نبني عليها آمالاً وطموحات تتناسب مع المرحلة التي تمرّ بها مملكتنا العزيزة. على أن تهنئتي أود أن تتضاعف لتتعدّى مجرّد تقديم التبريكات على عضوية الجمعية أو هيئتها المركزية لتشمل التهنئة بأمرين آخرين لهما علاقة بهذه العضوية, وهما: أولاً: الانخراط في العمل السياسي. وثانيهما: العدول عن فكرة الاستقلالية.

أما الأمر الأول فقد التأم في عضوية جمعية تجمع الوحدة الوطنية عدد من الأكاديميين والمهنيين, بعضهم كان يرى في العمل السياسي شأناً لاعلاقة له به, أو أنه لايرغب الاشتغال فيه أو أن له (ناسه) والمتخصصين فيه أو ما إلى ذلك من أسباب غالبها مجتمعية تتعلق - فيما أظن - بمقدار الوعي والأولويات والاهتمامات التي كانت سائدة فيما مضى من فترات سابقة على أزمة الأحداث المؤسفة التي عصفت بالوطن خلال العام الماضي وكشفت عن بون شاسع بين طيفي المجتمع البحريني في ممارسة العمل السياسي والحقوقي والإعلامي ومؤسسات المجتمع المدني.

وأما التهنئة الأخرى فتتعلّق بعدول أو تنازل بعض من فازوا الآن - في تكميلية التجمع أو في انتخاباته ابتداء - عن فكرة الانعزال عن العمل الجماعي والبعد عن الانتماء الحزبي, وتراجعهم عما كان يُنشر فيما مضى من الزمان من دعوة لأن يبقى المواطن مستقلاً, بعيداً عن أي انتماء, ولاعلاقة له بمؤسسات المجتمع المدني. وهي دعوات قد بُذل في السنوات القليلة الماضية في سبيل تعميمها وتفضيلها جهود واسعة, كان غالب منطلقاتها - للأسف الشديد - حسابات انتخابية أو تصفية خلافات شخصية أو أفق ضيقة ومحدودة أو توجهات لإبعاد وإقصاء جمعيات وتيارات بعينها والإضرار بها قبل أن تكشف الأحداث المؤسفة أيضاً عن بون شاسع بين طيفي المجتمع البحريني في (سالفة) الانتماء وعدم الانتماء, وقبل أن يُصدم الجميع بحجم الغياب الكبير للمكوّن الرئيسي من معظم مؤسسات المجتمع المدني الفاعلة, وأن اتحادات ونقابات وجمعيات ليس لهذا المكوّن دور فيها وأنه بسبب هذا الغياب خسرت البحرين في الداخل والخارج أنشطة ومواقف سياسية وإعلامية وحقوقية, كان بالإمكان أن نغيّر فيها أو نخفف من وطأتها أو نكبح تأثيرها أو نكون طرف معادلة فاعل فيها لولا انكفائنا وانعزالنا واستقلاليتنا وابتعادنا عنها طيلة السنوات الماضية. حالياً غالب أولئك الذين ارتفعت سابقاً وتيرة أصواتهم ودعواتهم الى عدم الاشتغال بالسياسة والانزواء وترك الانتماء والبقاء فيما سمّوه فضاء الاستقلالية؛ غالبهم انخفضت نبرتهم أو أنهم طلّقوا تلك الدعوات وعمِلوا (بعكسها) وأصبحوا فعلياً وميدانياً غير مستقلين!!

في الواقع أن الثورات والأحداث التي صارت في عموم دول العالم العربي والإسلامي بما فيها البحرين قد أنشأت تغييراً عاماً, ليس في مستوى السلطات فحسب وإنما شمِل المفاهيم والوعي والاهتمامات والتطلعات واستشراف المستقبل. ولذلك ينبغي على الجميع, حكاماً ومحكومين, أيّاً كانت مواقعهم أن يتناغموا مع تلك الأحداث ويتفاعلوا ويتأقلموا مع الزمن حتى لايتجاوزهم ويمضي عنهم, خاصة أن عجلته لاتتوقف ولايمكنها أن تعود الى الوراء.

سانحة:

يقول الدكتور عبدالكريم بكار في كتابه (صفحات في التعليم والنهوض بالشخصية): "تحقيق المصالح من غير أي قيود أمر سهل, ولكن من المهم أن ندرك أن الناس الذين يصلون إلى أهدافهم بعيداً عن مبادئهم يدفعون ثمناً غالياً لذلك, هو انحطاط أخلاقهم, وعتمة روحية تغشى أرواحهم!



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة