لطالما آمنت عبر حياتي الصحفية التي تجاوزت العقد من الزمان، بأنّ أمريكا لم ولن تكون أبداً دولة صديقة، لأنّ تاريخها أبشع من أن تكون كذلك، أو أن تسير في ذلك الاتجاه!

قبل أن تربطوا الحزام، من المهم العودة إلى مقالَي الأستاذ السيد زهرة والأستاذة سميرة رجب ليوم أمس حول القضية المشتعلة في مصر هذه الأيام، وهي قضية «الدعم الأمريكي الخفي لمنظمات المجتمع المدني»!

ذلك الوصف الجميل يحمل تحته تفاصيل عن منظمات وجمعيات باتت تقوم بدور الجواسيس في بلداننا، وإليكم الخبر.

التقارير كشفت أنّ هناك ٢٥٠ جمعية ومنظمة مصرية تلقت تمويلاً أمريكياً بعد ثورة ٢٥ يناير. أكثر من ٧٥ مليون دولار أمريكي دخل مصر ما بعد الثورة، دعماً لتلك المنظمات، تحت حجة دعم المجتمع المدني!

التقارير كشفت عن مجموعة منظمات مثل DI الأمريكية (مؤسسة الديمقراطية الدولية)، IDN (الذي طُرد من البحرين)، الأميديست، وغيرها من المنظمات. قبل أن نواصل كشف تلك الأسماء، يجب التذكير بأن منظمة واحدة مثل DI، قد فضح دورها تقرير ويكيليكس، حيث أشار إلى أنها تنفّذ مخططاً أمريكيا للسيطرة على دول المشرق الإسلامي!

ولكم أن تتخيّلوا إن كان عدد المنظمات الحكومية الدولية قد وصل إلى ١٣٠ ألف منظمة في إحصائية عام ٢٠١٠، فإنّ أمريكا، حتى عام ٢٠٠٩، كانت تدفع ما يقرب من ١٠٠ مليار دولار لدعم تلك المنظمات!! ليس لسواد عيونها، ولكن لسواد الوجه الأمريكي المخابراتي الذي اقتحم جميع دولنا عبر تلك المؤسسات والمنظمات، والتي تعتبر البحرين رائدة فيها!

يموّل تلك المنظمة المشبوهة ٣٢ مؤسسة ومنظمة، من ضمنها الحكومة الأمريكية نفسها! وتنتشر في أكثر من ٤٠ دولة من دول العالم، أقربها إلينا قطر والعراق ومصر وتونس، وهناك مركز لإحدى شركاتها في أبوظبي، يعمل الليل والنهار لأهداف لا تخفى على ذي لب!

نموذج آخر، هو منظمة «فريدوم هوس»، تلك المنظمة التي تأسست في عام ١٩٤١، بدعم من وكالة المخابرات الأمريكية مباشرة، والتقاطع المخزي في قيادتها هو وجود نفس القيادات في منظمة «إيباك الصهيونية»!! الجميل في أمر تلك المنظمة أنّ لديها أكثر من ٦٧ طريقة لقلب أنظمة الحكم من خلال مؤسسات المجتمع المدني وتمويل المنظمات المشبوهة في دولنا!

طريقة الحصول على تلك الملايين سهلة، فكل ما عليك هو أن تتحوّل إلى ناشط حقوقي أو سياسي! أو تُشهر مركزاً لحقوق الإنسان، ولو كان «منحلا»؟! حينها سيجتمع الذباب عليك!

غرق منظمات ومؤسسات مصرية في وحل الجاسوسية الأمريكية، فضحته يقظة الشعب ما بعد الثورة والقضاء المصري النزيه، الذي نتمنى أن يواصل صحوته لفضح أولئك المتلبسين بلبوس حقوق الإنسان، وهم في أصلهم مجرّد جواسيس مدفوعي الثمن!

برودكاست: طالما تساءلنا عن سبب الازدياد الرهيب في عدد الحقوقيين والناشطين السياسيين عندنا، ومن يصرف على جمعيات سياسية ورموز «نص كوم»، تتاجر بحقوق الإنسان، تطير من الشرق إلى الغرب، وتعامل كأنّ على رأسها «ألف ريشة وريشة»، تحرّض وتسبّ وتشتم والدولة «صمٌ بكمٌ عمي»!

أظنّكم عرفتم الآن لماذا تخاف الدولة منهم، لأنّ خلفهم أمريكا، وسفاراتهم وسفراؤهم في دولنا، يحمونهم، ويدعمونهم بكل شيء، حتى في أجل إسقاط الدول!

آخر السّطر: ما حدث في مصر، هو جرس تنبيه لدولنا، التي امتلأت عن بكرة أبيها بتلك النوعية، من أشباه الجاسوس (أحمد الجلبي)، ومع ذلك ما زالت دولنا صامتة ولم تتعلّم الدرس بعد. صباحكم أمل وإيمان.