الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٥٦ - السبت ٢١ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٢٧ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين

من خلال المذكرة التفسيرية

«أخبار الخليج» تقدم أضواء شارحة للتعديلات الجديدة على الدستور (٢ / ٢)





.. كما وعدت «أخبار الخليج» بالأمس بأنها ستواصل نشر تفاصيل المذكرة التفسيرية، للتعديلات الجديدة على الدستور باعتبارها المرجع الأساسي لتفسير جميع المواد المعدلة.. وباعتبارها أيضا تأخذ حكم النص الدستوري والقانوني.. والالتزام بنشرها مع النصوص المعدلة في الجريدة الرسمية.. فإننا نواصل اليوم نشر تفاصيل الجزء الثاني من المذكرة الإيضاحية حيث - كما أشرنا من قبل - إنه يصعب كثيرا فهم النصوص بغيرها.

ورأينا كيف أن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى قد حرص عند إحالة مشروع التعديلات الجديدة على الدستور إلى مجلس النواب على أن يحيل المذكرة التفسيرية في الوقت ذاته إلى المجلس.. بل جاء نص المرسوم الملكي الصادر بالإحالة مشيرا في صلبه وعلى وجه صريح إلى هذه المذكرة التفسيرية.. كما وصل الأمر في كثير من دول العالم إلى الحرص على المذكرات التفسيرية للقوانين أكثر من حرصهم على القوانين أو الدساتير ذاتها.

الجزء الثاني الذي نتولى نشره اليوم زاخر بالتفسيرات الرصينة والشارحة لكثير من المواد المعدلة من الدستور، وبشكل سهل ومشوق للراغبين في الفهم والاستيعاب في الوقت ذاته.

فمثلا عندما تشير المذكرة التفسيرية إلى المادة ٥٢ من الدستور فإنها تؤكد أن النص الحالي يتطلب عند اختيار عضو مجلس الشورى أن يكون من ذوي الخبرة ومن ذوي الخدمات الجليلة.. ولكن التعديل الجديد ينص على وضع قواعد عامة وجديدة تنظم عملية الاختيار لعضوية مجلس الشورى.. كما شرحت المذكرة التعديلات الجديدة على المادة ٦٥ من الدستور وكشفت عن أن استجواب الوزراء قد يؤدي إلى طرح الثقة به على مجلس النواب كوسيلة من وسائل الرقابة على السلطة التنفيذية، ومشاركة مجلس النواب مجتمعا في ثقافة الاستجواب ? إذا وافق أغلبية أعضائه على ذلك - بل وضعت ضمانة للوزير المستجوب تقضي باستبعاد مقدمي طلب الاستجواب من تشكيل اللجنة المستجوبة حتى لا يكون الخصم حكما.

وشرحت المذكرة تفسيرات مهمة للمادة ٦٧ التي تعطي مجلس النواب دورا أكبر في تقرير عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، فبعد أن كان يشترط لطلب ذلك ثلثي الأعضاء أصبح الآن يكفي ٢٠ عضوا، والاكتفاء بتصويت مجلس النواب وحده على ذلك بموافقة ثلثي النواب.. أي أنه لا تشترط موافقة مجلس الشورى، ومن دون حاجة أيضا إلى انعقاد المجلس الوطني.

وبعد أن كانت مسألة الاقتراحات برغبة عائمة ألزمت التعديلات الحكومة بضرورة الرد عليها خلال فترة أقصاها ٦ أشهر وفي حالة عدم الرد تستخدم الآليات الرقابية الأخرى، وإعطاء الحق إلى مجلس النواب في طرح المواضيع العامة للمناقشة، وقصر توجيه الأسئلة إلى الوزراء على مجلس النواب.

وشرحت المذكرة الضمانات الجديدة لأخذ الحكومة مقترحات القوانين بجدية وحددت لصياغتها وإعادتها مدة محددة، ومن أبرز التعديلات هو ما يتعلق بنظر الميزانية العامة للدولة من حيث ضمان عدم خلو الساحة من الميزانية لعدم تعطيل المشاريع الحكومية أو إعاقة الخدمات أمام المواطنين، وشرحت المذكرة التفسيرية بالتفصيل مسألة الجنسية والأسباب وراء اشتراط مضي ٥ سنوات على الترشح لمجلس النواب أو التعيين بمجلس الشورى.. والنص على استبعاد أصحاب الجنسية المزدوجة مع استثناء أبناء دول مجلس التعاون من شرط عدم الازدواجية هذا.. لماذا؟.. ولماذا أيضا اشتراط حصول المترشح «للنواب» على موافقة ٥٠ مواطنا من دائرته على التقدم للترشح، الخ.. وشرحت أيضا كيف رسمت التعديلات التصرفات الجديدة في حالة خلو مقعد أو مقاعد من مجلس النواب.. حيث تضمن هذه التصرفات استمرارية انسياب مجلس النواب في عطائه بعيدا عن متاعب الانتخابات.

وقدمت المذكرة التفسيرية شرحا وافيا لجملة الأولويات والاختصاصات الجديدة التي منحتها التعديلات الجديدة للدستور لرئيس مجلس النواب توخيا لإعطاء المجلس بأكمله الدور الكبير والمتفرد في الرقابة على السلطة التنفيذية.

وفيما يلي نقدم نص الجزء الثاني من المذكرة التفسيرية الشارحة للتعديلات الجديدة على الدستور البحريني، والتي سيبدأ مجلس النواب أولى خطوات نظرها وإقرارها في جلسة خاصة ظهر غد برئاسة السيد خليفة بن أحمد الظهراني رئيس المجلس.

المادة (٥٢):

تطلب الميثاق أن يكون عدد أعضاء مجلس الشورى مساويا لعدد أعضاء مجلس النواب، وجعل اختيار مجلس النواب بالانتخاب واختيار مجلس الشورى بالتعيين، وجعلت المادة (٥٢) تعيين أعضاء مجلس الشورى بأمر ملكي، واكتفى قانون مجلسي الشورى والنواب باشتراط أن يكونوا ممن تتوافر فيهم الخبرة أو ممن أدوا خدمات جليلة إلى الوطن من بين فئات معينة حددها، مما يعطي للملك الحرية الكاملة في اختيار الأصلح ممن يندرج تحت هذه الفئات من دون أي قيود على هذا الاختيار.

ورغبة في تحقيق الشفافية الكاملة عند اختيار أعضاء مجلس الشورى وضمان التمثيل الواسع لأطياف المجتمع في هذا المجلس، عدلت المادة (٥٢) لتنص على ضرورة وضع قواعد عامة تنظم إجراءات وضوابط هذا الاختيار وتحدد الطريقة التي سيتم اللجوء إليها، لتكون أمام الملك قبل أن يصدر أمره بتعيين أعضاء المجلس. وتعتبر هذه القواعد المنظمة التي ستصدر بأمر ملكي ملزمة وواجبة التطبيق عند اختيار أعضاء مجلس الشورى، وهي قابلة للتعديل والتغيير بذات الأداة التي صدرت بها وهي الأمر الملكي، ويسري ما يتم بشأنها من تعديلات بأثر فوري على ما يتم من تعيينات بعد صدورها.

المادة (٦٥) فقرة ثالثة جديدة:

نص الدستور في المادة (٦٥) على حق أعضاء مجلس النواب في توجيه استجوابات إلى أي من الوزراء عن الأمور الداخلة في اختصاصه، ووضعت هذه المادة شروطا لقبول الاستجواب ومواعيد لمناقشته، وأجازت أن يؤدي الاستجواب إلى طرح موضوع الثقة بالوزير على مجلس النواب. ولقد خلا هذا النص من تحديد الطريقة التي تتم بها مناقشة الاستجواب تاركا ذلك للائحة الداخلية للمجلس كما هو الشأن في سائر الدساتير التي تقرر الاستجواب وسيلة من وسائل الرقابة على السلطة التنفيذية. وإعمالا لذلك نصت اللائحة الداخلية لمجلس النواب على الطريقة التي تتم بها مناقشة الاستجواب وإجراءات هذه المناقشة.

ورغبة في أن يكون تحديد كيفية مناقشة الاستجواب والطريقة التي يتم اللجوء إليها في هذا الشأن مستمدا شرعيته من نصوص الدستور ذاتها حتى تتمتع بذات المكانة القانونية التي للدستور، فقد تم تعديل المادة (٦٥) بإضافة فقرة ثالثة جديدة إليها تهدف إلى تحقيق مشاركة مجلس النواب مجتمعا عند مناقشة الاستجوابات التي توجه إلى الوزراء، وهو ما يتطلب إعادة ترتيب فقرات المادة بعد إضافة هذه الفقرة الثالثة إليها.

ولقد أضاف التعديل فقرة جديدة للمادة المذكورة تقضي بأنه «وبعد إبداء مكتب المجلس رأيه في توافر الأركان الشكلية للاستجواب، يحيل رئيس المجلس طلب الاستجواب إلى لجنة مشكلة من رؤساء ونواب رؤساء المجلس من غير مقدمي الاستجواب لإبداء رأيها في مدى جدية الاستجواب، ويحال هذا الرأي إلى المجلس للتصويت عليه من دون مناقشة، وتتم مناقشة الاستجواب بالمجلس إذا وافق أغلبية أعضائه على ذلك».

ومقتضى هذه الفقرة أن يقوم مكتب مجلس النواب بعد تقديم الاستجواب إلى رئيس المجلس بدراسة مدى توافر الشروط الشكلية المتطلبة لقبول الاستجواب، فإذا تأكد مكتب المجلس من توافر هذه الشروط أحال الاستجواب إلى لجنة خاصة بتشكيل معين يعطي الفرصة للمشاركة البناءة من جميع لجان المجلس لفحص مدى جدية الاستجواب من الناحية الموضوعية، فإذا انتهت اللجنة إلى توافر الجدية أو عدم توافرها رفعت رأيها إلى المجلس مجتمعا ليصوت عليه من دون مناقشة، فإذا رأى المجلس ضرورة مناقشة الاستجواب وجب أن تتم بموافقة أغلبية أعضائه.

وتتمثل الشروط الشكلية التي يجب أن يقوم مكتب المجلس بالتأكد من توافرها فيما ورد في الفقرتين الأولى والثانية من هذه المادة، وفيما يرد في اللائحة الداخلية للمجلس من تفصيلات لها، وهي شروط إن لم يثبت توافرها قرر مكتب المجلس عدم قبول الاستجواب من دون الحاجة إلى الرجوع إلى المجلس في ذلك. أما بحث مدى جدية الاستجواب فهو مسألة تتصل بموضوع الاستجواب وهو ما يجب على اللجنة الخاصة بحثه للتأكد من مدى صحة الوقائع والأفعال والتصرفات المنسوبة إلى الوزير المستجوب وتضمين ذلك رأيها الذي يرفع إلى المجلس مجتمعا.

ولقد حرص النص على استبعاد مقدمي الاستجواب من تشكيل اللجنة حتى لا يكون الخصم حكما في الوقت ذاته، ولا يعني ذلك انتفاء دور مقدمي الاستجواب أثناء مناقشته لأنه يجب على اللجنة سماع أقوالهم وحججهم قبل تكوين رأيها، فضلا عن أنهم أعضاء في المجلس لهم حق المناقشة والتصويت أثناء بحث المجلس لموضوع الاستجواب.

المادة (٦٧ البنود ب، ج، د):

سيرا مع استهداف تحقيق مزيد من التوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، عدلت المادة (٦٧) لتعطي دورا أكبر لمجلس النواب في تقرير عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، وتقلل من القيود التي كانت تحكم هذا التقرير وتؤدي إلى صعوبة الوصول إليه.

فبعد أن كان يشترط في طلب عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب على ذلك، أصبح هذا الحق وفقا للبند (ب) لعشرين عضوا فقط وهو ما يمثل نصف أعضاء المجلس. وبعد أن كان صدور قرار بعدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء يتطلب موافقة مجلسي الشورى والنواب في اجتماع للمجلس الوطني بأغلبية ثلثي الأعضاء، فإن هذا القرار أصبح وفقا للبند (د) المعدل مقصورا على موافقة مجلس النواب بأغلبية ثلثي أعضائه من دون تدخل من مجلس الشورى في هذا الشأن ومن دون حاجة إلى انعقاد المجلس الوطني لإصدار قرار بعدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء.

ويختلف أثر قرار مجلس النواب بعدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء عن قراره بعدم الثقة بأحد الوزراء. فلقد اعتبرت المادة (٦٦) من الدستور الوزير معتزلا منصبه من تاريخ صدور قرار عدم الثقة به، وتوجب عليه أن يقدم استقالته فورا استيفاء للشكل الدستوري، مما مقتضاه أن أي تصرف يصدر عن الوزير المذكور بعد صدور قرار عدم الثقة به يعتبر باطلا كأن لم يكن، ولا يطبق في هذه الحالة حكم المادة (٤٩) من الدستور القاضي باستمرار الوزير في تصريف العاجل من شئون منصبه إلى حين تعيين خلفه، وهو ما يوجب تعيين وزير آخر بدلا منه أو أن يعهد بوزارته إلى وزير آخر إلى حين تعيين الوزير الجديد. أما بالنسبة إلى رئيس مجلس الوزراء الذي يتقرر عدم التعاون معه وفقا للمادة (٦٧) ويقبل الملك استقالة وزارته، فلا يوجد ما يمنع من تطبيق حكم المادة (٤٩) في شأنه بحيث تستمر الحكومة في تصريف العاجل من الأمور إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة، حتى لا ينشأ فراغ وزاري.

ويطبق بشأن استخدام الملك حقه في حل مجلس النواب في حالة تقرير عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء ما نصت عليه المادة (٤٢/ج) المعدلة من ضرورة أن يصدر الحل بمرسوم بعد أخذ رأي رئيس مجلس الشورى ورئيس مجلس النواب ورئيس المحكمة الدستورية، لأن الملك سيكون في هذه الحالة حكما بين السلطتين التنفيذية والتشريعية مما يتطلب إعمال الضمانات التي نص عليها الدستور لاستخدام الملك حقه في حل مجلس النواب.

المادة (٦٨):

عدلت المادة (٦٨) لتحقق ضمانة جديدة لتفعيل دور الرغبات المكتوبة التي يبديها مجلس النواب للحكومة، ولتقرير حق مجلس النواب في طرح موضوع عام للمناقشة لاستيضاح سياسة الحكومة في شأنه، وتبادل الرأي بصدده.

فلقد كانت المادة (٦٨) تكتفي بأن تبين الحكومة كتابة أسباب التعذر في تنفيذ الرغبات التي يبديها مجلس النواب، ولم تحدد لها مدة معينة تلتزم فيها بإيضاح هذه الأسباب، فجاء تعديل البند (أ) من هذه المادة ليلزم الحكومة بالرد على مجلس النواب خلال ستة أشهر، وهو ما يؤدي إلى أن تدرس الحكومة رغبات المجلس في وقت معقول وأن تتخذ قرارها بشأن إمكان تحقيقها أو تعذر هذا التحقيق. وإذا لم تلتزم الحكومة بالموعد المحدد للرد كان للمجلس أن يلجأ إلى إحدى وسائل الرقابة التي خصه الدستور بها.

كما أن المادة (٦٨) لم تكن تعطي لمجلس النواب حق طرح موضوع عام للمناقشة، فأضيف البند (ب) مقررا هذا الحق للمجلس وفقا للضوابط التي تحددها لائحته الداخلية. وحتى لا يضيع وقت المجلس في مناقشات لا تعود بالنفع على المجتمع، قرر هذا البند ضرورة عرض طلب المناقشة على المجلس مجتمعا ليقرر مدى صلاحية الموضوع المطروح للمناقشة. ويجوز للمجلس بالأغلبية العادية أن يقرر بدون مناقشة استبعاد الطلب من جدول أعماله لعدم صلاحية الموضوع للمناقشة، كما يجوز له بناء على اقتراح رئيسه أن يحيل طلب المناقشة إلى اللجنة المختصة لتقديم تقرير عنه قبل أخذ الرأي عليه، وله أيضا عند قبول طلب المناقشة أن يحدد عدد من يشترك فيها وفقا لأهميته واختلاف وجهات النظر بشأنه.

المادة (٨٧):

عدلت المادة (٨٧) لتزيد المدة المقررة لمجلسي الشورى والنواب والمجلس الوطني ? إذا اقتضى الأمر العرض عليه ? للبت في مشروعات القوانين التي تنظم موضوعات اقتصادية أو مالية طلبت الحكومة نظرها بصفة عاجلة. فبعد أن كانت هذه المادة تجعل المدة خمسة عشر يوما لكل من هذه المجالس، عدلت لتصبح المدة المحددة لكل مجلس خمسة وعشرين يوما، وهو ما يزيد المدة الكلية من خمسة وأربعين يوما إلى خمسة وسبعين يوما، وهي مدة كافية لمناقشة هذه القوانين ذات الطبيعة الخاصة واتخاذ قرار بشأنها.

المادة (٩١ فقرة أولى):

إذا كان الدستور القائم قد منح الحق لكل عضو من أعضاء مجلسي الشورى والنواب في توجيه أسئلة إلى الوزراء، فإنه لا يوجد في الميثاق ما يمنع من أن يتضمن الدستور تعديلا يقضي بقصر توجيه الأسئلة للوزراء على أعضاء مجلس النواب من دون أعضاء مجلس الشورى، لذلك عدلت الفقرة الأولى من المادة (٩١) لتعطي لأعضاء مجلس النواب من دون غيرهم حق توجيه الأسئلة إلى الوزراء.

ومن المسلم به أن السؤال لا يجاوز معنى الاستفهام إلى معنى التجريح أو النقد وإلا أصبح استجوابا مما نصت عليه المادة (٦٥) من الدستور، مما يوجب تطبيق شروط هذه المادة.

المادة (٩٢ بند أ):

نص الدستور في المادة (٩٢ بند أ) على أن اقتراحات تعديل الدستور المقدمة من مجلس الشورى أو مجلس النواب ومشروعات القوانين التي يقترحها أعضاء أي منهما تحال إلى الحكومة لصياغتها وإحالتها إلى مجلس النواب خلال الدورة البرلمانية ذاتها أو في الدورة التي تليها. ولا يوجد في الميثاق مبادئ تحكم هذا الموضوع أو تضع ضوابط له، ولذلك عدلت هذه المادة بما يعطي الحق لكل من المجلسين في إحالة هذه الاقتراحات مباشرة إلى الجهة المختصة بمهام الإفتاء القانوني وإعداد التشريعات ? والتي تتمتع باستقلال كامل عن السلطة التنفيذية ? لوضع هذه الاقتراحات في صيغة مشروع تعديل للدستور أو مشروع قانون تحيله هذه الجهة ? وفقا لقانونها ? إلى الحكومة التي تقدمه مع ما تراه من ملاحظات عليه إلى مجلس النواب خلال ستة أشهر على الأكثر من تاريخ إحالته إلى الجهة المذكورة بالنسبة إلى القوانين وخلال الدورة البرلمانية ذاتها أو في الدورة التي تليها بالنسبة إلى تعديل الدستور.

وواضح من هذا التعديل أن النص الجديد قد جعل المدة التي يجب أن يحال فيها مشروع تعديل الدستور بعد صياغته إلى مجلس النواب مختلفة عن تلك التي يجب أن يحال فيها مشروع القانون إليه، فتطلب إحالة الأول خلال الدورة البرلمانية ذاتها أو في الدورة التي تليها وإحالة الثاني خلال مدة لا تتجاوز ستة أشهر من تاريخ إحالته من المجلس إلى الجهة المختصة بمهام الإفتاء القانوني وإعداد التشريعات، وهو أمر طبيعي لأن التعديلات الدستورية تحتاج إلى وقت أطول وإلى التأني في صياغتها وهو ما يختلف عما تحتاج إليه صياغة مشروعات القوانين.

وإذا كان النص المعدل قد أعطى للحكومة الحق في إرفاق ما تراه من ملاحظات على مشروع تعديل الدستور أو مشروع القانون المحال إليها من أحد المجلسين، فإن مقتضى ذلك أن تكون هذه الملاحظات تحت بصر المجلسين عند مناقشتهما للمشروع ليأخذا بها إذا وجدا محلا لذلك.

وتعتبر المواعيد التي حددتها هذه المادة مواعيد تنظيمية لا يؤثر عدم الالتزام بها على شرعية التعديلات الدستورية أو القوانين التي تصدر.

المادة (١٠٩ البندان ب، ج):

نظرا لما تتميز به الميزانية من طبيعة خاصة وما يصاحبها من دقة وتعقيدات في إعدادها في إطار التقدم التكنولوجي والمعرفي الذي يشهده الوقت الحاضر، وسيرا مع الاتجاهات الدستورية المعاصرة، نص الدستور في المادة (١٠٩) على القواعد التي تحكم إعدادها وإجراءات إصدارها. ولقد ظهر خلال السنوات العشر الأخيرة أن بعض ما ورد في هذه المادة يحتاج إلى تعديل يؤدي إلى تمكين المجلسين من مناقشة الميزانية بطريقة جدية وفعالة تسمح لكل منهما بالاشتراك الفعلي والحقيقي فيها، وفي ذات الوقت تمكن من العمل بالميزانية الجديدة في موعدها من دون حاجة إلى تطبيق البند (هـ) من هذه المادة والذي يقضي باستمرار العمل بالميزانية السابقة إلى حين صدور قانون الميزانية الجديدة. كما يمنع التعديل إصدار الميزانية لأكثر من سنتين ماليتين.

وتحقيقا لهذه الأهداف تم تعديل البندين (ب، ج) من المادة (١٠٩)، وتضمن تعديل البند (ب) تقديم الحكومة مشروع الميزانية إلى مجلسي الشورى والنواب في الوقت ذاته قبل انتهاء السنة المالية بشهرين على الأقل، بعد أن كانت تقدم هذا المشروع إلى مجلس النواب لمناقشته وإحالته إلى مجلس الشورى بعد الانتهاء منه للنظر فيه، مما كان يقلل من دور مجلس الشورى في المناقشة الجادة للمشروع لقصر المدة بين إحالته وبين التاريخ المحدد لبدء السنة المالية.

كما عدل هذا البند ليواجه ما تتميز به الميزانيات المعاصرة من دقة وتعقيدات تحتاج إلى تعاون وجهد من المجلسين في مناقشتها في إطار الإيضاحات التي تضعها الحكومة أمام بصرهما. ولذلك تطلب هذا البند عرض مشروع الميزانية بعد تقديمه من الحكومة على اللجنتين المختصتين بالشئون المالية في كل من المجلسين في اجتماع مشترك لمناقشته مع الحكومة، وهو ما يعطي فرصة أكبر لإثراء المناقشة والوصول إلى حلول أفضل لما يثار بشأن الميزانية من ملاحظات، ويختصر الوقت الذي تأخذه هذه المناقشة، ويمنع تكرار ما يبدى من ملاحظات في كل من اللجنتين لو اجتمعت كل منهما بعيدا عن الأخرى. ورغبة في استقلال كل لجنة بوجهة نظرها بعد سماع كل آراء أعضاء اللجنتين، لم يتطلب النص صدور قرار مشترك عنهما بالموافقة أو عدم الموافقة على مشروع الميزانية المعروض عليهما، وأتاح لكل من اللجنتين أن تتقدم بتقرير مستقل يوضح رأيها لمجلس النواب الذي يناقش المشروع في إطار ما ورد في التقريرين، وبعد إصدار المجلس قراره في هذا الشأن يحيله إلى مجلس الشورى ? الذي يكون على علم مسبق بما دار في الاجتماع المشترك للجنتين ? للنظر فيه وفق أحكام الدستور التي تنظم إجراءات نظر مشروعات القوانين. ولقد أبقى النص المعدل على مبدأ إجازة إدخال أي تعديل على مشروع الميزانية بالاتفاق مع الحكومة.

أما البند (ج) من هذه المادة فقد قضى على كل ما كان يثار من تخوف من أن تقوم الحكومة بإعداد الميزانية أكثر من سنتين ماليتين ? وهو ما كان يسمح به النص قبل التعديل ? فاستخدم عبارة «ويجوز إعداد الميزانية لسنتين ماليتين على الأكثر» بدلا من عبارة «ويجوز إعداد الميزانية لأكثر من سنة مالية».

إعادة تنظيم مجلسي الشورى والنواب

ثانيا: النصوص التي تم تعديلها لإعادة تنظيم كل من مجلسي الشورى والنواب:

تمثلت التعديلات التي أجريت على الدستور لإعادة تنظيم كل من مجلسي الشورى والنواب في منح دور أكبر لمجلس النواب في الرقابة، وتحقيق الاختيار الأفضل لأعضاء كل من مجلسي الشورى والنواب، في المواد (٥٣، ٥٧/أ، ج، ٥٩، ٨٣، ٨٥، ٨٦، ١٠٢، ١٠٣، ١١٥، ١٢٠/أ).

المادتان (٥٣، ٥٧/أ، ج):

نصت المادتان (٥٣، ٥٧) على الشروط التي يجب توافرها في أعضاء مجلسي الشورى والنواب، وورد في المذكرة التفسيرية فيما يتعلق بالمادة (٥٧/أ) أن هذه المادة قد سمحت لكل بحريني بالترشح لعضوية مجلس النواب، وكان النص بذلك يسمح لمن اكتسب الجنسية البحرينية بممارسة حق الترشح لعضوية مجلس النواب بمجرد تجنيسه. كما أن نص المادة (٥٣) لم يرد فيه شرط الجنسية المكتسبة فيمن يعين في مجلس الشورى، وأوضحت المذكرة التفسيرية مفهوم هذه المادة بأنها تضمنت النص على شروط خاصة بعضو مجلس الشورى بالإضافة إلى الشروط العامة التي يجب أن تتوافر في كل من أعضاء مجلسي الشورى والنواب، وهو ما يفهم منه انه يجوز تعيين أي مواطن يتمتع بالجنسية البحرينية سواء كان اكتسابه لهذه الجنسية بصفة أصلية أو عن طريق التجنيس.

ولقد تم تعديل هاتين المادتين بما يؤدي إلى التفرقة بين المواطن الذي يتمتع بالجنسية الأصلية والمواطن الذي اكتسب الجنسية بالتجنيس وفقا لما يقرره قانون الجنسية من شروط لكل منهما، واشترطت كل من المادتين لعضوية مجلس الشورى وعضوية مجلس النواب أن يكون قد مضى على اكتساب العضو الجنسية البحرينية خمس سنوات.

ويلاحظ أن هذه التفرقة التي تضمنتها المادتان (٥٣، ٥٧/أ) بعد تعديلهما، أمر وارد في الدساتير عامة في شأن مباشرة الحقوق السياسية، ولا يخل بما تقرره مبادئ حقوق الإنسان. فلقد جرت أغلبية الدساتير على تحديد فترة معينة لا يجوز لمن اكتسب الجنسية أن يمارس فيها حق تمثيل الشعب في المجالس النيابية، واعتبرتها فترة تمرين على الولاء للجنسية الجديدة، كما انها تحقق ضمانات للدولة أثبتت التجارب العالمية ضرورتها.

أما شروط الناخب فلم تتعرض لها هاتان المادتان أو غيرهما من مواد الدستور، إنما يتولى بيانها قانون مباشرة الحقوق السياسية، وبذلك يجوز لهذا القانون أن يسمح لمن اكتسب الجنسية البحرينية بممارسة حق الانتخاب من دون قيد زمني، باعتباره اقل خطورة من حق الترشيح وعضوية المجالس النيابية.

وتحقيقا لذات الأهداف التي دعت إلى التفرقة بين المواطن بصفة أصلية والمواطن الذي اكتسب الجنسية البحرينية فيما يتصل بالترشح لمجلس النواب أو عضوية مجلس الشورى، فإن المادتين (٥٣، ٥٧/أ) أضافتا شرطا آخر جديدا إلى الشروط التي كانت موجودة فيما سبق، وهو ألا يكون العضو حاملا لجنسية أخرى إلى جوار الجنسية البحرينية، سواء كان قد حصل على إذن من السلطات المختصة بالجمع بين الجنسيتين أو لم يحصل على هذا الإذن، وذلك لأن الجمع بين جنسيتين يشتت ولاء الشخص بينهما ويشكك في هذا الولاء.

ومقتضى هذا التعديل أنه يجب على كل من يرغب في التمتع بعضوية أحد المجلسين أن يتنازل عن الجنسية الأخرى التي يحملها، وذلك قبل التقدم للترشح لمجلس النواب أو التعيين في مجلس الشورى.

ولا يسري شرط عدم ازدواج الجنسية على الشخص الذي يجمع بين الجنسية البحرينية وجنسية إحدى الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية لانتفاء الحكمة من تقريره في هذه الحالة، وذلك إيمانا بوحدة الهدف والمصير والمصلحة المشتركة لشعوب دول مجلس التعاون.

ولقد أضافت المادة (٥٧ بند أ) أن يتم تزكية المرشح لعضوية مجلس النواب من عدد لا يقل عن خمسين مواطنا من المقيدين في جدول انتخاب الدائرة التي يرشح نفسه فيها، مراعيا في ذلك أن يكون هناك جدية في ترشح من يريد أن يكون عضواً في مجلس النواب بحيث يتم ترشيد عملية الترشيح.

كما استحدث البند (ج) من ذات المادة شرطاً آخر للترشح لعضوية مجلس النواب، يتطلب بمقتضاه أن يكون المرشح حاصلا على شهادة البكالوريوس أو الليسانس من إحدى الجامعات المعترف بها أو ما يعادلها، والهدف من هذا التعديل هو الارتقاء بمستوى من يمثلون الشعب باعتبارهم يتولون رقابة الحكومة وسن القوانين، وهي مهام تحتاج إلى ثقافة وخبرة يجب أن تتوافر فيمن يمثل الشعب.

المادة (٥٩):

كانت هذه المادة تنص على أنه في حالة خلوّ محل أحد أعضاء مجلس النواب قبل نهاية مدته، ينتخب بدله خلال شهرين من تاريخ إعلان المجلس هذا الخلو، إلا إذا وقع الخلو خلال الأشهر الستة السابقة على انتهاء الفصل التشريعي للمجلس فلا يجري انتخاب عضو بديل. وأمام الصعوبات والآثار التي تترتب على الانتخابات عادة، وحتى لا يتأثر نشاط المجلس بغياب أحد أو بعض أعضائه في خلال الفترة التي ستجرى فيها الانتخابات التكميلية، عدلت هذه المادة ليحل محل من خلا محله من أعضاء مجلس النواب المرشح الذي حصل على أعلى الأصوات بعده، فإن لم يوجد أحد غيره تجرى الانتخابات التكميلية خلال شهرين من تاريخ إعلان المجلس هذا الخلو لينتخب من يحل محل من خلا مقعده، إلا إذا وقع الخلو خلال الأشهر الستة السابقة على انتهاء الفصل التشريعي فلا يجري انتخاب بديل لمن انتهت عضويته.

والنص المعدل لا يعتبر مساسا بمبدأ انتخاب أعضاء مجلس النواب، لأن من يحل محل من خلا مكانه كان مرشحا هو الآخر وأبدى الناخبون رأيهم بشأنه وجاء ترتيبه تاليا لمن اكتسب العضوية ثم فقدها، فهو لم يأت بالتعيين وانما جاء نتيجة لاختيار الناخبين له.

كما أن النص على هذا النحو يعالج حالة ما إذا خلا مكان نصف أعضاء المجلس أو أكثر، بحيث لا تتعطل الحياة البرلمانية، إذ سيحل محل من خلت مقاعدهم من يليهم في الترتيب تلقائيا من دون حاجة إلى أي إجراءات تحتاج إلى وقت طويل تتعطل فيه اجتماعات المجلس من الناحية العملية، وبذلك يبقى المجلس قائما بجميع أعضائه في معظم الحالات إذا وقع الخلو خلال الأشهر الستة السابقة على انتهاء الفصل التشريعي، لأن المجلس لن يفقد عضوية إلا من لا يوجد من يحل محله وهو أمر قليل الحدوث وسيكون عددهم بالتالي قليلا لا يؤثر على انعقاد المجلس.

ويلاحظ أن النص قد استثنى من قاعدة حلول التالي في الترتيب، الحالة التي لا يوجد فيها من يحل محل العضو الذي خلا مقعده، إما لأنه كان قد فاز بالعضوية بالتزكية أو لأن من كان يليه في الأصوات لم يعد موجودا. ويقصد بعبارة «من يليه من الأصوات» جميع من تقدموا للترشح معه وفقا لترتيب الأصوات التي حصلوا عليها، فإذا لم يوجد من يليه مباشرة في الترتيب حل التالي ثم الذي يليه وهكذا.

المواد (٨٣ و٨٥ و٨٦ و١٠٢):

عدلت هذه المواد لإعطاء الأولوية لرئيس مجلس النواب في إحالة مشروعات القوانين التي تمت الموافقة عليها من المجلسين إلى الحكومة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإصدارها، وإعطاء الأولوية لرئيس مجلس النواب في رئاسة المجلس الوطني. وذلك بالإضافة إلى المواد الأخرى المعدلة السابق الإشارة إليها، والتي جعلت اللجوء إلى أساليب الرقابة السياسية على أعمال السلطة التنفيذية من اختصاص مجلس النواب منفرداً (المواد ٤٦ فقرة ثانية جديدة، ٦٧ البنود ب وج ود، ٦٨/ب، ٩١ الفقرة الأولى).

تبع غدا



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة