الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٣٥ - الأربعاء ١٨ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ٢٨ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

يوميات سياسية


كلينتون والفتنة
الأمريكية في مصر





قلت في مقال امس ان وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون في زيارتها الاخيرة لمصر لم تتدخل فقط وبشكل سافر في شئون مصرية داخلية, وانما حرضت مباشرة على الفتنة وعلى الصراع الداخلي المفتوح.

هي بانحيازها الواضح للرئاسة والاخوان المسلمين في مواجهة الصراع المفترض مع المؤسسة العسكرية وبدعوتها الجيش الى ان يبتعد عن الحياة السياسية تماما, حرضت بشكل مباشر على الصراع بين الرئاسة والجيش, وحرضت الاخوان واتباعهم على المؤسسة العسكرية.

وهي بهذا الموقف, وبتصريحاتها ومواقفها الاخرى التي اعلنتها, تحرض مباشرة على تحدي القانون والضوابط والقواعد الدستورية التي تحكم المرحلة الحالية في مصر، وعلى الخروج عليها. وينبغي ان نتذكر هنا ان الدور السياسي للمؤسسة العسكرية في المرحلة الحالية يحكمه اعلان دستوري جرت على اساسه انتخابات الرئاسة.

وغير هذا, حرصت كلينتون اثناء زيارتها على ان تلتقي بمجموعة من الشخصيات القبطية بالذات. واغلب الذين تمت دعوتهم الى الاجتماع قاطعوه احتجاجا على التدخل الامريكي في الشئون المصرية وعلى الدعم الامريكي للإخوان المسلمين.

المهم ان حرص كلينتون على الاجتماع بمجموعة من الاقباط بالذات لا يمكن تفسيره الا انه ايضا اثارة للفتنة. بحسب الناشطين الاقباط انفسهم الذين رفضوا حضور الاجتماع, فان كلينتون تريد اثارة الانقسام والفتنة بين ابناء المجتمع.

إذن, كما قلنا فان ما قالته وما فعلته كيلنتون في زيارتها لمصر انطوى على تدخل سافر وعلى اثارة للفتنة وتحريض على الصراع بين القوى المختلفة في المجتمع.

والحقيقة ان هذا الدور الامريكي ليس امرا جديدا ولا مفاجئا.

المصريون جميعا اصبحوا على علم الآن بالدور التخريبي التآمري المشبوه الذي لعبته المنظمات الامريكية التي تمولها الادارة الامريكي, في مصر في الفترة الماضية. وقضية هذه المنظمات منظورة امام القضاء المصري.

أيضا, المصريون على وعي كامل بالدور الذي لعبته الادارة الامريكية في دعم الاخوان المسلمين منذ ما قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية, وعلى وعي بالاجندة الامريكية المشبوهة وراء هذا الدعم.

وبشكل عام, الاجندة الامريكية في مصر وفي المنطقة العربية كلها باتت معروفة بابعادها واهدافها, والتي جوهرها اثارة الفتنة وتمزيق المجتمعات والدول.

إذن, ليس جديدا ولا مفاجئا هذا الدور المشبوه الذي لعبته كلينتون اثناء زيارتها لمصر.

لكن ثمة مفارقة هنا تستحق ان نتوقف عندها.

كان من المفترض انه في ظل العهد الجديد في مصر ان يواجه هذا التدخل الأمريكي في الشئون الداخلية بحزم شديد, وان يتم رفض هذا التدخل بشكل قاطع.

لكن المفارقة هنا, انه كما اتضح على الاقل مما قالته وفعلته كلينتون اثناء زيارتها على نحو ما اوضحنا, ان التدخل الامريكي في الشئون الداخلية اصبح اكثر سفورا واكثر بجاحة.

كان من المفترض ان ترفض الرئاسة المصرية بالذات في عهد الرئيس الجديد الذي اتى بعد الثورة والتي من المفترض ان في مقدمة اهدافها الحفاظ على استقلالية القرار المصري والكرامة الوطنية, ان ترفض رفضا قاطعا أي تدخل من كلينتون في أي شان مصري رفضا مطلقا من حيث المبدأ.

كان من المفترض حين حاولت كلينتون اثارة الفتنة, وحين تحدثت عن الجيش ودوره وعن قضايا داخلية اخرى افتت فيها, ان تعلن الرئاسة فورا ان هذا التدخل مرفوض, وان هذه قضايا وشئون داخلية مصرية يقررها المصريون انفسهم ولا دخل لأمريكا بها.

لكن هذا لم يحدث.

لقد سبق وكتبت تحت عنوان «لماذا تتدخل امريكا في شئون دولنا العربية» ان دولنا هي المسئولة عن هذا التدخل الأمريكي. قادة دولنا ومسئولينا بصمتهم عن هذا التدخل وبعدم اتخاذهم مواقف حازمة في مواجهته هم المسئولون.

وهذا هو ما حدث في مصر بالضبط.

ما حدث ان المسئولين, ومؤسسة الرئاسة بالذات لم تتخذ موقفا ولم تحرك ساكنا على الاطلاق في مواجهة هذا التدخل السافر في شئون مصر, وفي مواجهة الفتنة التي حاولت كلينتون اثارتها.

ليس هذا فحسب, بل شهدنا ما بدا انه تشجيع من مؤسسة الرئاسة على هذا التدخل الأمريكي السافر. هذا جانب يستحق ان نتوقف عنده لأنه في الحقيقة يمثل واحدا من اخطر التطورات في مصر الآن.

للحديث بقية بإذن الله.



.

نسخة للطباعة

.. لا سامحكم الله!!

هذه الحادثة البشعة, وهذه الجريمة الشنعاء التي زلزلت الأرض من تحتها, وهزت معها مشاعر المواطنين, ولوثت أجواء ... [المزيد]

الأعداد السابقة