الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٧٨ - الأحد ١٢ فبراير ٢٠١٢ م، الموافق ١٩ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين

رئيس تجمع الوحدة الوطنية أمام اجتماع حاشد:
نقبل المشاركة في حوار لإنهاء الأزمة





أكد الشيخ الدكتور عبداللطيف المحمود رئيس تجمع الوحدة الوطنية خلال اللقاء الحاشد الذي نظمه ائتلاف الجمعيات السياسية الوطنية أمام تجمع الفاتح مساء أمس، ان الائتلاف مستعد للمشاركة في أي حوار بنية صادقة لإنهاء الأزمة في البلاد، ووفق مجموعة من الأسس، منها: رفض أي تدخل أجنبي لحل المشكلة القائمة أو التي يمكن أن تحدث مستقبلا في البحرين.

وكشف الدكتور عبداللطيف المحمود عن أنه بُذلت محاولات متعددة مع تجمع الوحدة الوطنية من جهات أجنبية وعربية للوساطة بيننا وبين الجمعيات السياسية الفئوية في البلاد وقد رفضنا هذه المحاولات جميعها.. حيث أكدنا لهم أننا لا نحتاج إلى وساطات بيننا وبين شركائنا في الوطن، ولا يمكن أن نفرط فيهم، فهم جزء لا يتجزأ منا وإن بدر منهم ما يخالف موقفنا.. وأنه يوجد بين أهل البحرين من العقلاء والحكماء القادرين على هذه المهمة.. وكان ملخص موقفنا من هؤلاء أنني كررت عليهم موقف الإمام علي بن أبي طالب عندما سئل عن رأيه في الخوارج الذين خرجوا عليه.. فقال رضي الله عنه وكرم وجهه: «إخواننا بغوا علينا».

وقال الدكتور عبداللطيف المحمود: إننا ضد إضعاف أي مكون من مكونات هذا المجتمع.. وقال أيضا: إننا مصرون على تطوير النظام السياسي في البلاد ولكن على مراحل، وإننا متمسكون بالدولة المدنية التي تحكم بالقوانين والتشريعات المكتوبة، وتحترم جميع المذاهب والأعراق، كما أننا نرفض أي محاصصة طائفية أو غيرها.

وقال: إن الأزمة التي مررنا بها وأخذت الصبغة السياسية في بدايتها قد أوقعتنا في أزمة أعمق وهي أزمة الاحتقان الطائفي، وهذا ما يستدعي معالجتها لأنها تهدد مستقبل الأجيال القادمة إذا لم نعمل على حلها من الآن.. وطالب بالامتناع عن كل ما يثير الحساسيات الطائفية، والحرص على التزام جميع المؤسسات الدينية بالقوانين، ووضع القوانين المجرِّمة للأعمال والأفعال التي تثير الكراهية والبغضاء والأحقاد بين أفراد المجتمع.

وأكد الدكتور عبداللطيف المحمود أن تجمع الوحدة الوطنية ولد ليبقى كيانا سياسيا مستقلا، ومتخذا نهج المعارضة البناءة، ملتزما بضرورة تطبيق القانون على الجميع من غير تمييز، ومؤكدا استقلالية القضاء والنيابة واحترام الأحكام القضائية، وتحديث العمل الحكومي، وتحقيق الأمن للجميع، وأن تكون السلطات للشعب بشكل فعلي، ووضع ذووي الكفاءة والأمانة في المناصب المهمة، والاهتمام بالخدمات الإسكانية، ورفع وتحسين الأجور والرواتب والمعاشات، وعدم تجاهل القطاع الخاص في هذه الزيادات والتحسينات.

(التفاصيل)

تحت عنوان: «من أجلك يا بحرين» أقام ائتلاف الجمعيات السياسية الوطنية تجمعا ضخما في الساحة الكبرى لمركز جامع الفاتح الإسلامي، وقد جاء هذا التجمع الذي تجاوز المشاركون فيه المائة ألف من المسلمين السنة والشيعة والبهرة والمسيحيين واليهود وغيرهم بمناسبة مرور عام على الوقفة الأولى لتجمع الوحدة الوطنية والتي شكلت وقفة تاريخية للشعب البحريني المخلص لوطنه وعروبته ودينه.. وكانت الأعداد المشاركة في هذا التجمع الأول لم يشهد لها التاريخ مثيلا على أرض البحرين.

ويعتبر الملتقى الجماهيري بالأمس هو أول فعالية كبرى لائتلاف الجمعيات السياسية الوطنية بعد إعلانه مؤخرا.

ولقد ألقى الشيخ الدكتور عبداللطيف المحمود كلمة شاملة أمام تجمع الأمس.. تحدث فيها عن الأهداف وراء هذا التجمع، كاشفا محاولات النيل من التجمع وموجها رسالة مهمة إلى دول مجلس التعاون الخليجي، ومستعرضا ما يدور من أحاديث حول الحوار الجديد المرتقب، ومؤكدا أن لكل أزمة وحرب وفتنة نهاية كما كان لها بداية.

وأعلن الدكتور المحمود خلال خطبته أن ائتلاف الجمعيات السياسية الوطنية مستعد للمشاركة في أي حوار قادم، محددا الأسس التي تتم هذه المشاركة على أساسها، ومؤكدا أن الأزمة التي تعيشها البحرين الآن هي أزمة احتقان طائفي. وألقى الدكتور المحمود أضواء كاشفة على مخطط تقسيم وتقطيع دولنا العربية والإسلامية، مؤكدا أن القوى العالمية تضحي بالشعوب غير الغربية لتحقيق مطامعها الخاصة. وأفرد شيخنا الكبير مساحة كبيرة في خطبته للأفعال التي تصدر عن أمريكا والمواقف التي أبدتها خلال العقود الأخيرة. ولم يفت الدكتور عبداللطيف أن يفصل خطة عمل التجمع خلال المرحلة القادمة.

وفيما يلي نقدم النص الكامل لخطبة الشيخ الدكتور عبداللطيف المحمود رئيس تجمع الوحدة الوطنية في لقاء ائتلاف الجمعيات السياسية الوطنية في ساحة مركز الفاتح أمس:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وأزواجه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد

شعبنا الكريم

أيتها الأخوات والإخوة، يا شعب الفاتح وتجمع الوحدة الوطنية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحية في ذكرى تجمع الفاتح

تذكروا وقفتكم الرائعة قبل عام مضى، لم يفرق بينكم دين ولا مذهب ولا طائفة ولا كثرة عدد أي مكوّن منكم ولا قلته في هذا المكان، ولكن جمعكم حب هذا الوطن لتعلنوا فيه موقفكم المجيد، اجتمعتم مسلمين سنة وشيعة وبهرة ومسيحيين ويهود وغيرهم بجميع انتماءاتكم.

تحية لكم في ذكرى مرور عام على وقفة شعبنا البحريني المخلص لوطنه وعروبته ودينه الذي دافع عن استقلاله وحريته وأحبط جميع المؤامرات السياسية التي حيكت له بليل وهو لا يدري، فنجاه الله منها، فلا تغفلوا مرة أخرى فإن المؤامرات مازالت تحاك ضدكم وضد وطنكم.

لكن أنى لشعب أخذ زمام المبادرة وخرج يوم ٢١ فبراير ٢٠١١ ويوم ٢ مارس ٢٠١١ بأعداده الكبيرة الضخمة التي لم يشهد تاريخ البحرين لها مثيلا أن يستكين.

تجمع الفاتح أول درع واق لحفظ البحرين ودول المنطقة

لقد كان تجمعكم أول درع واق حفظ الله به البحرين من الاستلاب والعبث بأمنه ومصيره واستقلاله وعروبته ودينه، وحفظها من الذين كانوا يخططون لإسالة دماء أبنائه من كل الأطياف للوصول إلى أحلامهم الفئوية الخاصة على حساب المصلحة العامة وعلى حساب الأرواح والأعراض والأموال .

إن موقف هذا الشعب البحريني الأبي لم يخدم البحرين فقط، بل أدى خدمة لدول الخليج العربي كلها، فكانت محافظته على البحرين درعا واقيا لدول المنطقة أيضا من التمزيق الذي رسم لها من قبل قوى البغي والعدوان.

فتحية لكم، ولكل من وقف تلك المواقف المشرفة من كل أطياف المجتمع، نساء ورجالا، شابات وشبانا، صغارا وكبارا.

تجمع الفاتح درس يستفاد منه ولا ينسى

لقد كتب التاريخ موقفكم الفريد بمداد من النور، فهنيئا وطوبى لكم، ويحق لأبنائكم ولأحفادكم الذين لم يروه أن يفتخروا بكم وبموقفكم الرائع، لا فخرا فحسب، بل ليكون لهم درسا يستنون به ويعملون على شاكلته لحماية أمنهم وسلامتهم وحفظ أوطانهم وشعبهم ومن يعيش معهم في مستقبل أيامهم، وقولوا لهم : لا تتكلوا على ما قمنا به، ولكن كونوا دائما كما قال الشاعر العربي:

لسنا وإن آباؤنا كرمت يوما على الآباء نتكل

نبني كما كانت أوائلنا تبني ونفعل مثل ما فعلوا

محاولات النيل من التجمع

ولد التجمع ليبقى كما طلبت جماهيره، ونحن متمسكون بإرادتكم، ونتحمل المسؤولية التي كلفتمونا بها بالأساليب الديمقراطية التي نلتزم بها، ولا يضرنا ولن يضرنا من يكيد للتجمع ويعمل على تفتيته والقضاء عليه، وسنبذل كل ما في وسعنا وطاقتنا لتحقيق الأهداف التي وجد من أجلها، مستيقنين أن الله تعالى الذي قدّر وجوده من حيث لا نحتسب لن يتخلى عنا ما دمنا مخلصين له في عملنا نبتغي الأجر والثواب منه، ومخلصين لوطننا ومخلصين لشعبنا كله من غير تفرقة أو تحيز لفئة دون أخرى، وسنتمسك في التعامل معهم بالقاعدة القرآنية: «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا» ونمد أيدينا إليهم من أجل مستقبل البحرين الأفضل والأحسن .

ورغبة من التجمع في لمّ الشمل وجمع الكلمة فإنه قد دعا الجمعيات السياسية المتقاربة مع توجهاته وطروحاته لإقامة ائتلاف بينه وبينهم تحت مسمى (ائتلاف الجمعيات السياسية الوطنية) وقد بدأنا خطواتنا الأولى خلال الأيام الماضية، ومن أولى فعالياته إقامة هذا الملتقى الجماهيري اليوم.

المباركة للشعوب العربية التي ثارت على أنظمتها

وإذا كنا نحتفل بمرور عام على ظهور تجمع الوحدة الوطنية الذي نجانا الله به من الشر الذي أريد بنا انتهازا للثورات التي قامت بها بعض الشعوب العربية على أنظمتها القمعية، فإنه يسرنا أن نقدم التهاني للشعب التونسي والشعب المصري والشعب الليبي والشعب اليمني على نجاح ثوراتهم على الأنظمة التي جثمت على صدورهم، ونتمنى أن تعمل الأنظمة الجديدة على دفع بلدانهم إلى مزيد من الأمن والأمان والاستقرار والتقدم والرقي والتنمية والرخاء والترابط بين مكونات دولهم، والمزيد من الحريات المنضبطة والمشاركة الشعبية في إدارة شؤون أوطانهم.

نحن مع الشعب السوري

ونعلن أننا مع الشعب السوري حتى يحكم نفسه بالنظام الذي يتفق عليه، ونسأل الله تعالى أن يعجل لهم الفرج والنصر القريبين وأن يزيل النظام الفئوي الطاغي الذي يحكمه، وأن يتقبل شهداءهم، ويداوي جرحاهم، ويشفي مرضاهم، وأن يمدهم بمدد من عنده، إنه سميع مجيب.

وتلبية لنداء الواجب الإنساني فإننا نعلن عن تشكيل (اللجنة الطبية البحرينية لإغاثة الشعب السوري) من مجموعة من الإخوة الأطباء البحرينيين لتقديم العون لشعبنا الشقيق، وستبادر اللجنة التنسيقية لهذه اللجنة عملها مباشرة.

رسالتنا لدول مجلس التعاون الخليجي

لقد أبانت الفتنة التي حدثت في البحرين أنها لم تكن للبحرين فقط ولكنها كانت معدة لأكثر دول مجلس التعاون الخليجي، للقضاء على أنظمتها ومقدرات شعوبها وتقسيمها تنفيذا لمخطط الشرق الأوسط الكبير أو الجديد، فلا بد من الاتعاظ بما حدث، وليكن الرد كافيا لردع أي محاولات أخرى من هذا القبيل. وإذا كان المخطط قد وضع لإعادة تقسيم دولنا وتمزيقها فلتكن ردة فعلنا في الاتجاه المضاد وبذات القوة فنعمل على تحقيق الاتحاد بين دولنا بشكل أكبر وفي وقت أقصر بعد الدراسات الكافية، ولذا فإننا في ائتلاف الجمعيات السياسية الوطنية نؤكد سرعة إنجاز هذا الاتحاد بين كل دولتين أو أكثر مستعدتين لإنجازه على المستويات السياسية والدفاعية والاقتصادية والخارجية، عاملين بقوله تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا».

شعبنا الكريم الأبي

الحديث عن حوار جديد

في هذه الأيام تدور الأحاديث الصحفية والسياسية وفي المجالس عن حوار جديد يمكن أن يجرى لوضع نهاية للفتنة التي قرب عام على بدئها، ولا شك أنكم تسألون عن موقف ائتلاف الجمعيات السياسية الوطنية؟ فمن حقكم أن تعرفوا ما يتعلق بمستقبلكم ومستقبل البحرين العزيزة على قلوبنا جميعا.

لكل أزمة وحرب وفتنة نهاية كما لها بداية

لم يحدث في التاريخ كله أن حدثت أزمة أو حرب أو فتنة إلا وكانت لها نهاية كما كان لها بداية وإن طال أمدها، ولا يوجد أحد في البحرين من جميع أطياف المجتمع حتى من الذين أثاروا هذه الفتنة إلا ويريدون أن تكون لما آلت إليه الأمور نهاية، فأضرار الفتنة تعم ولا تخص، حتى إنها كما أصابت المجني عليهم أصابت الجناة، فالشر إذا نزل عم، ولقد صدق رسول الله (ص) القائل: (الفتنة نائمة لعن الله موقظها )، وبالتالي فلا غرابة أن نسمع بهذه الأحاديث عن محاولات تبذل لوضع نهاية لها.

لكن في جميع الأحوال لا يجوز لنا أن نغض الطرف عن توجهات الرأي العام، الذي وقعت عليه الأضرار المادية والمعنوية من فئات التأزيم، ونحذر من عدم إصغاء الدولة إليه أو وضع الاعتبار له.

ونحن في ائتلاف الجمعيات السياسية الوطنية لا نرتضي إلا بحل يحفظ حقوق جميع المواطنين، ويحفظ البحرين مستقلة آمنة مستقرة نامية للجميع أيضا، حلّ يؤمّن مستقبل الجميع ولذلك فإننا:

١- ضد أي عقوبة مخالفة للقانون ولقواعد السلوك والانضباط.

٢- ضد أي عفو أو تساهل عن أولئك الذين ارتكبوا أعمالا إجرامية في حق الوطن أو في حق المواطنين سواء كانوا من الأفراد العاديين أو من أفراد قوات الأمن أو ممن يتزيا بزي الدين أو بزي الأطباء.

٣- ضد التدخل في الأحكام القضائية لأنه يعني التدخل في استقلالية القضاء.

إثبات الجدية والرغبة الصادقة

ولا بد من إثبات جدية الأطراف التي تريد أن تدخل الحوار أو المشاركة فيه، ولا بد أن يقدموا ما يثبت رغبتهم الصادقة لبقية شركاء الوطن، ومن ذلك:

أولا: القبول بالجلوس مع جميع مكونات الوطن في الحوار من اليوم الأول للحوار.

ثانيا : القبول بنتائج الحوار الوطني التوافقي، إذ انه قد أتاح لجميع أهل البحرين فرصة فريدة لتقييم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والقانونية والسياسية، وما فيها من أخطاء وأخطار يجب تصحيحها، فلا يكون الحوار القادم ناسخا لنتائج الحوار السابق.

ثالثا: قبول جميع الأطراف بكل ما ورد في تقرير البروفيسور محمود شريف بسيوني باعتباره جهة محايدة، وبتحمل كل طرف مسؤوليته تجاه ما بدر منه.

رابعا: إيقاف جميع مظاهر العنف والاحتجاجات التي تعطل مصالح المواطنين وتؤثر على المصالح الاقتصادية وعلى الشارع التجاري وخاصة على القطاع الخاص بشكل أخص، حيث أثرت الأزمة بشكل مباشر على الوضع الاقتصادي كما تؤثر على حياة العاملين حاليا ومستقبليا، ويتحمل تبعته بشكل رئيسي المواطنون من ذوي الدخل المحدود والمتوسط. إن شعب البحرين لن يرتضي باستمرار تعطيل الشوارع أو احتلال أي بقعة تؤثر على حركته المعاشية والحياتية والاقتصادية، وندعو الدولة الى اتخاذ جميع الإجراءات التي تمنع مثل هذا التعطيل ولا تدع مجالا لتصرفات غير منضبطة أن تعكر صفو أمن الوطن والمواطن.

خامسا: إيقاف العنف الذي يمارس ضد الوطن والمواطنين وضد رجال الأمن، من استخدام المولوتوف والمقذوفات الحديدية والغازية وتعطيل الشوارع على مستخدميها بصب الزيت وقطع الطرق والاعتداء على دور التعليم ومراكز الأمن ودورياته.

سادسا: إيقاف العنف الموجه لمن يعيش قريبا من قوى التأزيم سواء من غير طائفتهم أو من طائفتهم ولا يرى رأيهم مما يعد انتهاكا لحقوق الإنسان دينا وعقلا وقانونا، وقد شهدت الأيام الماضية تحريق عدد من المنازل وتهديد آخرين بحرقها واعتداءات على منازل أخرى وتعكير الحياة على البعض الآخر.

سابعا : استنكار العنف الواقع على الوطن والمواطنين.

الاستعداد للمشاركة في أي حوار

وبناء على ذلك فإننا في ائتلاف الجمعيات السياسية الوطنية مستعدون للمشاركة في أي حوار بنية صادقة لإنهاء هذه الأزمة، ونبني مواقفنا على الأسس التالية : ١) رفض أي تدخل أجنبي لحل المشاكل القائمة أو التي يمكن أن تحدث مستقبلا في البحرين.

ولقد بُذلت محاولات متعددة معنا في تجمع الوحدة الوطنية من جهات خارجية مختلفة قريبة وغريبة للوساطة بيننا وبين الجمعيات السياسية الفئوية فرفضناها جميعا، وقلنا لهم بصريح العبارة: إننا لا نحتاج إلى وساطات بيننا وبين شركائنا في الوطن، ولا يمكن أن نفرط فيهم، وهم جزء لا يتجزأ منا وإن بدر منهم ما يخالف موقفنا منهم، ففي أهل البحرين من العقلاء والحكماء من جميع مكونات شعبها من يستطيع أن يقوم بواجب: «فأصلحوا بين أخويكم».

ورأيُنا فيما فعلوه بنا هو رأي إمامنا وإمامهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم وجهه عندما سئل عن رأيه في الخوارج الذين خرجوا عليه وقاتلوه فقال: «إخواننا بغوا علينا»، ولنا فيه أسوة حسنة.

ورفضنا طلبات في الداخل والخارج لإقامة مفاوضات بيننا وبين بعض الأطراف فرفضناها رفضا باتا.

كما ان موقفنا المبدئي الذي أعلناه من خطاباتنا الأولى أننا ضد إضعاف أي مكون من مكونات هذا المجتمع بمن فيهم النظام الذي يستفيد من قوته الجميع.

٢) الإصرار على تطوير النظام السياسي ولكن على مراحل بما يحقق الوضع الأفضل للوطن والمواطنين كلما اقتضت الحال وتم الاتفاق عليه بين الأطراف الوطنية.

٣) التمسك بالدولة المدنية التي تحكم بالقوانين والتشريعات المكتوبة، وتحترم جميع الأديان والمذاهب والأعراق.

٤) عدم القبول بأي محاصصة طائفية أو غيرها فما زادت هذه الحلول من رضي بها إلا ضعفا وتفرقا بعد مدة قليلة أو كثيرة، وحسبنا ما نراه في العراق ولبنان.

أزمة الاحتقان الطائفي

إن الأزمة التي مررنا بها وأخذت الصبغة السياسية في بدايتها أوقعتنا في أزمة أعمق، وهي أزمة الاحتقان الطائفي، وهذا ما يستدعي معالجتها لأنها تهدد مستقبل الأجيال القادمة إذا لم نعمل على حلها من الآن، ولا يكفي الحديث عن دعوات للمصالحة، لأن أزمة الاحتقان الطائفية نتاج تربية وثقافة تبدأ من المؤسسات الدينية أولا، وتمتد إلى البيوت ثانيا، ثم إلى المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ثالثا.

إننا ندعو القوى المعتدلة في كل مكون من المكونات الشعبية ان تتخذ مواقف واضحة وصريحة من أولئك الذين ينفخون في نار الأزمة ويستمرون في تصعيد الأزمة للوقوف أمامهم وإعلان مواقفهم المستنكرة كما فعلها بعضهم ليبتوا مواقفهم في الوقت الذي يحتاج إليه لا بعده، نعم لا بد من ثمن يدفع، ولكن إن لم يدفع الثمن الآن فإنه سيكون باهظا فيما بعد.

وللوصول إلى حلول لأزمة الاحتقان الطائفي ولإعادة العلاقات الاجتماعية وزرع الثقة بين مكونات وطننا، لا بد من :

أ- الامتناع عن كل ما يثير الحساسيات الطائفية، ووقف الحملات الإعلامية والتحريضية والخطب الطائفية التصادمية في جميع المنابر والمناسبات الدينية.

ب- التزام جميع المؤسسات الدينية بالقوانين التي شرعت لتحقيق التعايش السلمي بين أطياف المجتمع البحريني .

ت- وضع القوانين المجرّمة للأعمال والأفعال التي تثير الكراهية والبغضاء والأحقاد بين أفراد المجتمع على أسس دينية أو طائفية أو عرقية أو قبلية، وتطبيقها على المخالفين.

شعبنا الكريم الأبي

مقاومة مخطط تقسيم وتقطيع دولنا العربية والإسلامية

لقد كان من كرم الله تعالى علينا أننا جميعا قد وعينا من هذه الفتنة المخطط الذي أريد تطبيقه في البحرين بعد أن بدؤوا به في العراق الشقيق، والذي يهدف إلى إعادة تقسيم وتقطيع دولنا العربية والإسلامية على ضفتي الخليج العربي وفي غيرها من الدول العربية والإسلامية لتحقيق غرضين رئيسيين:

أولهما: إضعاف البلدان العربية والإسلامية لئلا تجتمع مواقفها في وقت من الأوقات نصرة للشعب الفلسطيني وذلك حماية لأمن إسرائيل التي اغتصبت أرض فلسطين وشردت أهلها ومزقت أوصالها.

وثانيهما: المحافظة على مصالحها البترولية في المنطقة ولو على حساب شقاء أبناء هذه البلدان ودمائهم وأشلائهم.

ومما يؤسف له أن بعض القوى السياسية الدينية الفئوية القومية المغالية ممن ينتسب إلى الإسلام أيدوا الفتنة التي حدثت في البحرين، بل ورعوها حق رعايتها، وما زالوا ينفخون في نارها حتى لا تنطفئ، لتحقيق مكاسب سياسية قومية على حساب القيم والمبادئ التي جمع الله المسلمين عليها.

إن شعبنا يؤمن بأن مطامع هذه القوى السياسية الدينية الفئوية القومية المغالية قد توافقت مع مطامع بعض القوى الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية فتماسكت أيديهم وتعاونوا في أحداث البحرين كما تعاونوا في أحداث العراق وأفغانستان.

ومع ذلك فإن اللوم إنما يقع على عاتق أولئك الذين يعلمون ما تريده سياسة الدول الكبرى ويضعون أيديهم في أيديهم ضد دولهم وشعوبهم.

القوى العالمية تضحي بالشعوب غير الغربية لتحقيق مطامعها الخاصة

إن مما يؤسف له أن السياسة التي اتبعتها القوى التي حكمت ومازالت تحكم الولايات المتحدة الأمريكية خلال العقود القليلة الأخيرة قد خرجت عن المبادئ السامية والإنسانية التي يلتزم بها الشعب الأمريكي الذي نكن له كل الاحترام والتقدير، فهذه السياسة تقوم على الاستهانة بالشعوب غير الغربية، تستهين بأرواح أبناء تلك الشعوب وأعراضهم ومقدراتهم من الثروات .

أفعال السياسة الأمريكية خلال العقود الأخيرة

لقد أساءت السياسة الأمريكية خلال العقود الأخيرة للشعب الأمريكي من خلال : ١ - استخدام المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان وغيرها لتحقيق أهداف مخططاتهم ضد الشعوب الأخرى غير مبالين بدماء وأعراض وأموال وأطفال ونساء الشعوب غير الغربية، فهذا العراق الجريح قد فقد أكثر من مليون شهيد من جميع مكوناته، وشرد من أهله أكثر من أربعة ملايين مواطن عراقي، وخرب الكثير من عمرانه، ودمرت مصانعه ومؤسساته، ونهبت خيراته من قبل السياسيين الذين أتت بهم أمريكا على ظهور الدبابات الأمريكية وسلّموا العراق لإيران، فأين منظمات حقوق الإنسان الدولية والعالمية من حقوق الإنسان العراقي بجميع مكوناته؟ وتلك أفغانستان الجريحة، أين حقوق الإنسان فيها من تجاوزات التدخل الأمريكي والغربي فيها؟ أما فلسطين وشعبها العربي فحدث ولا حرج. ٢ - استخدام نشر الديمقراطية لإيقاع الفتن بين أبناء الشعوب غير الغربية وخاصة شعوب وبلدان الدول العربية والإسلامية، فاستخدمت دعوى نشر الديمقراطية وتقرير حق المصير لتفتيت هذه البلدان على أسس دينية وعرقية واثنية، وليس السودان عنا ببعيد، وهذه الوقائع تبين ما فعلوه في مصر من تمويل لأطراف غير سياسية لتحقيق مبتغاهم في تمزيق مصر حرسها الله تعالى وحرس شعبها من كل شر.

٣ - التعامل مع الدول غير الغربية وشعوبها بمكاييل متعددة طبقا لأهداف الساسة، فبينما تقوم نائبة السفير الأمريكي عندنا بزيارة عاجلة لبيت أحد الذين مثّلوا أمام الكاميرات سقوطا على الأرض لتطمئن عليه نرى الشعب السوري يقتل يوميا بالعشرات والمئات فلا يتحرك الساسة في أمريكا لنصرة الشعب السوري رغم فظاعة ومرارة وقسوة ما يلحق الشعب السوري يوميا من نظامه على مرأى ومسمع من جميع الأجهزة الإعلامية الغربية وغيرها، لا لشيء إلا - كما يقول بعض المحللين - لأن الساسة الأمريكيين لم يجدوا حتى الآن في الشعب السوري من يحمي إسرائيل بدلا من النظام القائم على الطائفية البغيضة رغم انتهاكات كل حقوق الإنسان وانتفاء الديمقراطية من الحكم من أول يوم قام فيه، وما هي المواقف الأمريكية من حقوق الإنسان لأبناء الشعوب العربية وغير العربية المضطهدة في إيران؟ لذلك رأى الشعب الأمريكي واشتكت الحكومات الأمريكية من فترة ليست بالوجيزة من ازدياد الروح العدائية لأمريكا خلال العقود الأخيرة في كل أنحاء العالم بسبب تلك السياسة المتبعة، ومهمة محاسبة نتائج تلك السياسات تقع على عاتق الشعب الأمريكي.

شعبنا الأبي الكريم

خطة عمل التجمع

* إننا كيان سياسي مستقل يعمل على المحافظة على حقوق جميع المواطنين والمقيمين، وأن المواطنين شركاء في إدارة مقدرات هذا الوطن حقا وواجبا.

* إننا معارضة بناءة مثل المعارضات في الدول المتقدمة مهمتها المشاركة في تنمية الوطن على أسس علمية مدروسة واضحة وتصحيح المسار إذا كان فيه عوج لصالح الوطن ولتحقيق المصلحة العامة للمواطنين والمقيمين من غير أن يبغي بعضهم على بعض.

* وجوب الالتزام بالقانون وتطبيقه على جميع المواطنين من غير تمييز .

* استقلالية القضاء والنيابة العامة واحترام الأحكام القضائية .

* تحديث العمل الحكومي لتغطية ما أظهرته الأزمة من نقص وسوء أداء وإخلال بالواجب الوظيفي خلال السنين الماضية أثمر بيئة مريضة عشعشت فيها الانتهازية والمحسوبية وخيانة الأمانة والتلاعب بالمال العام وسرقته .

* مساءلة جميع المقصرين في أداء أماناتهم التي ائتمنوا عليها في وظائفهم وما أوكل إليهم من أعمال، واسترجاع ما يمكن استرجاعه من أموال الدولة وثرواتها لخزانتها، وهذا مستشفى الملك حمد الذي افتتحه جلالة الملك من قريب شاهد على ما خسرته ميزانية الدولة من أموال طائلة لم يتم الحساب عليها ولا تقديم القائمين عليها للمحاسبة .

* الحزم لتحقيق الأمن والاستقرار لجميع المواطنين، وهذه مسؤولية الدولة، وسنكون عونا لها وسندا عند الاقتضاء .

ختاما

كانت لنا مطالب شعبية أعلناها في خطاباتنا السابقة، ما زلنا واقفين مع شعبنا من أجل تحقيقها ومنها :

ُ أن تكون السلطات للشعب بشكل فعلي وليس بشكل صوري.

ُ إيكال المهمات لذوي الكفاءة والأمانة والأيادي البيضاء ومتابعتهم ومساءلتهم حتى لا ينحرفوا عن الطريق .

ُ وقفة جادة وصارمة أمام الفساد الإداري والمالي والأخلاقي والسياسي .

ُ الثقة بشباب الوطن وتربيتهم وتدريبهم مبكرا على تحمّل المسؤولية .

ُ منح قطاعات الشعب المختلفة حقها كاملا من :

أ - الخدمات العامة .

ب - الإسكان .

ج - رفع وتحسين الأجور والرواتب والمعاشات في القطاع العام.

د - إيجاد آلية لتحسين أجور العاملين في القطاع الخاص .

هـ - شمول الضمانات والتأمينات والمنح الاجتماعية غير المشمولين مثل مدربي السياقة وغيرهم .

و - إيجاد آلية لمعالجة الديون .

ز - إيجاد فرص العمل والرعاية الإنسانية .

ح - معالجة مشكلة الفقر.

وفقكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

أين الحكمة يا لوردات بريطانيا؟!

هذه الدعوة التي أطلقها عدد من اللوردات البريطانيين لا يمكن وصفها الا بأنها دعوة جاهلة خاطئة تماما وظالمة. ن... [المزيد]

الأعداد السابقة