الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٦٦ - الثلاثاء ٣١ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٨ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


يسعون إلى حتفهم!





تؤكد إيران يوما بعد يوم أن استمرار نظامها الحاكم الحالي هو أكبر خطر على العالم بأسره، لأنه نظام دموي طائفي متطرف يسعى إلى امتلاك سلاح نووي يهدد به الوجود الإنساني كله، فنظام الملالي الإيراني ليس مثل النظام الشيوعي في كوريا الشمالية الذي يمتلك سلاحا نوويا ويطلق التهديدات الفارغة يمينا ويسارا بين فترة وأخرى، لأن الكوريين الشماليين مهما بلغت حماقتهم لن يجرأوا على استخدام ذلك السلاح من دون إذن روسيا والصين اللتين تتحكمان عقائديا وتكنولوجيا في مراكز صنع واتخاذ القرار في تلك الدولة، ما يعني أن وجود سلاح نووي لديها ليس سوى لعبة سياسية تستخدمها القوى الكبرى للضغط العسكري والإعلامي لتحقيق مكاسب هنا أو هناك، كما أنه وسيلة لإسقاط بعض الدول التي تريد القوى العالمية تدميرها في فخ الحصول على بعض إمكانيات صنع سلاح نووي لشن حملة إعلامية عالمية شعواء ضدها تؤدي إلى فرض عقوبات دولية عليها لاستنزاف قدراتها وإمكانياتها طوال سنوات يتم خلالها تعطيل برنامجها النووي بحيل وألاعيب شتى في ظل تصعيد إعلامي ضدها ينتهي بتشكيل تحالف دولي بقيادة الأمريكان لاجتياح أراضيها وإسقاط نظامها الحاكم وإدخالها في صراعات طائفية وعرقية تضمن للغزاة نهب ثرواتها بمساعدة عملائهم الخونة الذين يتم تسليمهم مقاليد الحكم في تمثيليات إعلامية تصوّر الأمر على أنه تم بمنتهى الديمقراطية والشفافية والحرية.

هذه اللعبة مارستها الدول الكبرى ضد العراق، وكرّرتها بنسخة معدلة مع ليبيا، وها هي تستخدمها مع إيران التي يسهم نظامها الحاكم في تنفيذ هذا المخطط التدميري الاستعماري ضد بلاده بإصراره على امتلاك سلاح نووي لا حاجة له به أصلا لو أنه ترك عنه أحلامه التوسعية وطموحاته الطائفية وأطماعه المقيتة ضد دول الجوار الخليجية وكوّن معها تحالفا اقتصاديا وعسكريا يجعل من المنطقة واحدة من أقوى مناطق العالم وأسرعها نموا وازدهارا.

قد ينكر المتعصبون من بني جلدتنا لنظام الملالي الإيراني أنه يسعى إلى امتلاك سلاح نووي، ويحاولون تصوير الأمر على أنه صراع عقائدي مع دول الغرب التي تريد الهيمنة على ثروات إيران ودول المنطقة الخليجية كلها، لكن الواقع يكذب هذه الادعاءات، فلو كانت إيران بريئة من تهمة السعي الحثيث إلى امتلاك سلاح نووي تهدد به دول المنطقة والعالم لما وضعت العراقيل أمام دخول وتحرك خبراء المنظمة الدولية للطاقة الذرية لتفتيش مواقعها النووية، ولما (تعنتر) نوابها وسارعوا إلى طرح مشروع قانون طوارئ يفرض حظرا فوريا استباقيا على تصدير نفطهم إلى أوروبا قبل أن تطبق الدول الأوروبية الحظر الذي أقرته على وارداتها من النفط الإيراني بعد ستة أشهر، وهو ما يدل دلالة قاطعة على أن إيران بحكومتها وبمجلسها النيابي الذي يهيمن عليه المتطرفون لن تتراجع قيد أنملة في ظل نظامها الحاكم الحالي عن طموحاتها النووية، ويكفي للدلالة على هذا ما صرّح به مؤخرا (مؤيد حسيني صدر) عضو لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني لوكالة أنباء فارس بقوله: ((إذا توصل النواب إلى نتيجة تقضي بوقف صادرات النفط الإيرانية إلى أوروبا فلن يتأخر البرلمان لحظة في إقرار مشروع القانون. إذا توقفت صادرات النفط الإيرانية إلى أوروبا وهي تشكل نحو ١٨ في المائة من صادرات الخام الإيراني فستكون مفاجأة للأوروبيين وسيفهمون قوة إيران ويدركون أن المؤسسة الإسلامية لن تستسلم لسياسات الأوروبيين))!.. أي بصريح العبارة أن بلاده لن تتخلى بأي شكل من الأشكال عن إصرارها على المضي قدما في محاولة الحصول على السلاح النووي حتى لو كانوا سيحاربون العالم بأسره!

يؤسفني القول إنني لست أرى في سلوك النظام الإيراني سوى تطبيق عملي لقول الشاعر العربي: (إلى حتفي سعى قدمي.. أرى قدمي أراق دمي)!





salah_fouad@hotmail.com



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة