الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٦٧ - الأربعاء ١ فبراير ٢٠١٢ م، الموافق ٩ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


اللعبة تتكرر!





حاول النظام العراقي السابق خلال حربه مع إيران في بداية الثمانينيات من القرن الميلادي الماضي الحصول على قدرات نووية عبر إنشاء (مفاعل تموز النووي) بمساعدة تقنية فرنسية، وذلك لقلب موازين القوى في المنطقة عبر امتلاك سلاح دمار شامل يرغم إيران على الاستسلام ويمنح للعراق إمكانية استخدامه في حال إصرارها على الاستمرار في الحرب، كما يمنح العراق حماية قوية جدا ضد أي تهديد من قبل أي دولة في العالم وبالذات الولايات المتحدة التي تريد الهيمنة على ثروات المنطقة الخليجية، لكن كل تلك الأهداف لم تتحقق ولم يكن من الممكن أن تترك الدول الكبرى المجال للعراق لتحقيقها، فتم إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل لضرب المفاعل العراقي بالصواريخ المحمّلة على طائرات حربية مقاتلة تم تعديل قدراتها وزيادة مداها لتتمكن من الطيران من إسرائيل إلى العراق ثم العودة إلى قاعدتها العسكرية في إسرائيل من دون توقف ومن دون الحاجة إلى التزود بالوقود، وهو ما تم بالفعل فقضى على أحلام العراق النووية تماما، ودفع الدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا إلى التخطيط لإيقاع العراق في فخ يتيح لها تدمير كل قدراته العسكرية والعلمية واحتلال أراضيه ونهب ثرواته، وهو ما تم بالفعل أيضا.

النظام العراقي السابق راهن على الحليف الاستراتيجي السوفيتي لكن رهانه كان خاسرا لأن السوفيت لم يكن لهم حليف إلا مصالحهم، مثلهم في ذلك مثل جميع دول العالم الأخرى، ثم إنهم لم يسبق لهم طوال تاريخهم منذ الثورة البلشفية أن تدخلوا عسكريا لنصرة أي حليف لهم، بل هم يكتفون باستغلال الفرص لجني المكاسب من أي طرف يلجأ إليهم، ثم يبيعونه لأعدائه بمجرد انقضاء صلاحيته بالنسبة إليهم، ولذلك وقفوا يتفرجون على حليفهم العراقي وهو يُسحق سحقا تحت ضربات أعدائه الغربيين في حرب تحرير الكويت ثم في الحصار الاقتصادي والعسكري الذي فرضته عليه الدول الكبرى طوال عشر سنوات بعد التحرير، ثم في الغزو الذي اجتاح أراضيه وأجهز على نظامه الحاكم وعلى كل مقومات النهضة فيه.

هذه اللعبة الغربية نفسها تتكرر اليوم مع إيران التي يحلم نظامها الحاكم ببسط نفوذه على دول الخليج العربية ونهب خيراتها، فالروس والصينيون يحالفون هذا النظام للاستفادة منه إلى أقصى درجة، في الوقت الذي تجهز له أمريكا الفخ القاتل بإغرائه بالتدخل في شئون دول الجوار الخليجية الغنية لقلب أنظمة الحكم فيها وتنصيب حكومات شيعية فيها موالية لنظام الملالي الإيراني تحقق له حلم استعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية البائدة وتشييع دول المنطقة وشعوبها ولو بالقوة، وهو فخ تسارع إليه إيران كأنها مسيّرة بتنويم مغناطيسي لا تريد أن تفيق منه أبدا!

بوادر الزوال القريب للنظام الإيراني تلوح يوميا في تصريحات الساسة الأمريكان، فها هو وزير الدفاع الأمريكي يؤكد في تصريحاته لوسائل الإعلام قبل أيام أن الإيرانيين سيحتاجون إلى حوالي عام واحد لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم المخصب لصنع قنبلة ذرية إذا ما قرروا التزود بالسلاح النووي، ثم سيحتاجون إلى عام أو عامين بعد ذلك لتجهيزها على شكل سلاح، مشيرا إلى أن واشنطن ستقوم (بكل ما يلزم) لمنع ذلك. والمعنى واضح وضوح الشمس، وهو أنه خلال فترة زمنية تتراوح بين عام واحد وثلاثة أعوام سيتم سحق النظام الإيراني، سواء وقع في فخ التدخل العسكري في دول الجوار أم لا، لأن تهمة الحصول على سلاح نووي كافية لتشكيل تحالف غربي ضده لاجتياح أراضيه ونهب ثرواته.

السؤال هنا: هل سيعيد الإيرانيون حساباتهم ويصلحون علاقاتهم مع جيرانهم العرب قبل أن يقعوا في الفخ أم أنهم سيظلون إلى حتفهم يركضون؟!





salah_fouad@hotmail.com



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة