الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٦٠ - الأربعاء ٢٥ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٢ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


تعالوا نحلم معا





حققت دولة الإمارات سبقا تكنولوجيا على دول المنطقة بإنشائها محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي توفر ربع احتياجاتها التشغيلية من الكهرباء عبر إنتاج الغاز من المخلفات العضوية واستخدامه في تشغيل مولدات الكهرباء التوربينية فيها.

المحطة التي تم افتتاحها رسميا يوم أمس الأول في منطقة العين بعد اكتمال مرحلتي البناء والتشغيل التجريبي لها بلغت كلفة إنشائها الإجمالية حوالي ٣٦٥ مليون درهم وهي تنتج حاليا ما بين ٧٠ و٨٠ ألف متر مكعب من المياه المعالجة يوميا، ومن المقرر أن يرتفع إنتاجها في الفترة القريبة القادمة إلى ٩٢ ألف متر مكعب يوميا، وقد تم تنفيذها بأعلى المستويات والمواصفات والمقاييس العالمية، وهي الأولى من نوعها في المنطقة التي تعتمد تطبيقات الاستفادة من الغازات العضوية لاستخدامات توليد الطاقة الكهربائية، إذ تحتوي على خزانات تحليل عضوي لا هوائي يتم من خلالها توليد الطاقة الكهربائية بما نسبته ٢٥ في المائة من إجمالي الطاقة اللازمة لتشغيل المحطة بكاملها. وقد قامت الدولة بتنفيذ هذا المشروع بالشراكة مع القطاع الخاص من خلال عقد البناء والتملك والتشغيل ونقل الملكية الطويل الأمد الذي يصل إلى ٢٥ عاما.

إنتاج الغاز من المخلفات العضوية المتمثلة في مياه الصرف الصحي والقمامة المنزلية المحتوية على مخلفات غذائية ونباتية سهل ميسور ولا يحتاج إلى تكنولوجيا معقدة ولا إلى معدات ضخمة أو مكلفة، بل كل ما يحتاج إليه خزانات من الفايبر جلاس أو من أي مادة أخرى عازلة للهواء موصولة بأنابيب تنتهي بحاويات لتخزين الغاز، بحيث يتم ملء تلك الخزانات بمياه المجاري أو بمخلفات القمامة المنزلية العضوية أو بكليهما معا وإغلاقها بإحكام بعد سكب كمية بسيطة عليها من البكتيريا التي يتم تحضيرها معمليا بطريقة سهلة جدا، وبعد ساعات قليلة أو أيام معدودة ــ بحسب كمية المخلفات وسعة الخزانات ــ يبدأ تصاعد غاز الميثان القابل للتخزين في الحاويات تمهيدا لتوجيهه إلى مولدات الطاقة الكهربائية التي تعمل بالغاز ليبدأ من ثم إنتاج الكهرباء بكُلفة لا تذكر، علما أن المخلفات الصلبة التي تبقى في الخزانات بعد ذلك تعتبر من أفضل أنواع الأسمدة الطبيعية التي يمكن استخدامها في الزراعة بكفاءة عالية جدا.

هذه الطريقة يمكن تطبيقها في البيوت والعمارات والمزارع وكل مكان تقريبا إذا تم توفير متطلباتها، بمعنى أنه يمكن تحويل أي وحدة سكنية إلى منتج للغاز ومن ثم للكهرباء التي تحتاج اليها إذا تم تركيب مولد للكهرباء فيها يعمل بالغاز، وذلك من مخلفات المجاري والقمامة التي يلقيها سكان الوحدة السكنية أنفسهم، ولنا أن نتخيل لو أنه تم تنفيذ مشروع كهذا في البحرين كم سنوفر من الأموال الطائلة التي تنفقها الدولة على إنشاء المحطات العملاقة لإنتاج الكهرباء وعلى تمديد شبكات النقل ومحطات التوزيع الكهربائي وعلى تمديد شبكات المجاري إلى كل شبر في طول المملكة وعرضها، وكم من الأسمدة العضوية سننتج محليا لنستخدمها في الزراعة المحلية ونقوم بتصدير الفائض إلى الخارج، ما يعني أننا سننشئ مصنعا لمعالجة وتعبئة وتصدير تلك الأسمدة بعد شرائها من منتجيها الذين هم أصحاب الوحدات السكنية، أي أن كل أسرة في البحرين ستنتج الكهرباء التي تحتاج اليها وستحصل على عائد مادي أيضا من مخلفات مجاريها وقمامتها!

قد أكون حالما في هذا المجال لكنني واثق تمام الثقة أن كل الإنجازات العظيمة بدأت بمجرد حلم بعيد المنال ثم أصبحت واقعا حقيقيا يقطف ثماره بنو الإنسان، فتعالوا نحلم معا بيوم يتم فيه تحقيق هذا الإنجاز الحضاري الكبير في البحرين.





salah_fouad@hotmail.com



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة