الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٥٢ - الثلاثاء ١٧ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٢٣ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


لو كانوا صادقين





لو كان البرنامج النووي الإيراني سلميا بالفعل ولا تهدف إيران من ورائه إلى أي أهداف عسكرية فهل من المنطقي أن تحارب العالم بأسره لتنفيذه ضاربة بعرض الحائط مصالح شعبها داخل البلاد وخارجها؟! هل من المعقول أنه لمجرد إنشاء مفاعلات نووية سلمية مخصصة لأغراض البحث العلمي ولتوليد الطاقة الكهربائية تجرّ إيران العالم عن بكرة أبيه إلى حرب إقليمية مدمرة قد تمتد لتصبح حربا عالمية ثالثة تقضي على الحياة على كوكب الأرض؟! لو كانت إيران مثل ألمانيا أو فرنسا أو سويسرا مثلا دولة غنية ولا تنتج النفط فتضطر إلى استيراده بأثمان باهظة لتوليد الطاقة الكهربائية لكان مقبولا أن تحارب من أجل إنشاء مفاعلات نووية لإنتاج تلك الطاقة تغنيها عن إنفاق مئات الملايين من الدولارات سنويا على استيراد النفط لإنتاجها، لكن أن تفعل إيران أو أي دولة خليجية ذلك وهي تملك احتياطيا هائلا من النفط والغاز وتنتجهما محليا بأسعار زهيدة فإن التفسير المنطقي الوحيد لتلك الاستماتة في سبيل إنشاء تلك المفاعلات أنها تسعى إلى إنتاج سلاح نووي تهدد به أمن العالم كله.

لو كان الهدف من إنشاء المفاعلات النووية الإيرانية سلميا بالفعل لما وجهت إيران يوم أمس الأول تحذيرا على لسان ممثلها لدى منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) إلى دول الخليج العربية من تعويض النقص الذي سينتج في المعروض النفطي في السوق العالمية في حال تعرضها لعقوبات غربية جديدة بسبب برنامجها النووي المثير للجدل، ولما قال (بالفم المليان) وبتبجح وكأنه يمثل دولة عظمى في العالم: ((في حال أعطت الدول النفطية في الخليج الضوء الأخضر للتعويض عن النفط الإيراني وتعاونت مع الدول المغامرة فستكون مسئولة عن حوادث ستحصل، وبادرتها لن تكون ودية. إذا استخدمت الدول المجاورة الجنوبية قدراتها الإنتاجية للتعويض عن نفطنا وتعاونت مع الدول المغامرة ستتحمل مسئولية الحوادث التي ستقع)) ولما صوّر الأمر كأن امتناع دول الخليج العربية عن تعويض ذلك النقص سيمنع بدوره الدول المستوردة للنفط الإيراني من فرض عقوبات اقتصادية عليها وسيضطر تلك الدول للقبول بحصول إيران على سلاح نووي تستخدمه لتهديد أمن العالم بأسره.

كنا سنقف جميعا مع حق إيران في امتلاك سلاح نووي لو كانت دولة تحترم سيادة دول الجوار ولا تتدخل في شئونها الداخلية وتتعامل مع مختلف دول العالم باحترام ولا تترك شعبها يتضور جوعا وتفتك به البطالة والفقر لتسخــّــر كل ثرواتها وعائداتها وناتجها القومي لأغراض التسلح الفائق القوة لدعم تصدير ثورتها المتطرفة إلى دول الجوار، وهو الهدف الواضح والمعلن لها منذ نجاح الملالي في إسقاط نظام الشاه في أواخر سبعينيات القرن الميلادي الماضي مستغلين الدين للاستيلاء على السلطة في ذلك البلد موجهين كل طاقات البلاد وإمكاناتها لتصدير ثورتهم إلى دول المنطقة وزعزعة أمنها واستقرارها باستخدام عملائهم في تلك الدول الذين عملوا طوال أكثر من ثلاثة عقود بدأب على إجراء عمليات غسيل مخ لأتباعهم لزرع مبدأ ولاية الفقيه في رؤوسهم بهدف تسخيرهم لتحقيق هدف استعماري تطهيري لا يخفيه ملالي طهران ولا ينكرونه حتى وهم يستخدمون (التقية) في تصريحاتهم الإعلامية وخطبهم الدينية. من المؤسف أن كثيرا من أتباع المذهب الشيعي في دول الخليج العربية تم التغرير بهم على أيدي أولئك الملالي وعملائهم حين صوّروا لهم أن الانقلاب على إخوانهم أهل السنة يحقق هدفا دينيا ساميا هو الثأر لمقتل الإمام الحسين رضي الله عنه والانتقام من قاتليه الذين ذابت عظامهم في قبورهم منذ أكثر من ألف عام، بينما الهدف الحقيقي هو احتلال المنطقة برمتها لاستعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية البائدة.





salah_fouad@hotmail.com



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة