الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٣٨ - السبت ٢١ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ٢ رمضان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

الثقافي

"الكتب الممنوعة".. تاريخ الرقابة على المطبوعات في الحضارة الغربية









أصدر مشروع "كلمة" للترجمة، التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث، ترجمة جديدة بعنوان "الكتب الممنوعة" من تأليف الكاتب الإيطالي ماريو إنفليزي، ونقله إلى العربية المترجمة وفاء البيه، ضمن استعداداته للمشاركة في معرض أبوظبي الدولي القادم للكتاب الذي سيُفتتح أواخر مارس المقبل.

يُذكر أن الكتاب يقدم مُلخّصًا إجماليٌّا لتاريخ الرقابة على المطبوعات في الحضارة الغربية، متتبّعًا المسار الشائك لحرية التعبير عن الرأي، وأنواع الرقابة المُسلَّطة على الكتب والكُتّاب، بما فيها من قيود على النشر بكل أنواعه.

ويتناول المؤلّف بالدراسة والمعالجة نشأة الرقابة، وإعداد قوائم الكتب المحظورة، ودور محاكم التفتيش حتى بزوغ شمس عصر التنوير، حيث يبرز جليا دور اللاهوت في ذلك، فضلاً عما أنتجته المعرفة من أدوات ومؤسسات تولت شأن الرقابة أيضًا.

الكتاب ينقسم إلى أربعة فصول، الأول منها يقدم تاريخ الرقابة، الذي يرتبط بظهور قوة الكتاب المطبوع جلية واضحة، وقدرته على الانتشار بيسر بين أفراد الشعوب المختلفة، الذين كانوا بمنأى في الماضي عن الثقافة المكتوبة.

ويتناول الفصل الثاني قوائم الكتب الممنوعة التي أعدّها أساتذة اللاهوت، ورعتها محاكم التفتيش، والتي شملت مطبوعات ذات انتشار واسع، ولا تتعارض في شيء مع القضايا اللاهوتية الشائكة، وتشير أدوات الرقابة الرسمية كالقوائم والمراسيم إلى مدى الاضطراب الذي شهده المشهد الثقافي والاجتماعي في النصف الثاني من القرن السادس عشر.

كما يعرض الفصل الثالث حدود تلك الرقابة، وإصرار كنيسة روما على تطبيق خطة شديدة الإحكام للتأكد من تطبيق القائمة، ويشير المؤلف إلى عدم قدرة المحكمة المقدسة على إقامة رقابة فعلية على تداول الكتب المحظورة، وندرة محاكمة الأشخاص الذين وجدت في حيازتهم تلك المؤلفات.

ويركز الفصل الأخير على القرن السادس عشر، حيث اشتدت الرقابة عبر قنوات تشريعية صارمة، إذ بلغ التعاون مداه بين محكمة التفتيش وجامعتي سالامانكا وألكالا (اسبانيا)، اللتين كانتا تتوليان مهمة تحديد الهرطقة، وفي الأعوام الأخيرة من القرن السادس عشر، كانت الممارسات الرقابية قد تجاوزت كل حد، حيث خضعت للرقابة مؤلفات باللهجة الشعبية وأعمال دينية شعبية وكتابات أكاديمية وعلمية.

لكن في أعقاب ذلك- ووفقًا للمؤلف- تواصل سعي الدولة إلى فرض سلطتها على المطبوعات، ومع ذلك ما انهارت الرقابة كليا وإنما تراخت شدتها مما كان يعني- بشكل جوهري، وفي كل الدول تقريبًا- انفراجًا واضحًا في الحيز الرقابي رافقه انتشار للسوق السوداء للكتاب، فتراجعت القوة القمعية للمحكمة المقدّسة وخصوصًا بعد قلق الكنيسة في الماضي بسبب قيام نظام تجاري امتد إلى أطراف أوروبا كلها، من ظروف التلاقح الفكري، عمد إلى زيادة كميات وعمليات الإصدار المطبعي، وتحولت بعض مدن أوروبا إلى مراكز للنشر، يقصدها الناشرون والمؤلفون والقراء، ولذلك سعت الكنيسة من قبل إلى إقرار مبادئ عامة لرقابة استباقية يخضع لها الإنتاج الأوروبي المطبوع كله.

ويؤكد الكتاب أنه - رغم التطورات الحاصلة بشأن تراجع الرقابة في أوروبا- لم تقرر حرية النشر رسميا إلا مع صدور "إعلان حقوق الإنسان والمواطن" في باريس في ٢٦ أغسطس ١٧٨٩م، الذي تضمّن أن "تبادل الفكر الحر والآراء، من حقوق الإنسان الأكثر تقديرًا، ويحق لكل مواطن أن يتحدث ويكتب وينشر بحرية كاملة، فيما عدا ما يعد تجاوزًا، وفقًا للحالات التي نصت عليها القوانين".

يُذكر أن الكتاب من تأليف ماريو إنفليزي، وهو أستاذ جامعي وباحث إيطالي يدرس في جامعتي ميلانو وفينيسيا، ويتولى في الوقت الحالي منصب كرسي تاريخ الطباعة والنشر، أما المُترجمة وفاء عبدالرؤوف البيه فهي أستاذة الأدب الإيطالي الحديث في كلية الآداب بجامعة حلوا













.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة