الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٥٦ - السبت ٢١ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٢٧ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين


د. فيصل الغرير: صحوة الفاتح قدمت شبابا يحتذى في الوطنية





وجه د. فيصل الغرير في خطبة الجمعة تحية تقدير الى الشباب الأمة لخدمة دينهم وقال: يقول الله تبارك وتعالى: «الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً» الله عز وجل يهب عبده الحياة ويمده بأسبابها ليبلوه، ولينظر كيف يعمل، فتحقيق العبودية لله عز وجل والتزام الحق والجدية في الالتزام بالإسلام هي سبيل النجاة في الدنيا والآخرة وهي سر عز الأمة وسبب قوتها ومجدها.

فدولة الإسلام الأولى التي شيدها رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قامت على أكتاف الرجال الأشداء، أصحاب الهمم العالية الصادقين المخلصين كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأبي عبيدة وسعد بن أبي وقاص وغيرهم، فكان واحدهم كألف رجل، بل إن الأمة قد تمر بأزمة شديدة فإذا واحد منهم ينقذ الموقف وينصر دينه بنفسه، والنبي صلى الله عليه وسلم قال «لصوت القعقاع في الجيش خير من ألف مقاتل».

كل أولئك وغيرهم إنما هم أفراد وهبهم الله من السمات والخصائص ما وهبهم، ثم أدّبوا أنفسهم وربّوها وكسوها خصال الجد والعزم والصبر ما أهلهم للقيادة ورشحهم للتأثير والتغيير.

لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم مشغولاً بالأفراد والأفذاذ الذين تكامل تكوينهم إيماناً وعلماً وصدقاً وصبراً وتضحية في سبيل الله، أولئك أنفع للأمة من الذهب والفضة والأموال، فهذا عمر الفاروق رضي الله عنه يجلس مع نفر من أصحابه في أحدى البيوت ويقول لهم تمنوا، فقال أحدهم: أما أنا فأتمنى أن يكون عندي ملء هذه الدار ذهبا وفضة أنفقه في سبيل الله، والآخر قال: أتمنى أن يكون عندي ملء هذه الدار زبرجداً ولؤلؤاً أتصدق به على الفقراء، ثم قال عمر كلمة عظيمة: أما أنا فأتمنى أن يكون عندي ملء هذه الدار رجالا أستعملهم في طاعة الله عز وجل». الله أكبر إنها أمنية عظيمة تمناها عمر فتحققت في عهده ففتح الأمصار واتسعت رقعة الإسلام.

نعم هؤلاء الرجال هم الذين يغيرون مجرى التاريخ بل هم حقيقة من غيروا مجرى التاريخ وقامت على أيديهم الفتوحات والحضارات والأمم الإسلامية العملاقة.

فأقول أيها الأحبة: في كل فرد منا خصائص ومواهب وربما تكون في أبنائه وبناته وطلابه فلو أخدمها للإسلام لتغير طعم الحياة، والإسلام لا يريدك أن تغير ميولك وإنما يريدك أن تفتخر بخدمة الإسلام، فمن كان قوياً شجاعاً مقداماً فعلام يضيع أوقاته في اللهو واللعب المفرط والأمة بحاجة ماسة إلى مثل هذه القوة. ومن كان فصيحاً بليغاً صاحب منطق فلماذا لا يخدم دينه بهذه الموهبة التي وهبها الله له.

أجل أيها الحبيب إن الخسارة أن يهبك الله عقلاً سليماً وجسماً صحيحاً وينعم عليك بكثير من النعم والقدرات والحياة المديدة، ثم تضيعه بين يديك في تافه الاهتمامات.

وانظروا إلى همة أبي بكر الصديق رضي الله عنه عندما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذا همة عالية ونظرة طموحة: يا رسول الله ما على أحدٍ يدعى من هذه الأبواب من ضرورة، فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ (أي أبواب الجنة) فقال عليه الصلاة والسلام: نعم وأرجو أن تكون منهم. عندما نسمع بشباب من شباب الإسلام وشباب هذا الوطن يقومون مجتمعين متحابين لنصرة الدين وكذلك نصرة بلدهم لا شك اننا نفرح ونزداد يقيناً بأن في شباب هذه الأمة خيراً عظيماً. إن هذه الأحداث التي مرت بها مملكة البحرين أبرزت لنا طاقات وقدرات لشبابنا في كل المجالات في التطوع وعبر وسائل الاتصال الاجتماعي التويتر والفيسبوك وغيرها، والإعلام المرئي والمسموع والمكتوب وفي الساحات والمنتديات، كل حسب ميوله، فتحركت الهمم صادقة ومخلصة ومحبة لإنقاذ وحماية هذا الوطن، وما شباب صحوة الفاتح - هذه الصحوة المباركة - إلا مثال من هذه الأمثلة الرائعة المخلصة نحسبهم كذلك والله حسيبهم ولا نزكي على الله أحداً.

تحركوا خوفاً على دينهم ووطنهم وحباً لأهله وقادته فحركوا الجماهير عبر شعاراتهم ورسائلهم التي تدعو أهل البحرين الى أن يستيقظوا من سباتهم وأن يعرفوا خطر عدوهم، والذي أعجبني شعارهم لهذا الأسبوع «واعتصموا» وهي دعوة لجميع الجمعيات الى توحيد الصفوف واجتماع الكلمة فليس هذا الوقت وقت اختلاف فجزاهم الله خيراً.

أيها الأحبة: إن مما يسعد الناس اليوم أن نرى شبابنا يجعلون من همومهم إنقاذ الأقصى وتحرير فلسطين فهذا الشاب عمر وعمره ١٩ سنة أو ما يسمى الهاكر الإلكتروني أزعج اليهود في فلسطين الأسبوع الماضي عبر اختراقه الإلكتروني لشركات اليهود وتخريب بطاقات الائتمان فهز هذا الامر اليهود بل إن قنواتهم الفضائية وصحفهم أصبح شغلهم الشاغل هذاالشاب عمر وكان يقصد من ذلك إرعاب اليهود وهز دولتهم ولا ننسى أن هؤلاء شعب محتلون معتدون قد قتلوا إخواننا وأخواتنا وشردوا الأطفال والشيوخ بعد أن هدموا منازلهم والآلاف منهم في السجون فانظروا أيها الأحبة، شاب هز دولة اليهود وأرعبهم.

إن جماع الخير وطريق الفلاح والنصر والعزة أن تربي نفسك على أن تعشق المعالي والأهداف العظيمة وأن تعرف ذاتك وقدراتك ومواهبك، والنجاح الحقيقي في هذه الدنيا ليس نجاح المال والمنصب وإنما نجاح الانتصار وهو خدمة هذا الدين.

فهذه دعوة لشباب وفتيات هذه الأمة الى استغلال هذه التقنيات الحديثة ووسائل الاتصال الاجتماعي لخدمة ونصرة هذا الدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونقول لرجال ونساء وشباب وفتيات هذه الأمة: احفظوا أوقاتكم واستثمروا طاقاتكم ومواهبكم واعرفوا ذواتكم واستعملوها في خدمة دينكم فذلك أنفع لكم في دنياكم وآخرتكم.



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة