الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٥٧ - الأحد ٢٢ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٢٨ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


مخاطر الباراسيتامول





لا يدرك معظم الناس خطورة تعاطي جرعات زائدة عن الحاجة من الأدوية المسكنة مثل (البنادول) وغيره من العقاقير التي تحتوي على مادة الباراسيتامول، ويتعاملون معها على أنها الوسيلة الآمنة والفعالة لإزالة الصداع والآلام التي تصيبهم يوميا، غير مدركين أن المادة الفعالة في تلك العقاقير وهي مادة (الباراسيتامول) لها آثار جانبية خطيرة جدا على المدى الطويل، حيث إنها تترسب في الجسم وتسبب مع مرور الوقت واستمرار تراكمها الفشل الكلوي أو تلف الكبد أو أضرارا جسيمة في أعضاء داخلية أخرى في الجسم يصعب علاجها.

الباراسيتامول مادة يتم استخلاصها كيميائيا من القطران، وهي تستخدم في تسكين الآلام وأعراض الحمى من دون أضرار جانبية خطيرة إذا تم استخدامها حسب وصفات الطبيب وبالكميات التي يوصي بها من دون تجاوزها، ومن دون اقترانها بالكحول أو الكافيين، لكن من المؤسف أن معظم الناس يتوجهون إلى البقالات والبرادات لشراء العقاقير التي تحتوي على تلك المادة والمتوافرة تحت أسماء تجارية عديدة ومن دون وصفات طبية، ويتناولونها كلما شعروا بأي صداع أو ألم في أي منطقة من الجسم، حتى أنني أعرف بعض الأشخاص يحملونها في جيوبهم باستمرار ويتعاطونها أكثر من مرة يوميا، وهو ما ينتج عنه بمرور الوقت تضرر الأعضاء الداخلية في أجسامهم وفي مقدمتها الكلى والكبد، وتزيد الخطورة حين يقترن تناولها مع الكافيين الموجود في الشاي والقهوة، وهو ما يفعله كثير من الناس ظنا منهم أن ذلك يزيد فاعلية الدواء، بينما الحقيقة هي أن أخطر شيء هو أن يقترن تعاطي الباراسيتامول مع الكافيين أو الكحول إذ يؤدي ذلك إلى تلف الكبد سريعا، وهو ما دفع الحكومتين البريطانية والأمريكية إلى منع بيع عقاقير تسكين الآلام المحتوية على الباراسيتامول إلا بوصفة طبية.

آخر الأبحاث حول مخاطر تعاطي جرعات زائدة من مادة الباراسيتامول جاءت من ألمانيا حيث «طالب خبراء مركز (جيفتنوتروف) في ألمانيا والمعني بمكافحة سموم العقاقير الطبية بعدم صرف أي عقار يحتوي على المادة الفعالة (باراسيتامول) إلا بأمر الطبيب. وقال رئيس المركز الدكتور (هيلموت هينتشل) إن هذه الخطوة قد آن أوانها منذ وقت طويل، نظرا لأن تعاطي جرعة زائدة من هذه المادة يتسبب في أعراض جانبية خطيرة. وأكد هينتشل أن الإكثار من تناول باراسيتامول بشكل مبالغ فيه يمكن أن يضر بالكبد إلى درجة تستدعي زراعة عضو جديد. كما انتقد عدم تراجع حالات التسمم بالباراسيتامول في ألمانيا منذ إبريل ٢٠٠٩م رغم فرض حظر على عبواته التي تزيد كمية المادة الفعالة فيها على ١٠ غرامات، مضيفا: (نستقبل يوميا حالة تسمم بالباراسيتامول على الأقل). وأشار الطبيب الألماني إلى أن المرضى الذين لا يستطيعون الحصول بإذن الطبيب على الكمية التي يريدونها من الباراسيتامول يحصلون عليها من دون روشتة من أقرب صيدلية. ورصد مركز مكافحة السموم في مدينة (ايرفورت) الألمانية نحو ٣٦٠ حالة تسمم بالباراسيتامول هذا العام، أي بنسبة ٥ في المائة من إجمالي جميع حالات الطوارئ التي تكون العقاقير أحد أسبابها. وأشار الدكتور هينتشل إلى أن الأعراض الناتجة عن التسمم بالباراسيتامول تكون بسيطة في البداية ولكن عواقبها كارثية، لأن معالجة هذا التسمم ليست ممكنة إلا باستخدام مواد مضادة له في مرحلته الأولى، وأكد أن جرعة الباراسيتامول يمكن أن تصبح زائدة عندما يتعاطاها مريض مصاب بألم في الأسنان مثلا أو في غيرها من أعضاء الجسم على مدى عدة أيام متتالية، مضيفا أن خطر هذه الجرعة الزائدة كبير، لذلك لابد من التفكير بجدية في فرض حظر على استخدام هذه المادة من دون أمر الطبيب». أتمنى أن تبادر وزارة الصحة في البحرين إلى فرض قيود على بيع عقاقير الباراسيتامول وقصرها على الصيدليات فقط، واشتراط عدم بيعها إلا بوصفات طبية، وشن حملة توعية وطنية بمخاطر الإفراط في تعاطي هذه المادة الكيميائية.





salah_fouad@hotmail.com



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة