الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٣٣ - الاثنين ١٦ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ٢٦ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

في الصميم


الاستجواب.. ليس آلية تهديد!





أنا أفهم أن جميع الآليات التي منحها القانون والدستور معا للسادة النواب وعلى رأسها آلية استجواب الوزراء.. يجب استخدامها فيما شرعت من أجله، وفي إطار من المصلحة العامة.. أي أنه محظور استخدامها للتهديد والاهانة واستعراض العضلات على الوزراء وغيرهم، واستخدامها في المزايدات والدعاية الانتخابية.

ألاحظ أنه بمجرد أن يأتي وزير جديد إلى الساحة.. وقبل أن يرتب أوراقه، أو يعرف مهامه واختصاصاته وحدوده، أو يفهم ما يدور من حوله.. يفاجأ بمن يرفعون في وجهه آلية الاستجواب والتهديد والوعيد.

منذ فترة قليلة وجهت جمعية الأصالة تهديدا إلى وزير العمل باستجوابه في قضايا أؤكد أنه يعمل الآن في استماتة على لملمتها وعلاجها بعيدا عن استخدام ما يقوم به إعلاميا حتى يكتب لما يسعى إليه النجاح.

ومنذ أيام وجدنا كتلة البحرين البرلمانية تعلن إعطاء وزير الصحة مهلة لحل مشكلة تزايد الوفيات بين مرضى السكلر نهايتها بنهاية العطلة البرلمانية.. ملوحة باستخدام الأدوات الرقابية البرلمانية تدريجيا بدءاً بالأسئلة المباشرة وصولا إلى تشكيل لجنة تحقيق برلمانية ثم الاستجواب.. والبقية معروفة. أرى أن كتلة البحرين النيابية هي "أعقل" كتل مجلس النواب.. وتؤثر العمل في هدوء وعمق ملحوظين.. وما كنت أتوقع أن تسارع إلى تهديد وزير الصحة بالاستجواب وهو لا يزال ؟ كما هو معروف ؟ وزيرا جديدا يحتاج إلى بعض الوقت حتى يفهم ما يجري في دهاليز وزارة الصحة وهي دهاليز أخطبوطية.. ثم أنه لا يسعفه كثيرا كونه قد بدأ حياته الوظيفية في سلك العمل الإداري في هذه الوزارة.

المهم أن مرض السكلر - كما يعلم الجميع هو مرض وراثي، وأن أبرز مسبباته وتكاثره واتساع رقعة انتشاره - كما يقول الخبر إلى ٤٠ ألف مريض هو التزاوج والإنجاب بين المصابين بالمرض.

لذا.. أليس كان الأجدر بكتلة البحرين الموقرة بدلا من أن تضيّع وقتها وتشغل نفسها بتهديد وزير الصحة وإنذاره أن تتوجه مباشرة إلى بذل جهودها فيما يقطع دابر انتشار هذا المرض من خلال الحد من زواج الأقارب والمصابين أو كثرة الإنجاب أو تكليف نفسها بوضع خطة فعالة وعملية للتوعية بين جميع المواطنين بصفة عامة والمصابين وعائلاتهم بصفة خاصة؟!

وما أقوله لا ينفي أنني وكل المواطنين بلا استثناء ضد الإهمال أو التقاعس في تقديم خدمات العلاج الواجب إلى المرضى، وإخضاع المتقاعسين عن تقديم هذه الخدمات الإنسانية إلى التحقيق والعقاب الصارم.

}}}

إذا كان عدد المسيرات التي نظمتها المعارضة على أرض البحرين قد وصل منذ بداية هذه السنة وحتى الآن ؟ ونحن في منتصفها ؟ إلى (٨٨) مسيرة وتجمعاً مرخصاً لها كما صرح اللواء طارق الحسن رئيس الأمن العام.. فهذا يعني أن الرسالة قد وصلت ومنذ المسيرات والتجمعات العشر الأولى.. وإن كانت الحقيقة أن الرسالة المبتغاة قد وصلت منذ العام الماضي.. والجواب عليها معروف أيضا!

لكن أن تصبح المسيرات والتجمعات هي لعبة كل يوم.. وأن نطلب تنظيم عشر مسيرات في يوم واحد.. وعندما يُرفض مثل هذا المطلب نسارع إلى إبلاغ العالم كله عن هذا الرفض.. فهذا هو ما يدخلنا في نطاق المغالاة والمحظور، والنيل المرفوض من المصلحة العامة ومصالح الناس جميعا وحقهم الإنساني في الحياة الكريمة.

وتنسى المعارضة أن الناس في البحرين لم تعد تكترث بمثل هذه المسيرات وهذه التجمعات، ولم تعد تلتفت إليها بعد أن فقدت رسالتها وأهميتها وكل تأثيراتها.. ناهيك عن أن أي شيء في الدنيا يزيد على حده لابد أن ينقلب إلى ضده.

لكن المؤسف حقا، أن هذه المسيرات والتجمعات يتخللها في كثير من الأحيان، كما أشار بيان رئيس الأمن العام "إخلال بالأمن والنظام العام وخروج عن الأهداف المعلنة من خلال ارتكاب عدد من المشاركين فيها لأعمال عنف وتخريب، واستهداف لسلامة رجال الشرطة".

وهذا بالضرورة هو ما يحول هذه المسيرات إلى نوع من العبث المدمر بمقدرات الوطن والمواطنين ويؤثر سلبا على كل أوجه الحياة.. ويعوق تدفق الخدمات ونيل الحقوق بالنسبة إلى الجميع دونما استثناء ذلك لأن الضرر يعم الجميع داخل الوطن. صحيح أن الحكومة تبذل كل المستحيلات حتى لا يتأثر مستوى الخدمات وتدفقها بالنسبة إلى جميع المواطنين.. وقد وفقها الله وأوفت إلى حد كبير.. هذا إلى الدرجة التي أصبحت معها الشكوى من نقص تدفق أي خدمة من الخدمات لم تعد ذلك الشيء المسيء إلى المنوط بهم تقديم الخدمة بذات المستوى المنشود الذي كان لأن الناس في البحرين - وهم على درجة عالية من الوعي - يعلمون علم اليقين من هم المسئولون عن حدوث أي نقص أو تقصير.. ومن هم الذين أساءوا إلى المواطنين.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة