الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٤٦ - الأحد ٢٩ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ١٠ رمضان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

عالم يتغير

شخصنة النقد







×حين يطرح أي كان، أو نطرح نحن أفكارا، فانه من المنطقي أن يأتي الرد بمناقشة الأفكار ذاتها، لا مماحكة الكاتب ورؤيته من خلال المرآة المقعرة أو المحدبة، التي يرى أصحابها الناس من خلالها، فيسقطون على الآخرين ما بدواخلهم، من رؤى وتشويهات بل أحيانا من أكاذيب وتلفيقات وأحكام مسبقة لو عرضوها على أرض الحقيقة لتبخرت كسحابة صيف.

×حين كتبنا عن التقرير السياسي وعن رؤيتنا للدور التخريبي لبعض الجمعيات، وحين دعونا إلى أن يجتمع شرفاء السنة وشرفاء الشيعة لمحاصرة من يعمل على ذلك التخريب من جمعيات سياسية وقيادات موبوءة بأحلام الاستحواذ على السلطة، فان ذلك كان دأبنا منذ أن بدأت الأزمة تعصف بسببهم بهذه البلاد الآمنة، ففي نظرنا كل شيء يحتمل الرأي أو أن يكون مجرد وجهة نظر، الا بعض الأشياء الأساسية والجوهرية في حياة الشعوب.

فخيانة الوطن ليست رأيا أو وجهة نظر، وتخريبه واشاعة الارهاب فيه، والفتنة بين الأطياف والمكونات ليست رأيا أو وجهة نظر، وتخريب البلاد ومصالح العباد ليست رأيا أو وجهة نظر، والقفز على القانون وعلى حريات الآخرين هو أيضا ليس حرية تعبير أو وجهة نظر، انما كل ذلك يدخل فيما يعيب أصحابه والقائمين عليه ويضعهم في خانة النبذ الوطني، ولذلك فان من يضع يديه أيضا في أيدي هؤلاء انما يعمل على تبييض سجل أو صفحة سوداء لهم، ملأتها المواقف الخيانية والعبث بالوطن والولاء للمرجعيات الخارجية، والاستقواء بالخارج.

×سنبقى بكل ما لدينا من معايشة لأرض الواقع نجهر بالرأي وبالموقف ضد كل من يعبث بهذا الوطن وشعبه، من أي طيف كان أو أي طائفة كانت، فالصلح والتسامح مع من خرب ولايزال يخرب في بلادنا، ومع من أرهب ولايزال يتباهى بإرهابه، هما ضرب في الهواء. المطلوب اليوم وهذه الفئة التي قادت ولا تزال تقود الأزمة والتأزيم، أن تتم (محاصرتها) كرؤوس فتنة، وأن يتم نبذها من كل العناصر الشريفة في كل المكونات، وألا يرمى لها بقارب انقاذ من أي جهة كانت، لتواصل ما بدأته.

×الموقف في هذا قائم على القراءة والتحليل والمعايشة، وليس لدينا شيء ضد الأشخاص كأشخاص، ولذلك فان المنتظر أن يأتي الرد على ذات الأساس، والا خرج عن سياقه الموضوعي ليسقط في (مستنقع شخصنة النقد) والاتهامات الجزافية وعدم قراءة الأفكار بما تستحقه من تحليل ومناقشة.

لم نتناول قط في أي مقال أو كتابة الا الأوضاع، ومسببات الأزمة، وهو ما يستدعي اتخاذ الموقف لا المشاحنات المجانية أو التشويه المتعمد أو الرد بالاستعراضات المبتسرة والمغلوطة عمن يطرح رأيه فيما يحدث في البحرين.

×الوضع اليوم سواء الداخلي أو الاقليمي أو الدولي وحجم التشابكات والتداخلات، بل حجم المؤامرات، لا يحتمل أي نوع من المجاملات أو السكوت أو خلط الأوراق، لأن نتيجة ذلك ضياع وطن والتلاعب بمصير شعب، وتكرار سيناريوهات الأوطان التي أسهم في خرابها بعض أبنائها، تحت وطأة شعارات أقل ما يقال فيها انها (حق يراد به باطل).

والدور الذي لعبته ولاتزال تلعبه قيادات الحراك الانقلابي الطائفي، هو دور مدان، ومدان معه وفيه كل من يضع يده في أيديهم، فهؤلاء ليسوا الطائفة الشيعية، وليسوا الشعب البحريني، وليسوا المعارضة الوطنية الصحيحة، وهم من صنعوا الأزمة الوطنية، بل صنعوا أزمتهم الخاصة التي رفضوا في دهاليزها كل الحلول السياسية التي تم طرحها منذ الأزمة وما بعد السلامة الوطنية، وفضلوا اللجوء إلى العنف والتخريب والارهاب، فاستدعوا معها المعالجات الأمنية، ثم أخذوا يتباكون أن الحل الأمني ليس هو العلاج.

ألف مرة قال كل شرفاء هذا الوطن: (أوقفوا عنفكم وارهابكم لن تجدوا رجل أمن واحدا يواجهكم)، الحل بيدكم، عودوا إلى الوطن، إلى الارادة الشعبية الجامعة، وإلى المصالح الوطنية العليا، واطرحوا رؤيتكم ان كانت سياسية اصلاحية في اطار المؤسسات الديمقراطية والدستورية، ولن يكون هناك أزمة، واذا كانت وثائق (الويكيليكس) تكشف جانبا من خباياكم، فما يراه المواطن يكشف ما هو أكثر من خلال معايشته لممارساتكم على أرض الواقع.

اطرحوا الأفكار وناقشوها وناقشوا الرؤى، أما السباب والتشويه والقراءات التي تشخصن النقد فدليل افلاس اضافي لا نملك امامه إلا الضحك على من كتبه ونكتفي بهذا وكل عام والوطن بخير.











.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة