الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٣٣ - الاثنين ١٦ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ٢٦ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

يوميات سياسية


ملاحظات حول توضيحات وزارة الخارجية





نشرت امس نص الرسالة التي تسلمتها من وزارة الخارجية وتضمنت توضيحات حول ما جاء بمقالي "تطور خطير.. لماذا لا تتحرك وزارة الخارجية"، والذي اثرت فيه قضية الوثيقة التي قدمتها ايران إلى دول ٥+١ وطالبت فيها باقحام موضوع البحرين وادراجه في المحادثات النووية.

ولي بعض الملاحظات حول التوضيحات التي قدمتها الوزارة هي على النحو التالي:

أولا: من الواضح من المعلومات التي تضمنتها الرسالة ان وزارة الخارجية تنبهت مبكرا الى المحاولات الايرانية، وتحركت على مستويات عدة لاحباط هذه المحاولات. فقد خاطبت مباشرة وزراء خارجية الدول الكبرى وكذلك تحدثت مع سفراء هذه الدول في البحرين، بالاضافة الى التحرك على مستوى مجلس التعاون الخليجي.

ولو انه لفت نظري ان الرسالة لم تشر الى أي احتجاج رسمي قدمته الخارجية لايران او استدعاء للقائم بالأعمال الايراني في البحرين وابلاغه بهذا الاحتجاج .

بطبيعة الحال، تحرك الوزارة على هذا النحو في مواجهة هذه الخطوة العدوانية الايرانية هو بالضرورة محل تقدير.

لكن الأمر الملفت انه على الرغم من ان تحركات الوزارة كما جاء في الرسالة بدأت منذ فترة وتحديدا منذ المحادثات النووية في بغداد، فان الراي العام هنا في البحرين لم يكن على أي علم بالقضية، فلم تتحدث لا الوزارة ولا أي جهة حكومية أخرى عن هذه المحاولات الايرانية رغم خطورتها، ولم تحط الرأي العام علما بالجهود التي تم بذلها في مواجهة ذلك.

حقيقة الأمر اننا علمنا بهذه القضية فقط من متابعاتنا لما ينشر في الخارج، ومن نص الوثيقة الايرانية حين اطلعنا عليها.

بلا شك، هذا تقصير سياسي وإعلامي.

القضية هنا لا تتعلق فقط بالتعريف العام بجهود وزارة الخارجية وما تتخذه من خطوات في مواجهة ما تتعرض له البحرين، لكنها تتعلق بسبب أهم.

القضية هنا ان من حق الناس ان تعرف ما يحاك ضد البحرين من مؤامرات ومن مخططات، وما تتخذه دول مثل ايران او غيرها من خطوات عدوانية. ولهذا، كان من المتوقع ان يحاط الرأي العام علما بما تفعله ايران بمجرد ان علمت السلطات المسئولة بأمر هذه الوثيقة العدوانية.

ثانيا: من الأمور المهمة التي تضمنتها رسالة الوزارة تأكيد ان مواقف كل الدول الكبرى متفهم تماما لموقف البحرين من القضية، وان هذه الدول أكدت للبحرين انها ترفض رفضا مطلقا أي اقحام للبحرين او لأي قضايا اقليمية في المحادثات النووية مع ايران.

موقف الدول الكبرى على هذا النحو هو تطور في غاية الأهمية. وهو بالمناسبة ليس واضحا بهذا الشكل لدى كل المتابعين للقضية. بالعكس، هناك اجتهادات وتقديرات شتى لدى المحللين والمراقبين لتطورات القضية حول حقيقة موقف الدول الكبرى. ومرة أخرى، نستغرب ان الوزارة لم تلق الضوء على هذا الموقف الدولي المهم قبل ذلك.

ثالثا: من المهم تأكيد ان هذا التحرك الذي قامت به الوزارة في مواجهة الخطوة الايرانية العدوانية، وفي مواجهة المواقف المعادية للبحرين من جانب أي قوة خارجية بشكل عام، هو تحرك يجب ان يكون متواصلا لا يتوقف، ولا يكون رهنا فقط بحدوث تطور معين، كتقديم هذه الوثيقة مثلا.

هذا أمر المفروض انه بديهي على أي حال لكن من المهم التأكيد عليه لأكثر من سبب:

١ - ان ايران بأطماعها التوسعية ومخططاتها في الخليج العربي عموما، وبموقفها العدواني الثابت تجاه البحرين خصوصا لن تتوقف عن استهداف البحرين على كل المستويات سياسيا واعلاميا وعلى كل المستويات.

٢ - انه من المعروف ان هناك قوى دولية، مثل أمريكا، لديها هي الأخرى أجندات مشبوهة تستهدف البحرين والمنطقة عموما.

٣ - انه ان كانت الدول الكبرى قد اتخذت موقفا ايجابيا متفهما بحسب رسالة الوزارة من موضوع الوثيقة الايرانية وما تطلبه ايران من اقحام القضايا الاقليمية في المحادثات النووية، فأن موقف هذه الدول من الممكن ان يتغير في أي وقت بحسب مصالحها وحساباتها الخاصة. أي ان التحرك البحريني يجب ان يأخذ في حسبانه ان هذه الدول او بعضها من الممكن ان تتواطأ مع ايران في أي وقت.

رابعا: ان هذه القضية، أي قضية التحرك الخارجي في مواجهة المخططات الايرانية او مخططات أي قوة خارجية أخرى، هي وكما كتبنا مرارا من قبل ، لا تخص وزراة الخارجية وحدها.

ولهذا، فإن كل الجهات المعنية يجب ان تنسق تحركاتها في إطار خطة مدروسة بعيدة المدى.

نعني انه يجب ان تكون هناك آلية للتنسيق الدائم بين جهات مثل وزارة الخارجية، والاعلام، ووزارة حقوق الانسان، والتحرك المشترك.

مثل هذا التنسيق يبدو انه ليس موجودا حتى الآن. وهذا أمر غريب.

هذه بعض ملاحظات سريعة أحببنا ابداءها على رسالة وزارة الخارجية.

وفي كل الأحوال، يجب الا يغيب عن بالنا ان الحملة على البحرين سياسيا واعلاميا ومن جانب قوى وجهات عدة، هي حملة شرسة، وهذه الحملة لن تتوقف اليوم او غدا. وينبغي ان ترتب كل مؤسسات الدولة نفسها على هذا الأساس.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة