الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٦٣ - السبت ٢٨ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٥ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين


الشيخ الجودر يدعو إلى إبعاد المساجد عن التأجيج الطائفي





أكد الشيخ صلاح الجودر خطيب جامع الخير بقلالي في خطبته أمس ان أول الأعمال التي قام بها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لما قدم المدينة المنورة أن أقام المسجد، قال الله تعالى: «لمسجِدٌ أسسَ على التقوى من أول يوم أحقُ أن تقوم فيه»(التوبة: ١٠٨).

وجاء عن عثمان بن عفان (رضي الله عنه) انه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله في الجنة» متفق عليه.

لذا أصبحت المساجد هي الأماكن الآمنة المستقرة التي يلجأ إليها الناس، فهي بيوت الله، ومهبط رحماته، ومتنزل ملائكته، وكانت عبر تاريخها الطويل لا تخلو من المتعبدين والعاكفين، والدارسين والمتعلمين، لذا رغب الإسلام أن تبنى المساجد على التقوى، جاء عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «أن أحب البقاع إلى الله المساجد».

عباد الله، والأمة اليوم تعاني ما تعانيه من سموم وأدواء العصر يجب التوقف عند ثلاث إشكاليات رئيسية ظهرت في بعض المساجد ودور العبادة، يجب التحذير منها فإن ما يجري في المنطقة اليوم هو قضايا سياسية وصراعات اقليمية، والدين الإسلامي منها براء، حتى وان استدلت بالآيات والأحاديث والشواهد التاريخية، ومن تلك الإشكاليات:

أولاً: استغلال المساجد ودور العبادة والمنابر الدينية للأغراض السياسية والطائفية، فالكل منكم اليوم يرى التأجيج الطائفي والتحشيد المذهبي من أجل القضايا السياسية، فهناك خطباء ودعاة اليوم يستغلون المساجد والمنابر لتأجيج نفوس الناس والدفع بهم إلى صراعات طائفية مقيتة. لقد ظهر هذا الفكر في عهد صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، حين حرضوا على القتل والعنف والسحق، ولمن شاء فليرجع الى كتب التاريخ وليقرأ مقتل شهيد القرآن الخليفة الراشد عثمان ثم شهيد صلاة الفجر الخليفة الراشد علي، فافقهوا سنن الله، واستقيموا على الحق ومن تجاهل التاريخ تجاهله الواقع. الإشكالية الثانية هي استغلال المرأة في القضايا السياسية، فالكل منكم شاهد عملية استغلال المرأة الضعيفة في القضايا السياسية، اقتحام المجمعات التجارية وإلقاء القنابل الحارقة وحمل الآلات الحادة، فبعد أن تم الدفع بها في أتون الإغراء والتفسخ واللهو هي اليوم تعاني ثقافة العنف والتخريب والتدمير بعد أن تم التغرير بها للصدام مع المجتمع، وقد نهاها المولى عن ذلك قائلاً: «وقرن في بيوتكن» (الأحزاب:٣٣)، فقد تم استغلال المرأة باسم الدين، وتضليلها بشعار حرية التعبير، فالتحذير للمرأة المؤمنة من تلك السموم والأدواء التي تسعى لتغير هويتها الإنسانية لتحقيق أهداف وغايات سياسية.

الإشكالية الثالثة هي الدعوة الى العنف، فقد خرجت في الأسبوع الماضي دعوات العنف، وهي حلقة جديدة في مسلسل التخريب الممنهج، فالدعوة الى سحق رجال حفظ الأمن هي دعوة الى العنف المجتمعي، فقد شاهد الجميع عملية سحق رجال حفظ الأمن في فبراير العام الماضي، وهي اليوم تتجدد لمزيد من الأعمال العنفية، هي فتنة أطلت برأسها ستدفع بشباب وناشئة الأمة لتبنيها، فالدعوة الى العنف والاحتراب وبث الكراهية بين الناس نتائجها وخيمة، وخطورتها تشتد حينما تنطلق من على المنابر الدينية، فالمساجد والمنابر لم تنشأ لهذا، بل أنشئت لتوحيد الكلمة وتعزيز الأمن.

إن المسؤوليةَ عظمى، والجميع في سفينة واحدة، ومن خرقها أغرق نفسه والناس معه، فما أحوجَ الأمةَ اليوم إلى أولئك الأوفياء المخلصين لحقن الدماء، ووقف التخريب، ومناصحة الأمة لخيرها ومستقبلها، لذا فإن آخر وصايا نبيكم محمد (صلى الله عليه وسلم): «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، فلا تعودوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض».

إن جهود رجال حفظ الأمن في الأزمة الأخيرة كبيرة، فهم يقدمون أرواحهم في سبيل سلامة الوطن والمواطن، فهم اليوم في الكثير من المواقع، يجابهون أعمال العنف والتخريب بصدورهم، ويتصدون لمليشيات الشوارع ودعاة الفتنة بأجسادهم، لذا الواجب علينا جميعاً تقديم الشكر والتقدير لهم، ودعاء المولى أن يبثتهم ويربط على قلوبهم، فهم بحق رجال يذودون عن أمن واستقرار وطنهم وأمتهم.

أخيراً نصيحة أقدمها لنفسي وللناس، بضبط النفس فإن أعداء الأمة يريدون منكم الانفلات والصراع والتطاول على الحكام، وهذا هدفهم وغايتهم، فالحذر من الانسياق خلف تلك الدعاوى الباطلة، وسبيلكم للنصر وخروج الوطن من أزمته هو الاعتصام بحبل الله وعدم التفرق، والوقوف خلف قيادتكم السياسية صفاً واحدا، سنة وشيعة.

قال تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا»، واعلموا «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» (الرعد:١١).



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة