الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٣٩ - الأحد ٢٢ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ٣ رمضان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

يوميات سياسية

لأن الأقنعةالأمريكية سقطت





هذا استطلاع مهم للرأي أجري في عدة دول عربية وإسلامية يستحق ان نتوقف عنده.

الاستطلاع أجراه مشروع بيو الأمريكي للاتجاهات العالمية لآراء وتوجهات المواطنين في ست دول عربية وإسلامية فيما يتعلق بالديمقراطية والقضايا المرتبطة بها. الدول الست هي، مصر والاردن ولبنان وباكستان وتونس وتركيا.

الاستطلاع شمل جوانب كثيرة ومتشعبة، لكن الجانب الذي يهمنا التوقف عنده هو المتعلق بمواقف وآراء المواطنين في هذه الدول من أمريكا ودعاواها المتعلقة بالديمقراطية.

نتائج الاستطلاع أظهرت التالي:

١ – ان الاغلبية الساحقة ترى ان أمريكا تعتبر معارضة للديمقراطية. بمعنى ان أمريكا في رأي المواطنين في هذه الدول غير صادقة على الإطلاق حين تتحدث عن حرصها على تشجيع الديمقراطية وما شابه ذلك من شعارات.

٢ – الأغلبية الساحقة ترى ان أمريكا تشكل عقبة أمام التطلعات الديمقراطية لشعوب هذه الدول على الرغم من إعلاناتها التي تكررها طوال الأشهر الماضية, أنها تؤيد الحكم الديمقراطي في الدول العربية في ظل «الربيع العربي».

هذه النتيجة التي أظهرها الاستطلاع مهمة. هي تعني ببساطة أن كل الخطاب الأمريكي عن الحرص على الديمقراطية وعلى تشجيعها في الدول العربية وعن المجتمع المدني ودعمه، هو بالنسبة إلى المواطن العربي خطاب ليست له أي مصداقية على الإطلاق.

بعبارة أخرى، هذه النتيجة تعني أن المواطن العربي هو على درجة كبيرة من الوعي بحيث إنه لا ينخدع بهذا الخطاب وهذه الشعارات الأمريكية عن الديمقراطية وحقوق الإنسان. بالعكس، المواطن العربي يعرف حقيقة النوايا والأهداف الأمريكية في دولنا العربية، ويعرف أبعاد الخطر الذي يمثله الدور الذي تلعبه أمريكا باسم الديمقراطية.

الحقيقة ان هذه النتيجة التي أظهرها الاستطلاع، وهذا الوعي الذي أظهره المواطن العربي بحقيقة أمريكا ودعاواها، ليسا أمرا غريبا أو مفاجئا.

يمكن القول ان هذه النتيجة التي توصل إليها المواطن العربي هي محصلة عوامل ثلاثة كبرى بصفة أساسية.

أولا: هي محصلة تاريخ طويل مع أمريكا، ومحصلة خبرة تاريخية طويلة مع أمريكا وسياساتها وما فعلته بالعالم العربي والإسلامي عبر عقود باسم الديمقراطية.

المواطن العربي يعرف بالتفصيل بالطبع الجرائم التي ارتكبتها أمريكا في العراق وفي أفغانستان ودول إسلامية أخرى باسم الديمقراطية.

المواطن العربي لم ينس مثلا حديث مجرم الحرب الأمريكي بوش المتكرر عن نشر الديمقراطية في الدول العربية، وكيف ترجم هذا في غزو واحتلال العراق، وفي جرائم الحرب والإبادة التي ارتكبتها أمريكا في العراق طوال سنوات الاحتلال.

والمواطن العربي يعرف أي «ديمقراطية» نشرتها أمريكا في العراق.. يعرف انها نصّبت نظاما طائفيا عنصريا تابعا للخارج باسم الديمقراطية.

ثانيا: ان مؤامرات أمريكا ضد دولنا ومجتمعاتنا العربية، وخصوصا عبر منظماتها المشبوهة التي تعمل في مجالات الديمقراطية والمجتمع المدني، أصبحت مكشوفة ومعروفة للجميع، ولم تعد سرا.

في مصر مثلا، كشفت التحقيقات في قضية المنظمات الأمريكية، التي مازالت منظورة أمام القضاء، انه تحت غطاء الديمقراطية، قامت هذه المنظمات بأدوار تخريبية وتجسسية وتهدد الأمن القومي للبلاد.

ثالثا: ان أمريكا بعد التحولات التي شهدتها عدة دول عربية في ظل «الربيع العربي» أسفرت عن وجهها الحقيقي.

نعني بذلك انها انحازت الى قوى سياسية دينية وطائفية ودعمتها، وهي قوى لا علاقة لها في واقع الأمر بالديمقراطية.

أي ان أمريكا تدعم اليوم قوى عربية ان قدر لها ان تتحكم في مصائر دولنا، فسوف تقتل الديمقراطية، وسوف تفجر فتنا وصراعات دينية وطائفية في بلادنا.

إذن، على ضوء هذه العوامل، وغيرها، أصبح المواطن العربي على وعي كامل بحقيقة النوايا والأهداف الأمريكية في دولنا، وأصبح يدرك ليس فقط كذب الخطاب الأمريكي حول الديمقراطية، وإنما ان أمريكا هي خطر داهم يهدد الديمقراطية والاستقرار في دولنا.

غير ان إفصاح المواطن العربي عن وعيه وموقفه في مثل هذا الاستطلاع مثلا، أو في مظاهرات الاحتجاج التي اندلعت في مصر أثناء زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية الأخيرة.. كل هذا لا يعني ان المؤامرات الأمريكية سوف تتراجع أو أن خطرها سوف ينحسر.

أمريكا ببساطة لا يعنيها رأي الشعوب العربية في شيء. وهي لن ترتدع إلا إذا تم ردعها عمليا من الحكومات والشعوب العربية.

















.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة