الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٣٥ - الأربعاء ١٨ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ٢٨ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

عالم يتغير


أمريكا: ماذا تريد من البحرين؟





} حين يسود الغموض أداء الدولة تجاه قضايا تمس الأمن القومي فإن المساحة تكون مفتوحة للشائعات والأقاويل فالناس لا تعرف على سبيل المثال حقيقة قصة الـ(١١ مليون دولار) التي تحولت التصريحات المقتضبة حولها إلى نكتة الموسم، وإلى جذب تعليقات وكتابات وردود فعل شعبية تنضح بالسخرية فلا يعقل بأي شكل أن تكون رواتب للجنود الأمريكيين سيولة نقدية )YENOM HSAC( وفي شنطة وكأن أمريكا أرض المصارف والبطاقات والبنوك ومثلها البحرين قد دخلتا فجأة القرون الوسطى المظلمة. إذًا ما هي الحكاية؟ ولماذا التعتيم عليها؟ وما مدى صحة ارتباطها بإحدى أو بعض الجمعيات التي تسمي نفسها المعارضة في البحرين؟ وهل دعم تلك الجمعيات أو الجمعية يتم بهذه الطريقة أصلا؟ ولماذا تم إلباس المسألة لباس الغموض بتأكيد الرواية مرة ونفي استنتاجاتها مرة أخرى؟ ولماذا التعليق المقتضب من السفارة الأمريكية؟ وكثير من الأسئلة الأخرى التي استحوذت على اهتمام الشارع البحريني خلال الأيام الماضية والنتيجة غموض والتباس ونكتة.

} التمويل الأمريكي للجمعيات ولكل من يعمل (على التغيير وإسقاط الأنظمة) باسم دعم الديمقراطية بات من الأمور العلنية التي يقوم بها العديد من المنظمات التابعة لمؤسسات الإدارة الأمريكية.. ولكن السؤال: لماذا لا تتخذ البحرين وهي بين الدول التي تستهدفها أمريكا بتمويل بعض الجمعيات السياسية فيها وبعض مؤسساتها المدنية والمراكز الحقوقية إجراءات صارمة حتى إن احتاج الأمر إلى المزيد من التشريع لمواجهة أي جمعية أو مؤسسة مدنية ترتبط في أداء دورها بالتمويل الخارجي، أمريكي أو غيره؟ هل بالفعل الدولة عاجزة عن ضبط المستمسكات والأدلة على ذلك الارتباط أو التمويل؟ أليس الأمر هنا قضية تمس الأمن القومي؟

هل تقبل أمريكا أن يمول أي بلد أجنبي أو خارجي مؤسساتها أو معارضتها لتعمل على قلب نظام حكمها؟

} ثم لماذا تتم تبرئة السفير الأمريكي على لسان وزارة الخارجية البحرينية من قيامه بعمل استخباراتي وتأزيمي في البحرين؟ وهل الشمس تحتاج إلى دليل من أحد ليثبت أنها شمس؟

بالأصل عمل كل سفير لأي دولة تتطلع إلى الهيمنة على العالم كالولايات المتحدة داخل في الإطار الاستخباراتي شاء أم أبى ولا يحتاج ذلك إلى دليل وليعذرنا وزير الخارجية، وبالأصل أيضا كل تحركات السفير الأمريكي وما كشفته وثائق الويكيليكس حول علاقة السفارة بالوفاق يدور في إطار التدخل السافر في الشئون البحرينية، وكل المواطنين المراقبين يعرفون جيدا أنه (دور تأزيمي) جراء ما أفرزته تحركاته المكوكية في المجتمع البحريني من نتائج، تصب من دون جدل في التأزيم ومحاباة الفئة الانقلابية، فلماذا الدفاع عنه اليوم من جهة رسمية وخاصة بعد النكتة المروية حول قصة الـ(١١ مليون دولار)؟

} إن الموقف القانوني المتذبذب تجاه الجمعيات السياسية وعلى رأسها الوفاق التي كانت ولاتزال جزءا أصيلا من الحراك الانقلابي وتداعياته حتى اليوم إلى جانب الموقف القانوني من المخربين ورؤوس الفتنة وقضية الـ(٢١) التي تمر بتأجيلات لا مبرر لها، إلى جانب أيضا تخفيف ما صدر من بعض الأحكام تدل بدورها على الغموض وعلى التردد وعلى ما يأخذه كثيرون بأنه موقف غير حاسم وواضح من الخلايا الإرهابية، ومن جمعيات التأزيم، وسواء كان بسبب الضغوط الأمريكية أو بسبب التردد الذاتي من الجهات الداخلية المعنية فإنه يترك الساحة مفتوحة للتذمر في أوساط المكونات الأخرى وللأقاويل وللمس بهيبة الدولة في قضية ذات علاقة صميمية بالأمن القومي.

} إن الوفاق التي يتأرجح دورها بين الجريمة السياسية والجريمة الجنائية في حق الوطن والشعب والديمقراطية التعددية لأنها تدعم الأداء السياسي الانقلابي وعبر العنف والإرهاب وتدافع عنهما باعتبارهما حرية تعبير جائزة، هذه الوفاق هي التي تدعمها الولايات المتحدة بدءا من رئيسها الذي أفرد لها ذكرا في خطابه الاستثنائي أيام حمية الأزمة وانتهاء بالمنظمات الأمريكية العابرة القارات بالدعم والتمويل والتدريب.

بل إن الولايات المتحدة وهي للأسف تدعي دعم الديمقراطية فإذا بها تهدد تعدديتها في البحرين بدعم فئة واحدة من الشعب بثيوقراطية وتدعم من خلف الستار العنف والتخريب عبر دعم من يتبناهما وتضغط على الدولة لتجميد القانون تجاه المخربين والإرهابيين، هي تفعل ذلك بعد أن صنفتهم اعتباطا بالسياسيين وأصحاب رأي وليس باعتبارهم جناة ومجرمين، كما هي تتعامل أصلا مع أمثالهم في أمريكا نفسها.

} ماذا تريد أمريكا من البحرين سواء عبر ممارساتها المكشوفة أو عبر ضغوطها المستترة أو عبر دعمها للفئة الانقلابية؟

الكل اليوم في البحرين يعرف ماذا تريد أمريكا والكل يعرف أجندتها ومشروعها الشرق أوسطي لتغيير الأنظمة إلا الإدارة الأمريكية نفسها تحاول أن تتغابى وتستغبي الجميع بشكل مكشوف، وتعلن بين الفينة والأخرى أنها حليف النظام في البحرين قولا أما بالفعل والعمل فهي تدعم اليوم الفئة الانقلابية بل تريد أن تجر بقية المكونات التي هي مع شرعية النظام للدخول في إطار التمرد الانقلابي لتكمل صورة أن الشعب كله ضد النظام الشرعي، وفي الطريق إلى ذلك هي تدعم وجهي الجريمة (السياسي والجنائي) من جانب الفئة المتطرفة والراديكالية، وتحاول فرض الوفاق وأتباعها باعتبارهم معارضة وطنية صحيحة بل إصلاحية ومدنية.. الخ.

فمتى تكف الإدارة الأمريكية عن التصرف كأنها لا تعلم بما تفعله ويراه كل الناس؟ وإلى متى غموض الدولة في القضايا التي تمس الأمن القومي للبحرين؟



.

نسخة للطباعة

.. لا سامحكم الله!!

هذه الحادثة البشعة, وهذه الجريمة الشنعاء التي زلزلت الأرض من تحتها, وهزت معها مشاعر المواطنين, ولوثت أجواء ... [المزيد]

الأعداد السابقة